أثارت مبادرة أطلقتها الجماعة الإسلامية في مصر لحلحلة الوضع الأمني في سيناء، جدلاً واسعاً في الأوساط المصرية، فبدت «فاشلة وعديمة الأثر من البداية»، وكان لافتاً أنها طالبت الجماعات المسلحة في سيناء والجيش المصري، على حد سواء، بوقف إطلاق النار، وإطلاق مؤتمر للمصالحة الوطنية يخلص إلى إطلاق سجناء وإصدار عفو عن محكومين. وأوضحت الجماعة في المبادرة أنه «في ظل تفاقم الأزمة في سيناء وتداعياتها على سائر أنحاء القطر المصري، ومع تشابك الكثير من المشكلات وتداخل العديد من العوامل وتعقّدها، ترى من خلال هذه المبادرة أن تفكيك هذه الأزمة ينبغي أن يمر بأربع مراحل. وطالبت ب «إعلان المجموعات المسلحة في سيناء وقفاً للعمليات يبدأ الثلثاء المقبل، وقيام الحكومة المصرية بوقف المداهمات والملاحقات في التوقيت نفسه، والدعوة والإعداد إلى مؤتمر وطني يضم القبائل في سيناء وكل الأطراف المؤثرة للدخول في حوار مفتوح لدرس مشكلات أهل سيناء وطرق حلها، ورفع حال الطوارئ وتخفيف الإجراءات الأمنية المشددة مع تماسك حال وقف العمليات المسلحة»، اضافة الى تخفيف حال الاحتقان في شكل أكبر من خلال الإفراج عن غير المتورطين وإعادة المهجّرين من أهل سيناء إلى ديارهم، قبل إعلان إسقاط التهم عن كل من يلتزم مخرجات الحوار، على أن يصل الأمر إلى إتمام عملية المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي من خلال إصدار عفو شامل. ودعت الجماعة الإسلامية الأزهر الشريف إلى قيادة تحرك وطني جامع يتبنى هذه المبادرة أو يعدلها أو يستبدل بها ما يراه حلاً مناسباً للخروج من هذه الأزمة. من جانبه، رأى الخبير الأمني خالد عكاشة أن المبادرة «إعلامية تستهدف إعادة الجماعة إلى واجهة المشهد»، وقال ل «الحياة»: «من الغريب أن تصدر تلك المبادرة من الجماعة الإسلامية التي توجه كثير من أعضائها إلى سيناء وكانوا نواة للتنظيمات الإرهابية هناك، بالإضافة إلى قادتها الذين عادوا من الخارج في أعقاب ثورة كانون الثاني (يناير)، كما أن الكثير من أعضائها تورط في مهاجمة المنشآت المسيحية، خصوصاً في محافظة المنيا (صعيد مصر) بعدما انقلبت الجماعة على مبادرة وقف العنف في أعقاب عزل جماعة الإخوان من الحكم». وأضاف: «هذه المبادرة شيء من العبث، اذ تم استخدام مجموعة من العبارات المفخخة، وكأنهم يساوون بين الجماعات الإرهابية والجيش، مطالبيين إياهم بوقف إطلاق النار، ويطالبون الجيش بعدم القيام بدوره الوطني في عدم ملاحقة الإرهابيين... لا فوارق كبيرة بين الجماعة الإسلامية وداعش على الصعيدين الفكري أو التنظيمي»، مؤكداً أن الحلول في سيناء «بعيدة كل البعد من تلك المبادرة التي تهدف بالأساس إلى إعادة تدوير النفس». ويتفق الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي مع حديث عكاشة، في كون تلك المبادرة «عديمة الأثر»، مشيراً ل «الحياة» إلى أن الجماعة الإسلامية «لم يعد لها دور، وبالتالي تسعى إلى إثبات الوجود من ناحية، وتوجيه رسائل لاختبار الدولة من ناحية أخرى». واعتبر انها «أطلقت خلال السنوات الثلاث الماضية عشرات المبادرات التي لم تلق أي صدى»، مضيفاً: «المبادرة استخدمت عبارات عبثية، فكيف يتم المساواة بين الجيش والجماعات الإرهابية في سيناء، ويطالبون الطرفين بوقف إطلاق النار؟ هذا عبث ومبادرة فاشلة»، مشيراً إلى أن التنظيمات الإرهابية في سيناء «لن تستمع إلى مثل تلك المبادرات».