اعتبرت القاهرة أن بيان الاعتذار الإسرائيلي عن مقتل جنودها في سيناء "إيجابي" في ظاهره، ولكنه "لا يتناسب مع جسامة الحادث، وحالة الغضب المصري من التصرفات الإسرائيلية." بالمقابل، وفي الوقت الذي ساد فيه التضارب حول مصير استدعاء السفير المصري من تل أبيب، حرصت إسرائيل على توجيه رسائل "ودية" للحد من الغضب في مصر. وقالت اللجنة الوزارية لإدارة الأزمات، والتي تتابع تطورات الحادث في سيناء برئاسة رئيس الوزراء، عصام شرف، إن مصر "إذ تؤكد حرصها على السلام مع إسرائيل، إلا أن تل أبيب ينبغي عليها أن تعمل على مسؤوليتها أيضا في حماية هذا السلام." وجاء الموقف المصري رداً على إبداء إسرائيل أسفها لمقتل عناصر من القوات المسلحة المصرية بنيران مقاتلة تابعة لها خلال مواجهات مع مسلحين عند الحدود مع سيناء، حيث تعهد الجانب الإسرائيلي بالموافقة على إجراء تحقيق مشترك لكشف ملابسات الحادث. من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل، إن الأوضاع في سيناء غير مستقرة وستأخذ وقتا ربما يمتد لعدة أشهر، حيث لا تزال التيارات الإسلامية المتشددة موجودة وتعمل في سيناء. وأشار اللواء اليزل لموقع CNN بالعربية، إلى أن "ما اتخذه المجلس العسكري من إجراءات في سيناء لتطهيرها من العناصر المتطرفة يسير في الطريق الصحيح ، ولكن عليه العمل على تعديل معاهدة كامب ديفيد." ولفت إلى اجتماعات القوات المسلحة مع شيوخ سيناء للوقوف على طلباتهم ومشاكلهم حتى تستقر الأوضاع، إضافة إلى مقترحات مجلس الوزراء لتعمير سيناء. أما اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي، فاتفق مع اليزل، في أن الوضع غير مستقر بسيناء وستحتاج القوات المسلحة إلى أشهر لإعادة الوضع إلى حالة استقرار. وأشار مسلم إلى أن مصر تحتاج إلى استعادة التوازن الاستراتيجي حتى تستطيع أن تأخذ موقفا حاسما في هذا الإطار، لاسيما وان ذلك التوازن يعاني من اختلال بسبب التحالف الأمريكي الإسرائيلي. واستمر الغضب المصري في الشارع، إذ تواصلت الاحتجاجات خارج مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، ودعا مئات من الشباب الذين تجمعوا في الموقع إلى مواصلة الاعتصام "لحين طرد السفير الإسرائيلي من مصر." ونقل التلفزيون المصري عن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن العشرات من الشبان قاموا بإطلاق العديد من الألعاب النارية المتنوعة حاملين الأعلام المصرية والفلسطينية مرددين "تسقط تسقط إسرائيل.. خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود.. أول مطلب للجماهير قفل سفارة وطرد السفير." ودعت حركة "شباب 6 أبريل جبهة أحمد ماهر "إلى اعتصام مفتوح حتى تقديم اعتذار رسمي على لسان رئيس وزراء إسرائيل. وقال محمود عفيفي المتحدث الإعلامي باسم حركة شباب 6 أبريل إن الحركة بدأت منذ مساء السبت اعتصاما مفتوحا أمام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة بحوالي 500 فرد من أعضائها. وأضاف أن الاعتصام السلمي قائم لحين صدور اعتذار رسمي من الحكومة الإسرائيلية على لسان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، شرط أن يكون الاعتذار مرضيا لجموع الشعب المصري، نافيا وجود نية لمحاولة اقتحام السفارة أو استفزاز العناصر الأمنية المتواجدة حول المبنى. أما احمد ماهر عضو حركة 6 ابريل وائتلاف شباب الثورة، فوصف تراجع الحكومة المصرية عن سحب السفير المصري لدى تل أبيب ب "المؤسف والمخيب للآمال" ويستفز مشاعر المصريين، لافتا إلى أن ما تم اتخاذه من قبل المجلس العسكري، وحكومة شرف من إجراءات حول الهجوم الإسرائيلي على الحدود المصرية غير كاف. وأوضح ماهر، في حديثه لموقع CNN بالعربية، أن ما يحدث في سيناء حاليا من وجود بؤر للإرهاب، اثبت أهمية تعديل معاهدة كامب ديفيد، حتى يتسن للجيش تطهير سيناء. وقام المتظاهرون، الذين انضم إليهم عدد كبير من جماعة "الإخوان المسلمين" بحرق علم إسرائيل مرارا وسط هتافات وتهليل وتكبير مرددين شعارات حماسية. من جانبها، نقلت الإذاعة الإسرائيلية أن دعوات التهدئة استمرت في تل أبيب، وأوردت في هذا السياق، موقف الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، الذي قال إن من مصلحة إسرائيل ومصر على حد سواء "بقاء شبه جزيرة سيناء منطقة يسودها السلام." وقدم بيريز "تعازيه للشعب المصري وعائلات رجال الأمن المصريين الذين قتلوا على الحدود بين البلدين،" الخميس الماضي. بينما أكد مصدر سياسي مسؤول في القدس أن إسرائيل "تجري اتصالات مع مصر على المستويين السياسي والأمني بهدف تخفيف حدة التوتر وتجنب التصعيد والحفاظ على العلاقات الجيدة مع القاهرة." وأوضح المصدر أن إسرائيل "تنوي التعاون مع مصر في التحقيق الجاري في الأحداث التي وقعت في المنطقة الحدودية وفي استخلاص العبر من هذه الأحداث." إلى ذلك، استمر التضارب حيال حقيقة قرار مصر استدعاء سفيره من إسرائيل، فقد سبق أن نشر القرار على موقع رئاسة الوزراء، ولكنه حُذف بعد ذلك، دون صدور توضيحات رسمية. وقد انشغلت الصحافة المصرية بالحديث عن هذه القضية الأحد، وقالت مجلة "روز اليوسف،" إن الصحفيين الذين كانوا قد تسلموا بيان سحب السفير عادوا وتسلموا عبر بريدهم رسالة تشير إلى وقوع خطأ في البيان الأول.