تدهورت العلاقات الألمانية - التركية سريعاً، وتراشق البلدان الاتهامات بعد قرار سلطات محلية في ألمانيا حظر مهرجان لأنصار الرئيس رجب طيب أردوغان لتسويق استفتاء حول تعزيز صلاحياته الرئاسية وسط آلاف الناخبين الأتراك المقيمين على الأراضي الألمانية. واتهمت أنقرةبرلين بارتكاب «عمل مشين» من خلال منع تنظيم المهرجانين اللذين كان مقرراً أن يخطب خلالهما وزيرا العدل والاقتصاد التركيان بكير بوزداغ ونهاد زيبقجي. وأشارت أنقرة في الوقت ذاته، إلى أن برلين «توفر ملجأ لأشخاص يرتكبون جرائم ضد تركيا»، في إشارة إلى تقاعس الأجهزة الألمانية عن تسليم أتراك من أنصار الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بالتورط في المحاولة الانقلابية الأخيرة ضده. سبق تلك التطورات اعتقال أنقرة قبل أسبوع صحافياً ألمانياً تركي الأصل، وإحالته إلى السجن من دون محاكمة أو توجيه تهم، على رغم تدخل عدد من المسؤولين الألمان بلا جدوى لضمان إخضاعه لإجراءات تحقيق عادلة. وانتقد الرئيس الألماني يواخيم غاوك بصورة لافتة أمس، «تصرف تركيا إزاء قضية الصحافي دنيز يوجيل» مراسل صحيفة «دي فيلت»، فيما رفضت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل اتهامات أنقرة بالتدخل في إلغاء مهرجانين مؤيدين للرئيس التركي في ألمانيا، وانتقدت في المقابل القيود على حرية الصحافة في تركيا. وقالت مركل خلال زيارة تونس أمس: «نحن نظام فيديرالي والبلديات والمناطق لها صلاحيات، وكذلك بالنسبة إلى الحكومة الفيديرالية. وفي ما يتعلق بالتجمعات، يتم إعطاء التراخيص على مستوى البلديات». ونددت مركل بتوقيف مراسل «دي فيلت» بتهمة الدعاية «الإرهابية». وزادت: «نحن ملتزمون الدفاع عن حرية التعبير في ألمانيا. وأعتقد أننا محقون في انتقاد أي قيود على حرية الصحف في تركيا»، ورأت أن «حرية الإعلام لم تنل الحماية الكافية في حال دنيز يوجيل». وغذى التعاطي التركي مع قضية يوجيل استياء إعلامياً وشعبياً في ألمانيا، ما دفع برئيس بلدية غاغناو الألمانية مايكل فايفر، إلى حظر مهرجان لأنصار أردوغان في البلدة بوجود وزير العدل التركي. وبرر رئيس البلدية ذلك بعدم قدرة الشرطة المحلية على ضمان الأمن خلال المناسبة. وكذلك فعلت بلدية مدينة كولونيا، حيث كان مقرراً تنظيم مهرجان مماثل غداً الأحد بحضور وزير الاقتصاد التركي. وتوجد في ألمانيا أكبر جالية تركية في العالم، تضم حوالى 2,5 مليون نسمة، أكثر من نصفهم من الناخبين في بلادهم. وفي أعقاب القرار، قطع وزير العدل التركي زيارته ألمانيا، وألغى اجتماعاً مع نظيره الألماني هايكو ماس، الذي بادر إلى انتقاد تصرف بوزداغ وكذلك اعتقال الصحافي يوجيل، محذراً «من انتكاس دولة القانون في تركيا». واستدعت الخارجية التركية السفير الألماني في أنقرة مارتين أردمان وأبلغته احتجاجها على «معايير مزدوجة» في التعامل وضرورة «أن تتعلم ألمانيا كيف تُحْسن التصرف» إذا أرادت الحفاظ على العلاقات. وأكدت الخارجية الألمانية أن إلغاء تجمعين مؤيدين للرئيس التركي أتى نتيجة قرارين اتخذتهما سلطات البلديتين المعنيتين. وقال مارتن شيفر الناطق باسم الوزارة، إنه «قرار لا يد فيه على الإطلاق للحكومة الفيديرالية»، نافياً بذلك اتهامات تركيا بأن برلين تعمل ضد مصالح أردوغان. وأضاف: «ليس من مصلحتنا أو من مصلحة تركيا أن يكون الحوار بيننا عبر وسائل الإعلام أو أن ندخل في مواجهة مفتوحة». ولفتت مصادر إعلامية ألمانية إلى أن رئيس الحكومة التركية بن علي يلدرم شارك قبل أسبوعين في مهرجان ضخم لأنصار أردوغان في غرب ألمانيا للتسويق للنظام الرئاسي الذي سيطرح في استفتاء. وكان من المنتظر أن يختتم أردوغان شخصياً سلسلة المهرجانات في حضور حشد من أنصاره في ألمانيا. وظهرت في ألمانيا أخيراً مطالبات بوقف المفاوضات حول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، لكنها قوبلت بتحفظ من جانب مسؤولين أبدوا خشيتهم من رد أنقرة بإلغاء اتفاق تمنع بموجبه المهاجرين من التدفق إلى دول الاتحاد.