وصلت الأزمة بين السلطتيْن التشريعية والقضائية في مصر إلى مرحلة الصدام بعد تمرير مجلس النواب غير المتوقع تعديلات على قانون الهيئات القضائية كان ممثلو القضاة في كل الهيئات القضائية رفضوها، ما أثار غضب القضاة، فدعو الى اجتماع لرؤساء أندية الهيئات القضائية مساء أمس لبحث سبل الرد على تجاهل رأيهم في القانون المُنظم لعملهم. وتمنح التعديلات التشريعية التي أقرها البرلمان مبدئياً الحق لرئيس الجمهورية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة من شيوخ القضاة تُرشحهم هيئاتهم، وتُرسل أسماؤهم الى رئيس الجمهورية لاختيار رؤساء الهيئات القضائية، علماً أن الآلية المتبعة حالياً هي اعتماد مبدأ «الأقدمية المطلقة» بأن يُرسل اسم أقدم نائب لرئيس كل هيئة قضائية لمؤسسة الرئاسة لإصدار قرار بتعيينه رئيساً لها. وألزم الدستور البرلمان أخذ رأي الهيئات القضائية في ما يتعلق بمشاريع القوانين المنظمة لأعمالهم، وإعمالاً لهذا النص، أرسل البرلمان المشروع إلى الهيئات القضائية، وإلى مجلس الدولة المُكلف دستورياً إبداء الرأي في مدى دستورية مشاريع القوانين قبل إصدارها. ورفضت الهيئات القضائية القانون كافة وأخطرت مجلس النواب بالرفض، وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء ومحكمة النقض، أعلى محكمة جنائية في مصر، والمجلس الخاص في مجلس الدولة، ونادي قضاة مصر. ورأى مجلس الدولة في مذكرة أرسلها الى البرلمان متضمنة رأيه في مشروع القانون، أنه «غير دستوري» لما يمثله من «مس باستقلال السلطة القضائية». ويرى البرلمان أن الدستور كفل له حق التشريع، فيما يقول شيوخ القضاء أن هذا الحق «ليس مطلقاً من كل قيد»، بل مقيد بالمبادئ العامة التي تكفل التوازن بين سلطات الدولة، وأهمها مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء. وطلب القضاة تدخل رئيس الجمهورية لحل الأزمة. والتقى قبل أيام رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال ممثلي القضاة، وبدت بوادر لحل الأزمة، لكن فوجئ القضاة بتمرير القانون في شكل نهائي خلال الجلسة العامة للبرلمان أمس، حتى من دون مناقشة ملاحظات مجلس الدولة على المشروع. وكان يُنتظر أن تناقش الجلسة العامة تقرير مجلس الدولة عن القانون الذي رفعته اللجنة التشريعية إلى نواب البرلمان، لكن تم تجاهل الأمر، وطُرح المشروع بصيغته التي رفضها القضاة للتصويت، وسط اعتراض نواب طلبوا عرض تقرير مجلس الدولة عن رأيه في القانون، فتم تجاهلها أيضاً، ليطلب رئيس البرلمان التصويت مباشرة، ثم يُعلن موافقة البرلمان على مشروع القانون. وقال رئيس نادي قضاة بني سويف المستشار محمد عصمت ل «الحياة» إن ما حدث يمثل «انتكاسة» للقضاء المصري لن تمر مرور الكرام. وأوضح أن ممثلي القضاة سيدرسون سبل التصدي لتلك «الانتكاسة»، لافتاً إلى أن القانون لن يكون نافذاً إلا بتصديق رئيس الجمهورية، لذا يمكن الطلب من الرئيس عدم التصديق عليه، وفي حال بات القانون نافذاً، فهناك فرصة للطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا.