بعْضٌ مِمَّا رَشْح مِنْ تشظيات سَهل الجَبَلي

السَّاعَةُ الآنَ
مُنْتَصَفُ الغُبَارِ
وَأَبْوَابُ القَصِيدَةِ
بِأَجْنِحَتِهَا تَدُقُّ
أَجْرَاس النَّافِذَة
يَتَسَلَّلُ المُغَنِّي
مِنْ جُرْحِهِ يُعَانِقُ العَصَافِيرَ
يُمَزِّقُ يبَاسُ الحكايا
وَاللُّغَةُ البَارِدَة
يُحَاصِرُهُ الرَّمَادُ
لَكِنَّهُ يُسر لِلأَشْجَارِ
بَعْضُ أَسْرَارِهِ ثُمَّ يَنْسَى
لِوَجْهِهِ بَيَاضُ الخبت
كَيْفَمَا اِتَّسَعَ المَدَى
وَهَفَّا لِغَزَالَةٍ
تُغْوِي الغَرِيبَ بِرَنَّةِ الخلخالِ
فِي سَاقِ الحَقِيقَة
وَمَا تَبَقَّى مِنْ وَجَعِ العَشِيرة
عَتَبٌ عَلَى عشْبِ المَسِيرَةِ
كَيْفَ أَضْحَتْ مفازة الوَقْت
وجريرة أَدُونِيس
ذَاكِرَةٌ تَخُونُ صِفَاتِهَا
افروديت تَعُودُ أَرْمَلَةً
تَبْحَثُ فِي جُرُوفِ الصَّحْرَاءِ
عنْ أَلْقِ الحَضَارة
فَادِحَةٌ كَالبَحْرِ
أَوْهَامُكَ أَيُّهَا البَدَوِيُّ
لَكِنْ لِلسَّاعَةِ الثكلى دَبِيبُ النَّمْلِ
فِي الخَشَبِ العَتِيقِ
وأنّةُ المَنْسِيِّ قُرْبَ البَابِ
كَيْ تَعُودُ مِنْ تَعَبِ النَّهَارِ وَتَحْتَسِي قَدْحاً
يُؤَانِسُ دَمْعُك فِي آخَرِ الممشى
هَا صَوْتُ انكيدو
وَدَمْعَةُ ثَوْبِهِ
فِي جَانِبِ النَّهْرِ البَعِيد
تُعِيدُ تَرْتِيبَ الحِكَايَةِ
وَتُمَزَّقُ الأَوْرَاق فِي تنّور رَاحكَ
وَأَنْتَ الكَثِيرُ عَلَى ثِيَابِ الوَقْتِ
تَبْتَنِي قصَّراً مِنْ الصَّفْصَافِ
تُطِلُّ مزهواً عَلَى الشُّبَّاكِ
تَنْشُدُ للرعيان أُغْنِيَّةُ الصَّهِيلِ
تَمْحُو مَا تَرَكْتَ مِنْ الأَسَى
فَيَنْكَسِرُ الرَّدَى
هَذِي بِلَادُكَ
لَمْ تَكُنْ إلاكَ حِينَ كَتَبْتُهَا
وَمضَتْ بِكَ الظُّنُونُ
لَمْ تتلكأ حِينَ دَعَتْكَ
أَقَمت قُرْبَ مَوْتِكَ
أَحَطْتُهَا بِاَلَمَزْن
وَسكِبَت رُوحُكَ فِي الضُّحَى
ضَوْءٌ مُدَجّج
بِالمْن وبالسلوى حينا
وَأُخْرَى بِالتِّينِ وَالزَّيْتُون
اليَوْمَ تَبْحَثُ عَنْ باحتكَ
خَارَج الأَقْوَاس وَهِيَ تنأى
اليَوْمَ تَذْهَبُ فِي السَّدِيم
تَنَسُّجُ ثَوْبِكَ متكئاً إِلَى ظِلِّكَ
تَغَنِّي دُونَمَا وَجَلٌ
تَأْخُذُك البِلَادُ إِلَى البِلَادِ
تَصْطَفِيَكَ الرِّيحُ وَشْماً لليمام
تَفِرُّ مِنْ مراثيكَ
مِثْلَمَا كُنْت تَفْعَلُ
أنشودة فِي الشُّغُف
تغَنِّي؟... أُمَّا زَلَّت؟
وَهل مَرَّةً غَابَ عَنْكَ
صَوْتُ المُغَنِّي؟!.
مستمسكاً بالشيح
وَرِيحة الكادي
مِنْ شَوْكَةٍ فِي الدَّهْنَاء
حَتَّى هُطُولِ السَّحَابِ
فِي رُبى الباحة
هَلْ غَافَلَكَ الفُؤَادُ
حِينَ مَرَّرْتَ بِحَيِّ الدَّوَاسِرِ
أُمٌّ نَامَ شَارِعُ الحُبِّ
مِنْ لَهَبِ العناق؟
أَظُنُّهُ تَعب النَّهَارَ
فَالوَقْتُ مَقْبَرَةُ البُكَاءِ
فَمِنْ ذَا سَيَرْفَعُ عَنْكَ المَلَامَةَ يَا صَاحِبِي
لَوْ قَلَت إِنَّ الطَّرِيقَ جَنُوبٌ
تَقُودُ الخُطَى بِاِتِّجَاهِ الشَّمَال
وَأَنْتَ الَّذِي سَهَوْت
عَنْ اِمْرَأَةٍ قَاسَمَتكَ الجِرَاح
وَرُحْت تَلُوذُ بِرِيَاحِ المَوَاقِعِ
فَرِفْعَتكَ نَخْباً لِلوَطَن
تَشَبُّهُهَا فَوْزٌ
إِنَّ هَطْلَ جَمْر وَحَشْتْهَا
أَوْ كَتَبَتْ أورادها
مِنْ نَايَات كفِّيهَا عَلَى رُوحِكَ
إِمَّا اِسْتِطَاعت
أَوْ صيرتكَ اوزيريسها
فَجَمَعَتْكَ إِلَى بَيْتِهَا
صَوْبَ بَابِ الشَّوْقِ
والشيح اِلْتِهَامِي
وَأَنْتَ الَّذِي تَتَسَلَّلُ
عَبْرَ غَيْمَتِكَ الرصاصية
قُرْبَ اِرْتِكَابَات الميديا
تَوَقَّد لمَعَان اسمكَ
وَتَكْسُو حَدَائق المُتْعِبِينَ بِالفُصُولِ
بَاحِثاً فِي الوَقْتِ عَنْ المَعْنَى
وَيُطْرِبُكَ النزال
وَمثلي ومثلكَ يَا صَاحِبِي
مَنْ يَتَقَاسَم سِر الفلاة
إِذَا مَا...
أَنْتَ تَعْرِفُ يَا نُدِيمُ الحُزْن وَالظُّلْم وَالعُزْلَة!!! مَعْنًى أَنَّ تَغَنِّي وَحِيداً بِلَا أَصْدِقَاء
5 فِبْرَايِرِ 2017
* أدونيس: الأسطورة
** جروف الصحراء: عاصفة الصحراء
* * * للشاعر والمبدع الجميل علي الدميني في سفره الطويل...
* شاعر سعودي.