بغداد - ا ف ب - في تحد للتهديدات الجديدة التي أطلقها تنظيم «القاعدة»، تجمع أكثر من 300 شخص لأداء قداس الميلاد في كنيسة سيدة النجاة التي شهدت أبشع مجزرة قبل نحو شهرين أسفرت عن مقتل 44 شخصاً. وألغى مجلس الكنائس في العراق الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد واختصرها بقداس روحي وصلاة، حزناً على مجزرة كنسية النجاة. وقال عدي عبدال (28 عاماً) الذي فقد شقيقيه في مذبحة كنيسة سيدة النجاة، أحدهما رجل الدين الأب ثائر، إن «العيد هذا العام مختلف عن الأعوام الماضية». وأضاف حابساً دموعه وهو يرتدي السواد: «في العام الماضي كنا نجتمع كلنا، أنا وأمي وإخوتي والأقارب والأصدقاء، بينما في هذا العيد لا يوجد أحد منهم، فأخواي الأب ثائر ورائد ماتا في الكنيسة وأمي حالياً في فرنسا للعلاج... عدت مساء أمس من العمل إلى المنزل ووجدته فارغاً، فأغلقت الباب وتركت المنزل وبكيت طوال الليل». وكان شقيقه الأب ثائر (32 عاماً) يقيم القداس مع صديقه الأب وسيم صبيح (27 عاماً) عندما اقتحم مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة كاتدرائية سيدة النجاة وقاموا بقتلهما مع 44 آخرين، بينهم سبعة من رجال الأمن. وأقدموا بعد قتل الأب ثائر على قتل شقيقه رائد، فقامت والدتهما هدى متي بإلقاء نفسها على جثته فأطلق المسلحون ثلاث طلقات على ظهرها وساقها. وجلس المصلون أمس على كراسي من البلاستيك وأخرى حديدية، فيما لا تزال آثار الدمار على جدران الكنيسة. ووضعت صور الضحايا أمام المذبح مغطاة بالورود. وقال توماس رافو (40 عاماً) بعد انتهاء القداس: «نحن اليوم هنا، حتى يدعم بعضنا بعضاً، لندعم عائلات الضحايا، ولنتحدَّ الإرهاب... نحن لا نخاف أبداً، ومصرون على القدوم لأداء الصلاة والقداس في الكنيسة على رغم التهديدات. نشعر بالأسى والحزن بسبب الهجوم، ولايزال هذا الألم في قلوبنا بسبب فقدان أحبتنا». وقال رئيس أساقفة السريان الكاثوليك المطران متي متوكا: «رسالتنا للناس ألاّ يستسلموا ويكون لديهم رجاء في هذه الحياة... لدينا امل لأن المسيح معنا كل الوقت، وخلال كل المصاعب التي نواجهها». لكنه أشار إلى الحزن الذي يرافق المصلين بسبب الهجوم على الكنيسة، قائلاً: «هناك جرح عميق في قلب هذه الكنيسة». وأحيا العراقيون المسيحيون أمس قداس عيد الميلاد وسط تدابير أمنية مشددة إثر تهديدات جديدة بالقتل أطلقها تنظيم «القاعدة». وقال فكرت باك (52 عاماً): «لست خائفاً من المجيء إلى الكنيسة ولا الخروج إلى الشارع، وأنا مطمئن في داخلي... العراقيون تعودوا على مواجهة التهديدات والهجمات. لدينا حزن كبير، وليس خوف، إذا بقينا نخاف ستكون الكنيسة بالتالي فارغة، لذلك أنا هنا اليوم». لكن رانيا ميخائيل (35 عاماً) تقول: «أنا خائفة لكن على رغم ذلك حضرت قداس اليوم... يجب علينا أن نكون هنا اليوم، لأنه عيد مولد السيد المسيح. لا نستطيع أن نشعر بالسعادة بسبب الدموع في عيوننا، ولان احباءنا ليسوا معنا». بدوره، قال الشيخ فرحان الحسيناوي ممثل «التيار الصدري» الذي حضر القداس: «جئنا هنا اليوم لنعبر عن تضامننا مع الشهداء الذين سقطوا في الهجوم، وكذلك لتقديم التهاني لاخواننا المسيحيين بمناسبة أعياد الميلاد». وحصنت جميع الكنائس بعد حادثة سيدة النجاة بجدران اسمنتية عالية.