غوارديولا يدعو للاعتراف بدولة فلسطين، وميسي لا يعترف بوجود محرقة ضد اليهود، وإنييستا يصرّح إن الهولوكوست مجرد تخاريف لابتزاز العالم، وتشافي يندد بالحرب على غزة، وبويول يعلن تضامنه مع ضحايا سفينة مرمرة، وداني ألفيش يعبر عن احتجاجه لاستخدام الفوسفور الأبيض ضد أهالي غزة، وفالديز يدعو إلى فتح معبر رفح، وأبيدال يرفض العنصرية الممارسة ضد الفلسطينيين، وميليتو يطالب بحماية دولية للشعب الفلسطيني، وبيدرو يقترح إجراء مباراة لفريقه في غزة.. ورئيس النادي يعلن أن مقاطعة كاتالونيا ستعقد اتفاق توأمة مع غزة. كل هذا الكلام افتراضي وغير صحيح. لم نقرأه في أي صحيفة أو موقع إلكتروني، ولم نسمعه في قناة فضائية، لكننا فهمناه من صحيفة إسرائيلية أعلنت الحرب على النادي الأفضل في العالم، برشلونة، لأن إدارته وقّعت عقد رعاية مع مؤسسة قطر الخيرية بمبلغ 165 مليون يورو يقضي بأن يوضع شعار قطر تحتضن مونديال 2022 على قمصان النادي التي ظلت منذ سنوات حكراً على اليونيسيف.. ولم يعجب هذا الاتفاق صحيفة «عينان ميركيزي» التي أخرجت أسلحتها النووية وقررت تدمير «مفاعلات» برشلونة لأنها قبلت أن تنضم إلى محور الشر، وتكون بتوقيع هذا الاتفاق دعّمت الإرهاب والتطرف، ما دامت قطر تصنّف ضمن البلدان التي تأوي دعاة الإرهاب ومعاداة السامية. ولم تخف الصحيفة موقفها، وقررت التحريض على ضرب رموز البارصا، وإحراق أعلامها وقمصان لاعبيها، وإعلان الحرب عليها أينما كانت، وربما السعي لاستصدار لائحة تنديد من مجلس الأمن لتصنيف البارصا كفريق إرهابي (..). هكذا تفكر الدوائر الإعلامية الإسرائيلية التي لا تتردد في محاربة كل من تنبعث منه رائحة التعاطف مع فلسطين والقضايا العربية، وصارت معاداة السامية، لعنة تلاحق النجوم والمؤسسات الخيرية والدول، وكل من ينتقد سياسة إسرائيل يقابل بالويل والثبور وعظائم الأمور. لقد تدخلت هذه اليد الخفية في ملف مصر عندما ترشحت لاحتضان مونديال 2010 وأسرّت في أذن الفيفا أن هذا بلد يعشش فيه دعاة الإرهاب، فذهبت الأصوات إلى جنوب افريقيا، وصار الشاعر العربي أدونيس قبل خمس سنوات قاب قوسين أو أدنى من نيل جائزة نوبل للآداب لكن اليد الخفية تدخّلت في الربع ساعة الأخير لتدس في جيوب أعضاء لجنة التحكيم قصيدة كتبها أدونيس في العام 1971 بعنوان «قبر من أجل نيويورك»، فهل تمنح الجائزة لداعية إرهاب من بلد يأوي الإرهاب، فذهبت الجائزة لشاعر من جنوب افريقيا، ولما كان الفيلم الفلسطيني «الجنة الآن» أقرب لنيل الأوسكار، تدخلّت اليد الخفية قائلة أتمنحون جائزة بهذه القيمة لفيلم سيستثمر فيه إرهابيو حماس والجهاد.. فعادت الجائزة لجنوب افريقيا. ولن أقول ان جنوب افريقيا هي البديل الدائم رياضياً وأدبياً وسينمائياً، ولكن هكذا شاءت اليد الخفية التي نجحت قطر هذه المرة في الإفلات من ألاعيبها في الكواليس، لأنها ربما قامت بشلّ هذه اليد بملف لا يمكن الالتفاف عليه. إن إعلان الحرب على برشلونة، ولو من صحيفة نكرة، يحمل رسالة واضحة، هي أن الحرب بين الفلسطينيين ومن ورائهم العرب، والكيان الصهيوني، لا تقف عند المعابر والحدود والأنفاق واللاجئين والاستيطان والمفاوضات، بل تنتقل إلى حيث يكون هناك موقف داعم لهذه القضية، فاعتراف الأروغواي وبوليفيا والبرازيل وفنزويلا بالدولة الفلسطينية أهون من توقيع البارشا مع جمعية قطر الخيرية، بالنسبة للدوائر الصهيونية. لأن الاعتراف السياسي لا يحمل زخماً إعلامياً مستمراً، فسرعان ما يسقط في سلة النسيان ما دامت القضية لم تحل بعد، أما وجود اسم دولة عربية على صدر قميص أشهر فريق في العالم تتابع البلايين مبارياته، فهذا يعني أن العرب يحظون باحترام العالم.. ومن وراء ذلك تعاطف مع قضاياهم.. وأعتقد أنه كلما أحرقت الصحيفة الاسرائيلية قميصاً، اشترى العرب الآلاف أو الملايين من قمصان النادي الذي تنبعث منه عطور الأندلس... وإن غداً لناظره قريب. [email protected]