فتح إعلان إسرائيل سحب سفيرها لدى مصر وطاقم السفارة «لأسباب أمنية» الباب أمام تكهنات عن «توتر سياسي مكتوم» بين القاهرة وتل أبيب، وسط صمت رسمي عن الحديث عن ملفات التوتر في العلاقات. وكان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي أعلن الثلثاء أن تل أبيب سحبت موقتاً سفيرها لدى مصر ديفيد جوفرين بسبب مخاوف أمنية، مشيراً إلى أن هذه المخاوف أدت أيضاً إلى «تقييد عودة موظفي السفارة التابعين لوزارة الخارجية إلى القاهرة». وأتى الإعلان في أعقاب تبني جماعة «أنصار بيت المقدس» (الفرع المصري لتنظيم «داعش») إطلاق صواريخ من سيناء على مدينة إيلات. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد ل «الحياة» إن لا جديد في هذا الشأن، معيداً تأكيد موقف بلاده من أن القاهرة لم تُخطر بمغادرة السفير الإسرائيلي ولا الأسباب الداعية إلى ذلك. وقال رئيس الوحدة الإسرائيلية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط الدكتور طارق فهمي ل «الحياة» إنه لا يمكن القول إن هناك «توتراً» في العلاقات، لكنه تحدث في المقابل عن مؤشرات إلى «تجاذبات» في الفترة الأخيرة. وأشار إلى مسألة إطلاق الصواريخ التي أثيرت أخيراً، وقصة سحب السفير «لأسباب أمنية»، والزجّ باسم الرئيس عبدالفتاح السيسي في «مشروع وهمي» يتم التفاوض عليه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأخيراً «صمت القاهرة وتل أبيب عن إذاعة شيء عما هو متوتر في العلاقات»، لافتاً إلى أن القنوات الرسمية لم تدخل على الخط إلا لنفي مسألة استعداد مصر التنازل عن أراض في سيناء لتوطين الفلسطينيين فيها. واعتبر فهمي أن «هناك اختباراً إعلامياً للعلاقات بهدف التعرف إلى ما يمكن الخروج به من القاهرة وتل أبيب، لكن لا مشكلة في العلاقات. هناك حرص على عدم الدخول في أي مواجهة حول قضايا العلاقات الثنائية، فموقف القاهرة تجاه إسرائيل لا يحمل تغييراً جديداً ولا صداماً». لكنه أكد أيضاً أن هذا الأمر ليس معناه أن هناك تطابقاً في المواقف، «فقطعاً هناك تجاذبات» حول جملة من القضايا منها ملف الاستيطان ونقل السفارة الأميركية إلى القدس وعدم استقبال مسؤولين إسرائيليين في القاهرة، وعدم توجيه دعوة لنتانياهو لزيارة مصر. وأضاف: «العلاقات جيدة، لكن هناك منغّصات، إسرائيل طلبت توجيه دعوة لنتانياهو لزيارة مصر، والقاهرة ردت بأنه لا داعي للزيارة في هذا التوقيت، فضلاً عن أن القاهرة أغلقت الباب أمام أي زيارات لمسؤولين سياسيين إسرائيليين، وتلك شكوى إسرائيلية نُقلت للأميركيين بأن مصر غير حريصة على تطوير العلاقات» مع الدولة العبرية. وكانت تقارير صحافية تحدثت العام الماضي عن «زيارة مرتقبة» لنتانياهو إلى القاهرة، في أعقاب زيارة وزير الخارجية المصري سامح فهمي تل أبيب في منتصف العام الماضي. ورفض مسؤول مصري الحديث عن هذا الأمر. وقال فهمي ل «الحياة»: «مصر حريصة على العلاقات في إطارها الحالي، واستقبال الوفود والمسؤولين الإسرائيليين في مصر له أطر لا ترغب مصر في الخروج عنها، القاهرة حريصة على ألا تكون هناك أزمة في العلاقات، وأيضاً لا تطور أكثر من ذلك، اللقاءات تتم عبر دوائر مباشرة في مجالات أمنية واستراتيجية، وبمقتضى اتفاق السلام تُعقد لقاءات دورية بين المصريين والإسرائيليين في بئر السبع والعريش»، مضيفاً: «مصر تربط تطور العلاقات بحصول تطور هيكلي أو مفصلي تجاه فلسطين، لكن في هذه المرحلة لا أفق لحل سياسي ولا دلالات على ضغط أميركي لخلق هذا الحل، ووفق ما هو متوافر من معلومات فإن هناك حركة مصرية - أردنية بتنسيق مع واشنطن لاستكشاف أفق الحل السياسي». وأشار إلى أنه في ما يخص العلاقات الثنائية، فإن «القاهرة حريصة على أن تبقى في إطارها الرسمي جداً، والأمني والاستراتيجي فيها يسبقان السياسي».