«أنظر الى نفسي بوصفي شخصية مرنة، إذا تغيّر العالم، أتغيّر». هكذا وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه هذا الشهر، وقبل 48 ساعة من إعطائه ضوءاً أخضر لتنفيذ واشنطن أول ضربة عسكرية تستهدف نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والتي تتصدر أهم قراراته، مع مرور أول مئة يوم من حكمه. ويعتبر دنيس روس الذي كان مستشاراً للرئيس السابق باراك أوباما أن ترامب، الشعبوي ورافع شعارَي «منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة» و «الاستيلاء على نفط العراق» خلال حملته الانتخابية، تحوّل إلى «نهج تقليدي» في الحكم. فالتحديات الداخلية والدولية التي واجهت الإدارة الجديدة، واصطدامها بالقضاء وبأجهزة الاستخبارات والكونغرس، في شأن ملفات منع الهجرة وعلاقة مستشارين سابقين لترامب بروسيا وسقوط مشروع الرئيس لإلغاء برنامج الضمان الصحي (أوباماكير)، فرضت إعادة حسابات وتغييرات داخل الفريق الرئاسي، عكستها استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، وصعود المعتدلين، مثل ابنة الرئيس إيفانكا وزوجها جاريد كوشنير، في مقابل إضعاف الخط المتشدد، ممثلاً بالمستشار ستيفن بانون وكاتي ماكفارلاند وكيليان كونواي. وقال روس ل «الحياة» من مكتبه في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، إن ترامب تحوّل بعد الأيام المئة الأولى إلى ممارسة «نهج تقليدي، في محاولته رصّ التحالفات، بدل التشكيك بها، وجعل السياسة الخارجية محوراً أساسياً في سياسته، من خلال زيارات قياديين أوروبيين وشرق أوسطيين» إلى واشنطن، وإجراء نائب الرئيس مايك بنس ووزير الدفاع جايمس ماتيس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.إي) مايك بومبيو جولات أوروبية وشرق أوسطية وآسيوية. ورأى روس أن ترامب عاد إلى «الاتجاه السائد» في السياسة الأميركية، متخلياً عن فرض غرامات جمركية على البضائع الصينية، لنيل تعاون بكين في كبح كوريا الشمالية. وفي أدائه الخارجي، يشير روس إلى أن ترامب «يرغب في القول: لست أوباما»، معتبراً أن ذلك كان جلياً في أن الضربة العسكرية على النظام السوري، والتي «نُفذت بسرعة وبلا تردد، أعادت عرفاً دولياً بعدم إمكان استخدام سلاح كيماوي بحصانة، ولو أنها لم تحمل استراتيجية متكاملة ضد داعش». وتابع: «الانطباع الآن أن (ترامب) ليس أوباما، ولا ينسحب من المنطقة ولا يرى إيران جزءاً من الحلّ». ويحضّ روس على استراتيجية متعاضدة للشرق الأوسط، تبني على هذه النقاط وتتفادى أخطاء أوباما، إذ إن «عدم التحرك كان مكلفاً أكثر من التحرك». ويدعو الى وضع مقاربة «أمنية واقتصادية وسياسية متعاضدة، تتعامل مع ملفات عملية السلام والتصدي لداعش وإيران». ولاحظ روس أن نهج ايران في الشهور الثلاثة الأولى لعهد ترامب «هو أكثر تشدداً لفظياً»، مستدركاً: «لا نعرف عملياً ما ستحمله الاستراتيجية». ولفت إلى أن هناك «وضوحاً أكثر وفهماً لمَن هم أصدقاؤنا، وأن هناك تطلّعاً إلى التصدي لإيران ولداعش، إذ إن تطرف الأولى يغذّي الثانية». ويحدّد روس نقطة القوة في فريق ترامب واستراتيجيته الخارجية، بمثلث ماتيس ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر ووزير الخارجية ريكس تيلرسون. ويمنح هذا المثلث قدرة على تغيير سياسة ترامب في شأن روسيا، وإعادتها إلى «الاتجاه الصائب، بالتعاون حول نقاط التلاقي في المصالح، والافتراق والردّ حيث هناك تهديد لمصالح أميركا». ويشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتمد «أسلوب المعاملات ويفهم هذه اللغة». ويرى أن الإدارة الجديدة تسير بنمط «واقعي وغير مستعجل ومقاربة مدروسة» في شأن عملية السلام في المنطقة، مرجّحاً دوراً أكبر للدول العربية، من دون استعجال في تبنّي مبادرات. واستبعد اتفاق سلام وشيكاً، مشدداً على أهمية «كسر الجمود والعودة إلى المفاوضات» بين اسرائيل والفلسطينيين.