محافظ أبو عريش: إنجاز الكواكب مشرف    وزير الخارجية يلتقي مستشار الأمن القومي الأمريكي    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    تطبيق نظام الأرصاد الجديد    غابة عنيزة.. 120 ألف شجرة تُنعش القصيم    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    نمو تراخيص مرافق الضيافة 89 % في 2024    نمو سجلات التجارة الإلكترونية    تعزيز العلاقات التجارية مع سنغافورة    عيدية أبو سلمان لأهل الرياض.. كسر احتكار العقار    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    اكتشاف كواكب تبعد عن الأرض 6 سنوات ضوئية    العراق يحدد 11 نوفمبر موعدا للانتخابات البرلمانية    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    في الجولة ال 27 من دوري روشن.. الاتحاد يستقبل العروبة.. والهلال في ضيافة الاتفاق    سان جيرمان يعبر أستون فيلا بثلاثية ويضع قدمًا في نصف النهائي    برشلونة يقسو على دورتموند ويضع قدماً في نصف نهائي أبطال أوروبا    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    أسرتا الصفيان والعديلي تحتفلان بزواج «محمد»    جمعية الإدارة الصحية بالشرقية تقيم «عيدنا أنتم 5»    آل أبو نار وآل الشدوخي يتَلقون التعازي في فقيدهم علي    فيلم "إسعاف" ينطلق في السينما السعودية 17 أبريل    عبير تكرم الفائزين ب «الأقلام الواعدة»    هيئة الترفية تطلق فعاليات للجاليات في الخبر وجدة    60 ألف طفل مهددون بسوء التغذية    من إيريك فروم إلى الذكاء الاصطناعي    الاستقالة فنّ لا يتقنه إلا الأذكياء    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    صندوق النفقة    الإيرانيون متشائمون بعد توتر وعقوبات على مدى عقود    العبدلي: تنتظرنا مباراة صعبة في الشارقة    أخضر التايكوندو يحصد ذهبية وبرونزيتين    الصبر على أذى الآخرين.. سمو النفس ورفعة الأخلاق    تحت رعاية الملك.. حَرم خادم الحرمين تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورة    وكر الكوميديا    لماذا لا يكتب المحامي مثل الدعوجي؟    أطفالنا لا يشاهدوننا    الحسد    حين يتصدع السقف    "جوازك إلى العالم" يحتفي بالجالية السودانية في الخبر    صم بصحة نموذج تكامل بين المجتمع والتجمعات الصحية    الكوليرا تحصد الأرواح في جنوب السودان    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    أكثر من 500 إعلامي في "جولة الرياض" للجياد العربية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن    مدير تعليم الطائف يشدد على تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة    ضبط شخصين في جازان لترويجهما (11.7) كلجم من مادة الحشيش المخدر    سطوة المترهلين في الإدارة    خادم الحرمين يتلقى رسالة شفوية من رئيس ليبيريا    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون العسكري    أمير جازان يرأس اجتماع لجنة الدفاع المدني الرئيسية بالمنطقة    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    تقلب المزاج.. الوراثة سبب والاتزان النفسي علاج    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاصصة في العراق ستزول... بعد عمر طويل
نشر في الحياة يوم 28 - 11 - 2010

طبعاً العقل السليم يرفض ترويج فكرة المحاصصة في حكم العراق، إتنية كانت أم طائفية. لكنها كما يعرف الجميع قضية ساخنة في العراق وهي زادت سخونة منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في آذار (مارس) الماضي ولعلها صارت أكثر سخونة بعد اجتماع البرلمان في منتصف الشهر الجاري وانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه قبل انتخاب رئيس الجمهورية الحالي لدورة ثانية. هذه الخطوة لم تكن ممكنة قبل ان تتوصل الكتل البرلمانية الى اتفاقات استمر التفاوض عليها طوال ثمانية أشهر تقريباً.
صحيح أن اختيار الشخصيات تم على اساس الانتماء الى كتل برلمانية رئيسية لكن تقاسم المناصب يبقى في الجوهر على اساس إتني - طائفي. فرئيس البرلمان أسامة النجيفي (كتلة «العراقية») عربي سني ونائبه الأول قصي السهيل عربي شيعي («التحالف الوطني») ونائبه الثاني عارف تيفور كما رئيس الجمهورية جلال طالباني كرديان (التحالف الكردستاني). وفي اطار الاتفاقات ذاتها أعلن طالباني في خطاب القبول أنه سيكلف رئيس الوزراء المنتهية نوري المالكي تشكيل الحكومة الجديدة. المالكي عربي شيعي يتزعم كتلة «دولة القانون» الداخلة في كتلة برلمانية واحدة تضمها و«الائتلاف الوطني» تحت اسم «التحالف الوطني» لتشكل غالبية شيعية في البرلمان.
ليس سراً أن الكتلتين الأخيرتين خاضتا الانتخابات على حدة لكنهما تحالفتا في كتلة واحد كي تصبح «الأكثر عدداً» في البرلمان كي تضمنا بقاء منصب رئيس الوزراء، وبالتالي منصب القائد العام للقوات المسلحة، في ايدي الشيعة، وبذلك يفوتا على العرب السنة فرصة رئاسة الحكومة من خلال كتلة «العراقية» بصفتها الكتلة التي فازت بمقعدين برلمانيين أكثر من مقاعد «دولة القانون». يُشار الى ان ما سلف تم وفقاً لإجراءات دستورية سليمة وبموجبها ايضاً يُفترض أن مراسم أجريت الخميس الماضي قام خلالها رئيس الجمهورية بتكليف المالكي رسمياً تشكيل الحكومة ومنحه شهراً لإنجاز المهمة. علماً أن الدستور ينص على توزيع المناصب وفقاً للاستحقاقات الانتخابية من دون اشارة من قريب او بعيد الى اي اعتبارات اتنية او طائفية.
لكن قضية المحاصصة هذه تبقى الطاغية خصوصاً في وسائل الإعلام العراقية، المرئية والمقروءة، المطبوعة والإلكترونية، كما أنها تحظى بالاهتمام في وسائل اعلام عربية ودولية. الكاتب الكردي العراقي هيوا عثمان طرح في مقال نشرته قبل ايام صحيفة «العالم» الإلكترونية العراقية سؤالاً مهماً يعكس جوهر المشكلة: هل العراق دولة نظامها ديموقراطي تحكمه الانتخابات ام انه قائم على المحاصصة الإتنية والطائفية؟ والجواب واضح طبعاً وهو انه مازال يعتمد نظام المحاصصة. ويتابع ان المرحلة الأولى انتهت بتفاهم على الرئاسات الثلاث كي تبدأ المرحلة الثانية المتمثلة بتشكيل الحكومة وفقاً للمحاصصة ايضاً وبطريقة رياضية لتسعير كل منصب تكون له نقاط معينة. بعد انتخابات 2005 اعتمدت نسبة معينة تمثلت في منح كل مقعدين برلمانيين نقطة واحدة لكن هذه المرة قد تختلف «التسعيرة» فتُمنح نقطة واحدة لكل 2,6 مقعد!
ويورد الكاتب أرقاماً يُقال ان ممثلي الكتل يناقشون امكان اعتمادها لتسعير المناصب وعلى سبيل المثال: 15 نقطة لرئاسة الوزراء و12 نقطة لرئاسة البرلمان و10 نقاط لرئاسة الجمهورية و8 نقاط لنوابهم و8 اخرى للوزارات السيادية (الدفاع والداخلية والمال والنفط والخارجية) و6 نقاط للوزارات الإنتاجية و5 نقاط للوزارات الخدمية و3 نقاط لوزارات الدولة. أضيف الى ذلك ان بعضهم يدعو الى تسعير مناصب أخرى مثل رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية والأمانة العامة لرئاسة الوزراء ورئاسات هيئات دستورية مثل النزاهة والإعلام والاتصالات والعدالة وغيرها!
لكن حتى هذا الترتيب قد لا يُلتزم به في حال ان تطبيقه بدقة يمكن ان يؤدي الى عدم حصول كتلة ما تمثل مكوناً اتنياً او طائفياً على عدد من المناصب من شأنه أن يخلخل تمثيل هذا المكون من وجهة نظر المحاصصة. بعبارة اخرى التمثيل الإتني والطائفي أهم من الاستحقاق الانتخابي الأمر الذي يعني أن «الصغير يحصل على أكثر مما يستحق، فيما الكبير يحصل على أقل مما يستحق»، بحسب كاتب المقال.
طبعاً لا يختلف عاقلان على ادانة المحاصصة وعلى أنها، كما أظهرت تجربة الحكومة السابقة طوال السنوات الأربع الماضية، أدت الى زيادة الفساد بمختلف أشكاله وتعميق التدهور الأمني وعرقلت توفير الخدمات الأساسية والجهود الرامية الى اعتماد قوانين اساسية لتعميق المؤسسات الدستورية وارتكاب شرور كثيرة، وبالتالي أدى ذلك كله الى شل عمل الحكومة والبرلمان الى حد كبير. وأكيد أن تجنب تكرار هذا الوضع سيشكل تحدياً اساسياً أمام المؤسسات التنفيذية والتشريعية من الآن وإلى الانتخابات التالية في 2014.
ما سلف كله مفهوم ومعروف. على رغم ذلك تبقى المحاصصة الحل الذي لا مناص منه الآن وإلى مستقبل منظور. قصارى الكلام ان توقع نهاية عاجلة لنظام المحاصصة يبقى نوعاً من التمنيات والنيات الحسنة. فالخلافات بين الجماعات العراقية لها أصول تاريخية عمقها لكن في الوقت نفسه سعى الى طمسها على مدى اربعة عقود تقريباً نظام بعثي عنصري عادى الإتنيات والطوائف ومارس في حقها التمييز الى حد تنفيذه عمليات ابادة الجنس. هذا ناهيك عن انه تحول نظاماً توتاليتارياً ذا أطماع توسعية تمثلت في شنه حربين خلال عقد من الزمن اسفرتا عن عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة سيستغرق تجاوزها وقتاً طويلاً.
في النهاية يبقى الأمل في أن يحل زمن تزول في ظله عوامل الخوف وعدم الثقة والريبة بين الجماعات الإتنية والطائفية وعلى مستوى نخبها السياسية. وعندئذ فقط سيزول شر المحاصصة... أي بعد عمر طويل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.