اعتبر معنيون بالنشاط الاستثماري في البورصة العراقية أن ضعف الأرباح المسجلة جرّاء تداول الأسهم بيعاً وشراءً، يُعدّ من أسباب عزوف الجمهور عن الاستثمار غير المباشر في السوق العراقية للأوراق المالية، فضلاً عن ضعف الوعي وقلة الخبرة في هذا المجال، ما يكرّس تفضيلهم الاستثمار بالأصول الثابتة والعقارات وغيرها. ويرتبط ذلك أساساً بطموح عدد كبير من المواطنين بمضاعفة الأرباح والحصول على المكاسب السريعة من خلال أنواع الاستثمار المباشر وغير المباشر، إلا أن النوع الأخير من الاستثمار يواجه تحديات لعل أبرزها أسعار الأسهم وأرباحها السنوية أو الفصلية. ويدعو قسم كبير من المستثمرين إلى إعادة النظر في سعر السهم في البورصة، إذ يعتبره عدد من المواطنين غير مشجع. وأوضح بعض المستثمرين أن المعروض من الأسهم أكبر كثيراً من المطلوب، وجاء نتيجة زيادة رؤوس أموال المصارف إلى 250 بليون دينار (210 ملايين دولار)، عاكساً بذلك الأثر السلبي في أسعار الأسهم. ورأت أوساط معنية أن أسعار أسهم بعض الشركات لا تزال دون دينار واحد، في حين تبلغ أسعار أسهم شركات أخرى 4 دنانير. وأضافت أن سعر السهم في البورصة غير مشجع، داعية إلى إعادة النظر فيه بما ينسجم وطموح المستثمرين، فضلاً عن أن زيادته ستساهم في جذب عدد أكبر من المستثمرين، سواء محليين أو أجانب. وقال المدير التنفيذي للسوق العراقية للأوراق المالية طه احمد عبدالسلام إن «أسعار الأسهم تأثرت أيضاً بانخفاض مؤشرات الأداء للشركات المساهمة عام 2015، وانعكاسه على حجم الأرباح المحققة والأرباح الموزعة بين المساهمين بسبب الزيادات غير المبررة في رؤوس أموال الشركات، خصوصاً في القطاع المصرفي، والتي أدت إلى أن تكون ربحية السهم الواحد منخفضة بسبب زيادة عدد الأسهم المصدرة». وأشار إلى أن «عدم إضافة خدمات أو منتجات جديدة بمواصفات مقبولة للمستهلك العراقي في ظل سياسة الاستيراد غير المنضبطة من قبل القطاع الخاص، ساهم بالتأثير في أسعار الأسهم»، مقترحاً تطبيق إجراءات لجذب الاستثمار إلى الاقتصاد، تشمل متابعة ومراقبة أداء الشركات المساهمة وفقاً لمعايير عالمية من قبل الجهات الرقابية كافة، ومتابعة نسبة المنجز من خططها المعلنة، والاهتمام بالإفصاح السنوي والفصلي ونصف السنوي». وأكد أهمية تعديل قوانين العقوبات لتشمل معاقبة الإدارات المقصرة والمخالفة للقوانين والتعليمات، وليس معاقبة الشركات لأن الغرامات التي تُفرض على الشركة تخفض الأرباح المحققة والموزعة، وبالتالي ينخفض سعر سهمها في سوق المال. وعن الأسباب التي تمنع المواقع العربية الاقتصادية من الاهتمام بنشرة التداول اليومية للسوق، في وقت تنشر نشاطات دول لا تملك شركات خاصة كبيرة ولا اقتصاداً كاقتصاد العراق، أوضح عبدالسلام أن «أسهم الشركات العراقية غير مسجلة في أي سوق دولية من خلال شهادات الإيداع الدولية، لذلك لا تُنشر الأسعار على المواقع الدولية». وأضاف: «لم يرتفع عدد المستثمرين في سوق العراق للأوراق المالية بعد عام 2014 لأسباب تتعلق بانخفاض حجم الناتج المحلي الإجمالي وتراجع المؤشرات الاقتصادية، إضافة إلى الانكماش الاقتصادي بسبب انخفاض الإنفاق العام والخاص». وكانت أوساط اقتصادية شدّدت على ضرورة أن تكون سوق العراق للأوراق المالية علامة مميزة في الاقتصاد الوطني، إذ تعكس إمكانات شركات القطاع الخاص في رفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي من خلال مؤشرات أسهمها وحجم تداولاتها. وأوضحت أن البورصة العراقية سعت إلى زيادة حجم التداول من خلال توعية الجمهور عبر حملة أطلقتها قبل سنوات، لاقت نجاحاً محدوداً حينها. وعزت ذلك إلى أسعار الأسهم المنخفضة التي كان كثير من المواطنين يتوقع أن تحقق أرباحاً كبيرة لهم في مدة قصيرة، على رغم أن الكثير منهم تحمّس لفكرة الاستثمار غير المباشر ودخول البورصة. وشددت الأوساط الاقتصادية على أهمية الدور الذي تلعبه سوق العراق للأوراق المالية في الاقتصاد، ومساهمتها في تعزيز الناتج المحلي من خلال أهدافها التي تتضمن فتح المجال لمؤسسات القطاع الخاص عبر إطلاق نسبة من رؤوس أموالها للجمهور للتداول، كما تعد إحدى وسائل ضمان التمويل من خلال الادخار الحكومي.