نددت برلين بتصريحات «سخيفة» للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعدما اتهمها «باستخدام أسلوب فاشي» لمنع وزراء أتراك من حضور مهرجانات للجالية التركية في مدن ألمانية، وإلقاء خطب فيها. لكن الحكومة الألمانية حرصت على الدعوة إلى «الهدوء»، رافضةً جرّها إلى «استفزازات». وكان أردوغان انتقد إلغاء ألمانيا تجمّعَين سياسيَين لأتراك مقيمين على أراضيها، كان مقرراً أن يتحدث خلالهما وزيران تركيان، دعماً للتصويت على تحويل النظام في تركيا رئاسياً. وأضاف: «يا ألمانيا، لا علاقة لك بالديموقراطية، ويجب أن تعلمي أن تصرّفاتك لا تختلف عن ممارسات النازيين». وخاطب الألمان قائلاً: «إذا أردتُ يمكنني أن أسافر غداً (إلى أراضيكم)، وإذا منعتموني من الدخول ولم تسمحوا لي بالكلام، فسأنفّذ تمرداً وأقلب الدنيا رأساً على عقب». وبدا واضحاً بالنسبة إلى الحكومة الألمانية أن أردوغان يدرك أن تسعير خلافه مع برلين، من خلال اللعب على العصبية والوتر القومي، سيعينه على كسب أصوات أتراك لم يحسموا موقفهم بعد في شأن النظام الرئاسي. واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن تصريحات أردوغان «ليست مبرّرة»، منبّهة إلى أنها لن تؤدي سوى إلى التقليل من شأن معاناة المتأثرين بجرائم النازيين. وأعربت عن حزن شديد في ظل «عناصر مشتركة كثيرة» تربط الدولتين، وإن أقرّت بخلافات عميقة مع أنقرة في شأن حرية الصحافة وتوقيف الصحافي الألماني– التركي دنيز يوجيل. وأكدت التزام ألمانيا مبادئ حرية الصحافة والتجمّع والتعبير عن الرأي، مشيرة إلى أنها ستواصل السماح للساسة الأتراك بالدعاية للاستفتاء على أراضيها، ما دامت زياراتهم معلنة وتتسم بالشفافية وتحترم القوانين الألمانية. وكان شتيفن زايبرت، الناطق باسم مركل، دعا أنقرة إلى «ألا ننسى أهمية شراكتنا وعلاقتنا الوثيقة». وشدد على وجوب «التزام الهدوء»، مستدركاً: «نرفض بشدة تشبيه سياسات جمهورية ألمانيا الاتحادية بالسياسات القومية الاشتراكية. والمقارنة مع النازية هي دوماً سخيفة وليست لائقة، إذ تقود إلى شيء واحد: التهوين من جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام القومي الاشتراكي». ورأى أن على الاتحاد الأوروبي أن يُجري تحقيقاً لضمان أن الأموال التي دُفعت إلى تركيا لتمهيد عضويتها، تُحقّق المرجو منها. وشدد بيتر آلتماير، رئيس مكتب المستشارة، على أن تصريحات أردوغان «ليست مقبولة بتاتاً»، معتبراً أن ألمانيا «تشكّل نموذجاً لقيم التسامح والليبرالية ودولة القانون، أكثر من أي بلد». ووصف وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل العلاقات مع تركيا ب «المتشنجة»، داعياً إلى «تطبيعها مجدداً». ولفت إلى أن لدول الاتحاد الأوروبي مصلحة مشتركة في عدم السماح لتركيا ب «الانجراف أكثر نحو الشرق»، وزاد: «حتى حين كانت تركيا ديكتاتورية عسكرية، لم يُرِدْ أحد التشكيك في عضويتها الحلف الأطلسي». لكن وزير العدل الألماني هايكو ماس وصف تصريحات أردوغان ب «سخيفة وخبيثة وشاذة»، واستدرك: «يريد استفزازنا، ويجب ألا نترك أنفسنا للاستفزاز». ودعا ديتمار بارش، رئيس كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني، إلى «رد فعل أوروبي مشترك يستند الى وقف صادرات الأسلحة إلى تركيا والمساعدات الأوروبية لها»، وحضّ على سحب وحدات الجيش الألماني المنتشرة في تركيا. وفي بروكسيل، وصف وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز تصريحات أردوغان ب «كلام فارغ». إلى ذلك، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا أنها ستحيل أنقرة على مجلس الأمن، لامتناعها عن إطلاق القاضي التركي آيدن صفا اكاي، وهو عضو فيها، بعد توقيفه إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي، ما أدى إلى شلّ عمل محكمة الاستئناف. وقال رئيس الجلسة القاضي ثيودور ميرون: «لم تفِ الحكومة التركية التزاماتها، وستُرفع القضية إلى مجلس الأمن». على صعيد آخر، شنّت السلطات التركية عملية ضخمة ل «مكافحة الإرهاب» في جنوب شرقي البلاد الذي تقطنه غالبية من الأكراد، مستهدفةً «حزب العمال الكردستاني».