يعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في مالطا اليوم، الخطوط العريضة للرد الأوروبي على رسالة الصفحات الست الذي أبلغته فيها رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي قرار بلادها رسمياً مغادرة الاتحاد. وعلى الفور، برزت خلافات أساسية على أولويات المفاوضات بالنسبة إلى كل من الجانبين، إذ توقف المراقبون في بروكسيل على ما ورد في الفقرة الثالثة من الصفحة الرابعة في رسالة ماي حول «الرغبة في التوصل إلى اتفاق حول شراكة عميقة وخاصة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تشمل التعاون الاقتصادي والأمني». كما توقفوا عند تشديد ماي على الحاجة إلى «مناقشة كيفية تحديد الاتفاق المنصف بالنسبة إلى حقوق والتزامات المملكة المتحدة بصفتها البلد الذي يتخلى عن عضويته بمقتضى القوانين ذات الصلة وروح الشراكة الدائمة بينها وبين الاتحاد الأوروبي». وأوضحت في الفقرة ذاتها «ضرورة الاتفاق على مبادئ الشراكة المستقبلية بشكل موازٍ للمحادثات بشأن الانسحاب من الاتحاد». وسعت رئيسة الحكومة في الخطاب الذي صيغ بأسلوب ديبلوماسي غير صدامي، إلى تأكيد حاجة الوفد التفاوضي البريطاني إلى الخوض في إجراءات الانسحاب والكلفة التي ستترتب عليه وتحديد مبادئ اتفاق التبادل التجاري الحر المستقبلي. ويخشى المسؤولون من الجانبين، وخصوصاً في بريطانيا، أن يؤدي الغموض إلى عزوف المستثمرين عن السوق البريطانية وهجرة المؤسسات إلى مواقع أكثر جاذبية في السوق الأوروبية مثل باريس وفرانكفورت. وأوضح بيان للرئاسة الفرنسية إثر مكالمة هاتفية أجراها الرئيس فرنسوا هولاند مع ورئيسة الوزراء البريطانية، أولويات الجانب الأوروبي التي تتركز في مرحلة أولى حول تأكيد بريطانيا احترام التزاماتها بمقتضى المعاهدة. ويشمل ذلك حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ومشاركة بريطانيا في موازنة الاتحاد حتى موعد خروجها عام 2019 ومواصلة التزامها القوانين الأوروبية خلال هذه الفترة. وورد في البيان وصف هولاند تفعيل بريطانيا المادة 50 من معاهدة لشبونة «مرحلة مهمة تفتتح مدة السنتين (للتفاوض) وفق مقتضيات المعاهدة». وأكد هولاند «وجوب أن تكون المفاوضات واضحة وبنّاءة لتبديد الغموض وتحترم مصالح الدول ال27 الأعضاء» في الاتحاد. ورد الرئيس الفرنسي على مقاربة رئيسة الحكومة البريطانية بتأكيد «وجوب إطلاق محادثات في مرحلة أولى حول صيغ الخروج، خصوصاً بالنسبة إلى حقوق المواطنين والتزامات بريطانيا بمقتضى المعاهدة الأوروبية»، وأضاف أنه «على أساس ما سيتحقق سيكون في وسعنا (الجانبين) بدء المفاوضات حول إطار العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وفق الرسالة التي بعثها دونالد تاسك باسم الدول ال27». ويعقد قادة الاتحاد اجتماعاً استثنائياً في بروكسيل في 29 نيسان (أبريل) المقبل، في غياب رئيسة الحكومة البريطانية، من أجل تكليف المفوضية الأوروبية بصفة رسمية إعداد توصيات قانونية والشروع في المفاوضات بعد مصادقة وزراء الخارجية ونظرائهم وزراء الشؤون الأوروبية في لقاء يعقدونه في أيار (مايو) المقبل. وتنطلق آنذاك المفاوضات التي ينتظر أن تتركز الجولة الأولى منها حول تشكيل الفرق التفاوضية في كل من القطاعات المعنية. ووافق رؤساء اللجان السياسية في البرلمان الأوروبي، على مشروع قرار سيعرض عليه الأربعاء المقبل، يؤكد وجوب أن تحترم بريطانيا التزاماتها بمقتضى المعاهدة الأوروبية إلى حين خروجها، ومنها المالية التي تتعلق بالموازنة الأوروبية في أمد بعيد إذا تجاوز أجلها موعد الانسحاب. وعملياً، يتوجب على بريطانيا التقيّد باحترام الحريات الأربع وصلاحيات محكمة العدل الأوروبية والمساهمة في الموازنة واحترام اتفاقات التجارة التي أبرمها الاتحاد، إلى حين خروجها. واعتبر رئيس البرلمان انطونيو تاياني «خروج بريطانيا المنظم شرطاً أساسياً مسبقاً لأي شراكة في المستقبل بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا». وقال إن الشرط «ليس قابلاً للتفاوض»، كما أكد الحفاظ على وحدة المقاربة تجاه تحديات الأمن والهجرة. وشدد على أهمية «توثيق التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي والقضائي، سواء تم التوصل إلى اتفاق ينظم خروج بريطانيا أو لم يتم».