أصدرت «هيئة أوراق المال العراقية» عام 2007، تعليمات سمحت بموجبها لغير العراقيين بالتداول في أسواق أوراق المال، إلا أن التداول الأجنبي بدأ فعلياً في 2009، ليبدأ بتسجيل ارتفاع ملحوظ مع مرور السنوات. ووصل المعدل السنوي لصافي الاستثمار الأجنبي في الفترة الممتدة من 2013 إلى 2016، إلى 246.4 بليون دينار (نحو 210 ملايين دولار) وفقاً للتقرير السنوي الذي تُصدره الهيئة. وأشار التقرير إلى أن صافي الاستثمار الأجنبي ارتفع في 2016 ليسجّل 15708.1 مليون دينار، في حين بلغ عام 2015 سالباً 40301.2 مليون دينار. ويتم احتساب صافي الاستثمار الأجنبي من خلال طرح قيمة تداول الأسهم المشتراة من قبل غير العراقيين من قيمة التداول المباع من قبلهم. وسجّل حجم تداول الأسهم المشتراة من قبل غير العراقيين في 2016 نحو 53834.5 مليون دينار، في حين سجّل حجم التداول المباع 38126.4 مليون دينار. أما في عام 2015، فسجل حجم تداول الأسهم المشتراة 73200.5 مليون دينار، في حين كانت القيمة المباعة 113501.7 مليون دينار. وانخفضت مشتريات غير العراقيين 26.5 في المئة في 2016 مقارنة بالعام السابق، في حين انخفضت قيمة مبيعات الأسهم من غير العراقيين مقارنة بعام 2015، نحو 66.4 في المئة. وشهد العام الماضي ارتفاعاً في عدد الأسهم المشتراة من قبل غير العراقيين مقارنة بالعام السابق، إذ بلغ صافي الاستثمار الأجنبي 15505.5 مليون سهم في 2016، في حين وصل هذا العدد إلى سالب 110084.3 مليون سهم في 2015 نظراً إلى عدد الأسهم المباعة في 2015 والذي فاق عدد الأسهم المشتراة من قبل غير العراقيين، التي بلغت في 2016 نحو 74919 مليون سهم، في حين تم شراء 72202.2 مليون سهم في 2015. وفي ما يخص بيع غير العراقيين للأسهم، انخفض عدد الأسهم المباعة في العام الماضي إلى 59413.8 مليون سهم مقارنة بالعام السابق الذي سجل 182286.5 مليون سهم. وكانت زيادة الاستثمار الأجنبي غير المباشر أولوية لكل من هيئة الأوراق وسوق العراق للأوراق المالية في هذا القطاع الاقتصادي المهم الذي يعدّ بوابة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، كونه يعكس نشاط السوق المحلية. وتسعى هيئة الأوراق المالية إلى النهوض بقطاع الاستثمار غير المباشر بجوانبه كافة من خلال زيادة التداول بأسهم شركات القطاع الخاص المُدرجة في البورصة والبالغ عددها 98 شركة، وتطبيق التشريعات الخاصة الهادفة إلى توفير الفرص المتاحة لزيادة التداول للمستثمرين غير العراقيين في سوق العراق للأوراق المالية. وكانت أوساط اقتصادية عراقية شددت على ضرورة أن تكون سوق العراق للأوراق المالية علامة مميزة في الاقتصاد الوطني، كونها تعكس إمكانات شركات القطاع الخاص في رفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي من خلال مؤشرات أسهمها وحجم تداولاتها. وأوضح الأكاديمي الاقتصادي ماجد البيضاني في تصريح أن البورصة سعت إلى زيادة حجم التداول من خلال توعية الجمهور بحملة أطلقتها قبل سنوات لاقت نجاحاً محدوداً في حينه، ورأى أن السبب في ذلك يعود إلى أسعار الأسهم المنخفضة التي كان يتوقع الكثير من المواطنين أن تحقق أرباحاً كبيرة لهم في مدة قصيرة، على رغم أن الكثير منهم تحمّس لفكرة الاستثمار غير المباشر ودخول البورصة. وأكد أهمية الدور الذي تلعبه سوق العراق للأوراق المالية في الاقتصاد ومساهمتها في زيادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي من خلال أهدافها التي تتضمن فتح المجال لمؤسسات القطاع الخاص بإطلاق نسبة من رؤوس أموالها للجمهور للتداول، كما أنها تعدّ إحدى وسائل ضمان التمويل من خلال الادخار العمومي. وتحقق سوق المال جدوى اقتصادية مزدوجة للاقتصاد الوطني واقتصاد العائلة من خلال توظيف الأموال في استثمارات موجّهة إلى تنمية مستدامة للاقتصاد الوطني، كما تلعب دوراً واضحاً في امتصاص جزء كبير من المدخرات المحلية والأجنبية، ما يدعو القائمين على الملف الاقتصادي إلى الاهتمام بقطاع أوراق المال لمواكبة الأسواق العالمية، إذ إن الكثير من مالكي المدّخرات المالية هناك لا يجدون مجالاً للاستثمار إلا من خلال هذه الأسواق. ووفقاً لمراقبين، فإن هذه الأموال تجد طريقها إلى طالبي الأموال من قطاع الأعمال يحتاجون إليها لتمويل مشاريع على شكل استثمارات حقيقية. وصرّح الأكاديمي عماد العاني بأن آليات الاستثمار تنعكس في سوق المال على شكل زيادات في معدل الاستثمار الذي يضاعف معدلات النمو الاقتصادي من خلال استقطاب الأموال الفائضة، مضيفاً أن زيادة حركة هذه الأموال وسرعة دورانها في السوق تضفي عليها درجة عالية من السيولة. ويختلف مفهوم سيولة سوق المال عن المفهوم العام للسوق، إذ تعرّف الأخيرة بأنها قدرة الأصول على تحويلها إلى نقد بسرعة وبسهولة وبكلفة منخفضة، في حين تعرّف الأولى بأنها تداول بيع أوراق المال وسهولة تداولها وهي التي تيسّر عملية تراكم الأموال في السوق المالية. وأوضح العاني أن من أهم الأسباب التي تدفع مالكي الأموال للاستثمار في الحافظة المالية، هي أن هذه الاستثمارات تمتاز بسرعة تحويلها إلى نقد بسهولة وبكلفة منخفضة، وأن هذه الاستثمارات تتمتع بعائدات مناسبة للأفراد المتعاملين بها، لا سيما تلك الأدوات ذات الدخل الثابت، ما يدفع الأفراد المدّخرين إلى تحويل ما بحوزتهم من أموال في البنوك التجارية والمؤسسات المالية الأخرى إلى سوق المال للاستثمار في أدواتها المتنوعة العائد.