كشف وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين، أن المملكة خلال ال30 عاماً الماضية سحبت نحو 460 بليون متر مكعب من المياه، معتبراً أن هذه الكمية تعد ضخمة، في ظل ظروف المملكة المائية. وأشار في مداخلة خلال لقاء نظمه منتدى الرياض الاقتصادي أخيراً، وناقش دراسة حول الأمن المائي والغذائي في المملكة إلى أن المياه في الطبقات العميقة عالية الملوحة، وقد تتعرض لآثار إشعاعية، وبالتالي لا يمكن استخدامها. واعتبر أن الأمن المائي والغذائي ليس معناه أن توفر الدولة الغذاء محلياً، وأن معظم دول العالم لديها أمن غذائي، مشيراً إلى أن اليابان لا تمتلك أراضي كافية للزراعة، لأنها محاطة بالمياه من جميع النواحي، لكنها اتجهت لصيد الأسماك، وتقوم باستيراد كامل أو معظم الغذاء، والشيء نفسه ينطبق على كوريا الجنوبية. وأوضح أن جميع مستلزمات الإنتاج الزراعي في المملكة مستوردة من الخارج مثل الآلات والمضخات والحصادات والتقاوي والأسمدة والمبيدات والعمالة، ولا يدخل في الإنتاج إلا الأراضي والمياه فقط. وبيّن الحصين أن توزيع المياه الجوفية أو السطحية على المناطق غير متوازن، مشيراً إلى مياه سد تهامة الذي يستخدم نحو 90 في المئة منه في المنطقة، إذ لا يمكن نقل المياه إلى مناطق أخرى للاستفادة منها، كما أن كلفة المياه المحلاة لم تنخفض طوال الأعوام السابقة بل زادت، ويعتبر استخدام الطاقة النووية كحل بديل مكلفاً للغاية. ودعا وزير المياه والكهرباء إلى ضرورة الترشيد في استهلاك المياه، مبيناً أن هناك عبئاً آخر يضاف إلى الأعباء التي تثقل كاهل المملكة من الناحية المائية، وهو أن المملكة تمتلك نحو 17 مليون رأس غنم، تعتمد في تغذيتها على الأعلاف والشعير المستورد، والذي تعد المملكة من أكبر مستورديه، إذ تستورد منه نحو 40 في المئة من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى استيراد الأغنام الحية وتسمينها محلياً، وكل ذلك يعتمد في غذائه على الزراعة والمياه. وقال: «نحن الآن نصدر المياه لدول بها أنهار، عبر تصدير الحليب والعصائر، التي تعتمد في صنعها على استخدام المياه». وناقش المنتدى دراسة حول الأمن المائي والغذائي في المملكة، في حضور رئيس مجلس أمناء المنتدى المهندس سعد بن إبراهيم المعجل، وعدد من المعنيين والمهتمين بالشأن المائي والغذائي والتنمية المستدامة في المملكة من القطاعين الحكومي والخاص ورجال وسيدات الأعمال. وأكد المعجل أهمية موضوع الدراسة، واصفاً إياه بأنه يشغل بال وفكر المسؤولين والمواطنين على حد سواء، لما تتسم به ظروف المملكة من ندرة المياه في ظل محدودية المياه الجوفية التي تكونت عبر آلاف السنين، وفي ظل ضعف معدلات الأمطار اللازمة لاستعاضة المسحوب منها، وعدم توافر أنهار، وارتفاع معدلات استهلاك القطاع الزراعي للمياه، سعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية. وقال ان الأمر يحتاج إلى المواءمة والتكامل بين مختلف السياسات، من أجل تحقيق التوازن المنشود بين البيئة والتنمية المستدامة على المدى الطويل لمصلحة الأجيال المقبلة. وتناولت حلقة النقاش آخر ما توصلت إليه الدراسة من نتائج ومعلومات حول مشكلة الأمن المائي والغذائي، والسياسات والبرامج المقترحة لتحقيق التوازن بينهما، مستعرضة أهم التوصيات الأولية للدراسة. وطالبت الدراسة بضرورة تنمية الموارد المائية والمحافظة عليها، وتكثيف أساليب ترشيد المياه لكل الأغراض، وسن تشريعات وأنظمة تدعم برامج ترشيد وصيانة وتنمية المياه، إلى جانب دعم وتشجيع صناعة الأعلاف، وتحديد برامج وآليات جديدة لتحقيق الأمن المائي والغذائي وفق رؤية الدراسة.