أعلنت أندية هيئات وجهات قضائية في مصر «رفضها القاطع» مشروع قانون يمنح رئيس الجمهورية صلاحية اختيار رؤساء محكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية من ثلاثة قضاة ترشحهم هيئاتهم، بدل قاعدة الأقدمية المطلقة المعمول بها. ويتضمن مشروع القانون الذي اقترحه عضو في اللجنة التشريعية في البرلمان، تعديل نصوص المواد الرقم 44 من قانون السلطة القضائية والرقم 84 من قانون مجلس الدولة والرقم 16 من قانون هيئة قضايا الدولة، والرقم 35 من قانون هيئة النيابة الإدارية، لنقل صلاحية اختيار رؤساء الهيئات إلى الرئيس. وعقدت أندية الهيئات والجهات القضائية اجتماعاً طارئاً في مقر «نادي قضاة مصر» في القاهرة، أصدرت بعده بياناً قالت فيه إن «الثوابت والأعراف القضائية تواترت واستقرت على الاختيار بالأقدمية المطلقة منذ إنشاء الهيئات والجهات القضائية وحتى الآن، باعتباره معياراً موضوعياً لا تدخل فيه الأهواء». وأشار البيان إلى أن «الدساتير المتعاقبة، ومنها الدستور الحالي، استقرت على مبدأ الفصل بين السلطات، وأن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة، وأن استقلال القضاء وحصانته وحياده ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات». وأكد أن «السلطة القضائية مستقلة والتدخل في شؤون العدالة والقضايا جريمة لا تسقط بالتقادم». ولفت إلى أن «الدستور استقر على أن تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شؤونها، ويؤخذ رأيها في مشاريع القوانين المنظمة لشؤونها». وقال إن «الشعب المصري الذي تصدر الأحكام باسمه، يعلم أن مبدأ استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه، شُرّع من أجل حسن سير العدالة وكضمانة أساسية للمحاكمات العادلة»، مشدداً على أن «من موجبات استقلال القضاء أن يتولى أعضاء الهيئات والجهات القضائية اختيار رؤسائها وفقاً لمبدأ الأقدمية الراسخ في ضمير كل قاضٍ». ورأى أن «استقلال القضاء ليس غاية في ذاته لحماية وصون رجال القضاء، وإنما ضمانة لتحقيق العدل والمساواة». ونفى المجلس الأعلى للقضاء في بيان مناقشته مشروع القانون المقترح، مشدداً على أن «هذا التعديل لم يُعرض على المجلس ولم تُطرح أي آلية جديدة لاختيار رئيس المجلس ورئيس محكمة النقض». وأشار إلى أن «المجلس الأعلى للقضاء هو صاحب الحق الوحيد، طبقاً للدستور والقانون، في إبداء الرأي في مشاريع القوانين المتعلقة بشؤون القضاء والنيابة العامة». وكان وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي نأى بالحكومة عن هذا المشروع، مشدداً على أن «الحكومة لا علم لها بهذا الاقتراح، وفوجئت به». وقال إن هذا التعديل «مرفوض لأنه يخل بمبدأ الأقدمية المعمول به بين القضاة». وتضامنت «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» مع رفض القضاة التعديل المقترح، ونبهت إلى أن «استقلال السلطة القضائية أحد مبادئ النظام الديموقراطي»، معتبرة الاقتراح «عدواناً على استقلال السلطة القضائية وتدخلاً في أعمالها». ونبهت إلى أنه «يؤدي إلى تقويض سلطات الدولة، بسبب الأزمة التي سيثيرها بين السلطات الثلاث».