أثنى رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري على موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي لرفضه الفراغ في البرلمان وقوله في حديثه لمحطة «أل بي سي» ليل الخميس الماضي: «لا توقعوا البلد في الفراغ. وبين الفراغ والستين فلتتم الانتخابات على أساس الستين، فلتبق الطبقة السياسية ثابتة على موقفها». وقال زوار الرئيس بري ل «الحياة» إنه اعتبر أن البطريرك الراعي «قال كلاماً منطقياً حين اعتبر أن بديل التمديد اعتماد قانون الستين على رغم قوله رفضوا الستين واليوم يريدون التمديد». وأضاف بري بحسب قول زواره: «حين يقول البطريرك إن قانون الستين بديل التمديد يعني أيضاً أنه بديل الفراغ. وأقول ذلك ليس لأني مع الستين فأنا من قلت لا للستين ولا للتمديد ولا للفراغ. فهل يعقل أن نصل للاستحقاق من دون أن يحيلوا قانوناً بديلاً له. القانون لا يلغيه إلا قانون. وهذا مبدأ دستوري يحاسب عليه الدستور خصوصاً حين يأتي موعد الانتخابات ولا تجريها السلطة التنفيذية. بأي منطق نلغي القانون النافذ إذا لا قانون بديل؟». وأوضح بري لزواره أنه ينتظر أن يتوصل الفرقاء لمشروع قانون خلال ما تبقى من مهلة الشهر التي أتاحها تأجيل الجلسة النيابية بقرار رئيس الجمهورية ميشال عون والتي كانت مقررة الخميس الماضي. وقال زوار بري ل «الحياة» إنه روى مرة أخرى أمامهم ما قاله للبطريرك الراعي حين اتصل به مهنئاً على تجاوبه مع طلب الرئيس عون تأجيل انعقاد المجلس النيابي مدة شهر وفق صلاحياته التي تنص عليها المادة 59 من الدستور. وقال بري إنه قال للراعي أنه إذا كانوا لم يتفقوا على قانون انتخاب جديد طوال المرحلة الماضية كلها، فماذا يحل بنا إذا حصل الفراغ النيابي وصرنا أمام حالة قيام مؤتمر تأسيسي؟ هل من الممكن أن يتفقوا على دستور جديد؟ وأضاف: «أنا حددت موعداً للجلسة (الخميس الماضي) بعد أن تبين لي أن مجلس الوزراء اكتفى باجتماع واحد الإثنين الذي سبق، وأوكل قانون الانتخاب إلى لجنة وزارية، بعدما كانوا تحدثوا عن اجتماعات مفتوحة، بينما إحالة الأمر على لجنة لا يدل على جدية فكم لجنة شكلت لهذا الأمر ولم تتوصل إلى شيء». وحين سأله زواره عما سيكون الوضع إذا لم تنته فرصة الشهر التي أتاحها تأجيل التمديد إيجاباً قال: «الجلسة التي حددت موعدها في 15 أيار (مايو) ستبقى قائمة. وحددتها في هذا التاريخ على رغم أن مهلة الشهر تنتهي في 13 أيار، لكنه يصادف يوم سبت، و14 أيار يوم أحد. والجلسة ستبقى قائمة إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق على قانون انتخابي. في كل دول العالم يتم الاتفاق على قانون الانتخاب بالتصويت. وربما هو أهم القوانين لكن في لبنان لا يمكن إنجاز قانون الانتخاب إلا بالتوافق نظراً إلى أهميته». وعلق بري على سؤال من أحد زواره عما إذا كان دعا إلى الجلسة التي حددها الخميس الماضي مع تقديره المسبق أنها كانت ستؤجل وأن هناك من اقترح عليه تأجيلها، هز برأسه نافياً ذلك. وقال للسائل:» لمعلوماتك. كانت الجلسة قائمة وكنت حجزت للنواب غرفاً في فندقين في محيط البرلمان احتياطاً من محاولات منعهم من الوصول إلى البرلمان. ولو أرادوا منع النواب من الوصول لم يكونوا لينجحوا ولكانوا وجدوا أننا أخذنا الاحتياطات اللازمة في هذا الصدد، ولكانت الجلسة النيابية عقدت بحضور 86 نائباً ولكان النواب المسيحيون منهم أكثر من النواب المسيحيين الذين كانوا سيقاطعون». لا مشكلة مسيحية اسلامية ويكتفي بري بالتعليق على المشروع الأخير الذي قدمه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لقانون الانتخاب ويقضي بالتأهيل على مستوى القضاء وعلى النظام الأكثري باقتراع ناخبي كل طائفة لمرشحيها، بالقول: «أنا اقترحت التأهيل لكن أنا كنت أريد أن تخرج نقانق لكنه أخرج خنزيراً». وينتقد بري كما بات معروفاً، نص المشروع على أن يتأهل فقط مرشحان ليتنافسا في المرحلة الثانية على النظام النسبي. وأردف لزواره: «قالوا إنهم يريدون تصحيح التمثيل المسيحي وزيادة عدد النواب المسيحيين الذين ينتخبهم مسيحيون، فتبين لنا أن ما يسعون إليه هو ضمان ألا ينتخب بعض المسيحيين وكيف يتم إبعادهم. ولذلك ليس صحيحاً ما يقال إن ما يجري هو مشكلة مسيحية إسلامية على القانون. إنه يتعلق بالوضع في الساحة المسيحية». ونسب زوار بري إليه قوله: «قدمنا مشروعاً يضمن انتخاب 52 نائباً مسيحياً من المسيحيين و51 نائباً مسلماً من المسلمين، وهو قانون النسبية الكاملة، ولم يرضوا به». وأوضح هؤلاء أن بري تلقى معلومات أن اللقاءات بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» حول مشروع الوزير باسيل قد تزيد الاعتراضات عليه إذا صحت. وقال هؤلاء إن «القوات» تريد جعل الأقضية المسيحية في الشمال في دائرة انتخابية مستقلة في ما يخص إجراء الاقتراع في المرحلة الثانية على النظام النسبي، كما أنها ترغب في نقل مقاعد نيابية مسيحية من طرابلس وبيروت والبقاع إلى دوائر أخرى. من جهة أخرى، أوضحت مصادر سياسية بارزة ل «الحياة» أن تأجيل الجلسة بناء لطلب عون أدى إلى استنفاد لعبة الوقت والمهل التي تسمح لرئيس الجمهورية بالتحكم بخطوة التمديد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على قانون الانتخاب قبل 15 أيار المقبل. وقالت المصادر إن بري بإصراره على عقد جلسة الخميس الماضي، على رغم ما تردد بأن «حزب الله» اقترح عليه تأجيلها لتجنب مواجهة مع «التيار الحر»، دفع برئيس الجمهورية إلى استخدام ورقة الدستور بتأجيل انعقاد البرلمان لمدة شهر بحيث لم يعد ممكناً استخدامها مرة أخرى في أيار المقبل لأن الدستور يعطيه هذا الحق مرة واحدة خلال العقد البرلماني العادي الواحد الذي ينتهي في 31 أيار، بينما تنتهي ولاية البرلمان في 20 حزيران (يونيو)، أي بعد 20 يوماً من انقضاء العقد العادي، ما يحول دون اجتماع النواب في انتظار العقد العادي الثاني في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وأضافت المصادر أنه بهذه الطريقة احتفظ بري بعامل الوقت بيده، فإذا حل 15 أيار من دون التوصل إلى قانون جديد سيلجأ إلى طرح اقتراح القانون المعجل المكرر للتمديد للبرلمان خلال الجلسة النيابية، تفادياً للفراغ. وسيكون على عون أن يوقعه بعد إقراره، خلال 5 أيام، وإذا اعترض عليه ورده للمجلس فسيكون الوقت المتبقي كافياً كي يعود البرلمان للتأكيد عليه، في الأيام التي ستلي الأيام الخمسة، وفق نص الدستور، ليصبح نافذاً حكماً. وإذا توصلت الحكومة إلى اتفاق على القانون ستضطر في كل الأحوال إلى اقتراح التأجيل التقني لموعد إجرائها، في إحدى مواده، لأن الوقت المتبقي حتى 20 حزيران غير كاف. وهو ما يوجب التمديد للبرلمان أشهراً لإجراء الانتخابات على أساس القانون الجديد، إفساحاً في المجال أمام التحضيرات لتأقلم الناخبين والإدارة اللبنانية والمرشحين مع بنوده واحترام المهل القانونية لدعوة الهيئات الناخبة (90 يوماً قبل الاقتراع) والدستورية (60 يوماً قبل نهاية الولاية).