جدد عدد من المثقفين والتشكيليين التأكيد على أهمية التجربة التي رسختها التشكيلية السعودية الرائدة صفية بن زقر، خلال عقود خلت، مستلهمة الموروث الشعبي لمنطقة الحجاز، إضافة إلى مؤازرتها التجارب الجديدة. وأكد هؤلاء في استطلاع ل«الحياة» جدارة بن زقر للتكريم الذي حظيت به من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأربعاء الماضي، إذ قلدها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، نظير ما قدمته من جهود كبيرة وإسهامها العميق في المشهد التشكيلي السعودي. وقال الأمين العام لجمعية الفنون التشكيلية السعودية التشكيلي ناصر الموسى إن الفنانة الرائدة صفية بن زقر «من الفنانات اللائي بذلن الكثير من العطاء التشكيلي الشخصي من خلال معارضها الشخصية، التي جابت بها مناطق المملكة، وكذلك خارجها، ولها تميزها الذي تفردت به عبر أسلوبها التعبيري في تناول المواضيع الاجتماعية والبيئية في المملكة وتسجيلها المناسبات والموروث الشعبي، وبخاصة في منطقة الحجاز، من زواج وعادات اجتماعية، وطرز معمارية»، مؤكداً أنها فنانة «أعطت من فنها الكثير لتسجيل الواقع الاجتماعي النسائي من عادات وتقاليد، ناهيك عن المعمار والطرز المعمارية». وذكر الموسى أن صفية بن زقر «أنشأت دار صفية للفن التشكيلي، التي تقيم فيها النشاطات والفعاليات التشكيلية من معارض وورش فنية في المجالات التشكيلية المتنوعة، فأسهمت في المشهد الثقافي والتشكيلي السعودي»، لافتاً إلى أن التكريم جاء في وقته «فهو تقدير من القائمين على النشاط الثقافي في (الجنادرية)، الذين لديهم خطة لتكريم المبدعين في شتى مجالات الفكر والثقافة والفن في بلادنا الغالية، وهو في وقته حين يكون الفنان حياً، وهي تستحقه، ومبارك لها التكريم، والعقبى للبقية من التشكيليين في بلادنا». في حين عد التشكيلي والكاتب أحمد فلمبان تكريم بن زقر، «حدثاً تاريخياً، أن يأتي التكريم من أعلى سلطة في الدولة يخص الفن التشكيلي فهذا بحد ذاته شرف وتقدير للفن التشكيلي وتكريم لجميع المثقفين في المملكة، وقد تكون الأولى في تاريخ الفن أن يأتي التكريم والتقدير من خادم الحرمين الشريفين، ومن خلاله جاء الاعتراف الرسمي للفن التشكيلي كفن راقٍ جميل يحفظ تاريخ الأمم وواجهة حضارية مهمة للشعوب وهو معيار رقيها وتقدمها»، مشيراً إلى أن الفنانة صفية بن زقر «تستحق هذا التكريم، باعتبارها من المؤسسين لهذا الفن وعانت في بداياته في زمن الإقصاء والسخرية لهذا الفن، وضحت بكل شيء بما فيها مالها وصحتها وحياتها وغامرت بهذا الفن وعايشته وواكبت بداياته وعاصرت مسيرته وأسهمت في تطويره وانتشاره». وقال: «هي خطوة رائده في سبيل دعم الثقافة عموماً»، متمنياً «توسيع دارتها وأن تحتضنها الدولة لتكون متحفاً للفن التشكيلي السعودي المعاصر، ونتمنى المزيد من التشجيع والرعاية والعناية مع (رؤية 2030). وندعوا للفنانة بالصحة والعافية، ومزيد من الإبداع والتميز، فهذا التكريم هو تكريم لنا جميعاً وتشجيع للمبدعين في كل المجالات في شحذ هممهم وطاقاتهم من أجل الوطن، فهو الحاضن والراعي لنا ولفنوننا التشكيلية». ووصف عضو مجلس إدارة نادي الدمام الأدبي الكاتب عبدالرؤوف الغزال تكريم بن زقر، بأنه «تكريم مستحق لفنانة تشكيلية رائدة استطاعت خلال مشوارها المديد أن تضع بصمة خاصة بها في تاريخ الحركة التشكيلية المحلية عبر تنويع مفرداتها في إطار جامع للمرأة في عنوانها العريض، ومن خلال لمسات بسيطة واضحة ومفتوحة على أفق الحياة»، مشيراً إلى أن ريادتها تكمن «في اجتراح البدايات التي كانت فيها المرأة في السعودية مترددة في الانفتاح على العصر وثقافته نتيجة ظروف عدة». وقال الغزال إن تكريمها «يعطى المرأة السعودية مكانتها اللائقة، ويعزز من حضورها في المجال العام، ويدفع المرأة السعودية إلى آفاق أكبر في حركة تطورها وتعزيز حقوقها»، مؤكداً أن اختيارها للتكريم «التفات مدروس من المهرجان لفتح النوافذ لبهجة طالما انتظرناها لتثبيت حضور المرأة السعودية في ريادتها، واعتزاز الدولة والمجتمع لما تقدمه في مسيرة تطور ثقافتنا المحلية».