أوضحت الفنانة التشكيلية والرائدة الأستاذة صفية بن زقر الاهتمام بالفن في المناهج التعليمية بالمملكة قد تأخر مقارنة ببقية الدول، لذلك كانت رسالتها أن تسد النقص الذي خلفه التعليم في الفن، فكان مشروعها الذي حلمت به كثيراً في إنشاء دارة للفنون تشجع وتجمع وتتيح للراغبين التعرف على الرسم والتشكيل. وكانت صفية بن زقر قد عرجت على محطات حياتها المختلفة بين مصر ولندن والمملكة ومشوار صداقتها الممتدة مع رفيقتها الأستاذة منيرة موصلي ليلة الاحتفاء بها باثنينية خوجة بجدة مرجعة الفضل في انطلاقتها إلى دعم أسرتها وتشجيعها لموهبتها الفنية. كاشفة في ردها على مداخلات الضيوف عن أهم لواحتها وأقربها إلى نفسها (لوحة الزبونة) التي عرضت في باريس وعلقت على برج إيفل، حيث أطلقت عليها الصحافة الباريسية اسم موناليزا السعودية، معتبرة أن لوحاتها مثل الأبناء تحبهم جميعاً ولكنها تدلل لوحة الزبونة. معتبرة أن الحركة الفنية في المملكة موعودة بنهضة واسعة رغم الصعوبات والتأخر النسبي الذي تعاني منه، مؤكدة أن مشروع جمع الزي التقليدي كان أصعب مشروعاتها أخذ منها جهداً جباراً حتى وصلت إلى اقتناء أزياء يتجاوز عمرها 200 عام بدارتها تمثل تراثنا وموروثنا الثقافي، كاشفة أن الزي الحجازي يعتبر من أجمل الأزياء بالمملكة لما يحويه من زخارف وتطريز وتنوع جمالي. من جانبه أبرز عبدالمقصود خوجة في كلمته الترحيبية أهم محطات وإنجازات الفنانة التشكيلية والرائدة الأستاذة صفية بن زقر، مشيدا بريادتها الفنية، واحتضانها للتراث الجداوي و الحجازي عبر دارتها، إضافة إلى اهتمامها غير المسبوق بتوثيق الحياة والعادات بالحجاز، وكشف أنه كان من أوائل الذين باركوا انطلاقة الفنانة صفية مستعرضاً مقالاً تم نشره بصحيفة عكاظ عام 1420ه - 2000م بمناسبة افتتاح دارة صفية بن زقر، عتب فيه على الوسط الصحفي والثقافي تجاهل إبراز ذلك الحدث الفني الجمالي رغم وجود عدد من الصحفيين الذين حضروا الافتتاح، مبرزاً دور الفنانة صفية في إثراء الواقع الجمالي للمملكة عبر مبادرتها التي اعتبرها -في وقتها- مبادرة تستحق الإشادة والتشجيع لا التخذيل والنقد السلبي. دافع الشيخ عبدالمقصود خوجة في كلمته عن المدرسة الواقعية التي انتهجتها الأستاذة صفية بن زقر في فنها معتبراً أن المنهج التعبيري ينقل بصدق إيقاع الحياة وحركتها ويحفظ للأجيال الحاضرة صورة واقعية عن الماضي، والواقعية تتطلب أن ينقل الفنان كل ما يراه ويصوغ منه عالمه الفني دون تدخل أو حذف، مشيراً إلى إسهام دارة الاثنينية في قيام بيت التشكيلين عبر جمع المهتمين بالفن التشكيلي بجده بدارة الشيخ عبد المقصود خوجة عام 1412ه الموافق 1990م لتبدأ منها الانطلاقة الحقيقية لبيت التشكيلين، معتبرا ذلك واجب تمليه رسالة الأدب والثقافة التي نذر نفسها لها. تحدثت بعد ذلك الدكتورة لمياء باعشن التي أبرزت علاقتها الوثيقة بالمحتفى بها من خلال عملها كمستشارة لدارة صفية بن زقر، مما أتاح لها التعرف على الفنانة والإنسانة التي تسكن دواخل الأستاذة صفية، معتبرة الضيفة صاحبة مشروع جمالي ورسالة حضارية تسهم في تشكيل الوجدان الجمالي لإنسان جده وتراث المملكة. الأستاذ هشام بنجابي رئيس بيت التشكيليين السابق أشاد بمبادرات الأستاذة صفية بن زقر في إثراء الواقع الفني بالمملكة عبر الورش والتدريب والمعارض التي تتبناها، مثمنا إخلاصها لرسالتها وبذلها الوقت والمال والجهد في سبيل مشروعها الفني الذي رعت نبتته طوال العقود الماضية وطرحت ثماره دون مقابل لمتذوقي الفن والجمال، جاعلة من دارتها ملتقى للأسر و المهتمين. فيما اعتبر الدكتور عبدالله مناع أن تكريم الأستاذة صفية بن زقر قد تأخر كثيراً، مبرزا نضوج تجربة الضيفة ونجاحها في نقل الإحساس بالأمكنة والمناسبات عبر تصوير الجو وتأكيد المكان في توليف فني جمالي حقيق بالاحتفاء. مؤكداً أن بروز صفيه بن زقر شكل صدمة (إيجابية) للمجتمع الفني، فقد كان الناس يتوقعون شاعرة أو كاتبة أو أديبة ولكن أن تبرز في ذلك الوقت فنانة ورسامة فهذا لم يتعوده المجتمع، ولذلك شكل دعم أسرتها لها عاملاً حاسما في فتح الباب أمام عشرات الفنانات السعوديات. الأستاذة فريدة فارسي أكدت أن الأستاذة صفية بن زقر نجحت في التوثيق لمدينتها عبر ذاكرة الفنانة العاشقة لوطنها ومدينتها عبر 25 معرضاً فنياً داخل وخارج المملكة. مما يشكل فخراً للمرأة السعودية ويفتح الأبواب أمام المبدعات في مجالات الحياة المختلفة. من جانبه أكد الأستاذ فاروق باسلامة أن المحتفى بها صاحبة مشروع تأصيلي تمثل في انفتاحها على الماضي وإعادة دمجه في الحياة المعاصرة عبر مبادراتها في الزي التقليدي والتشكيل ونشر الوعي الفني بين فئات المجتمع المختلفة عبر الورش والمسابقات والملتقيات الفنية، مشيراً إلى اتخاذ بن زقر من الفن رسالة لها في الحياة تعمل على نشرها وتأصيلها وتقريبها من المجتمع السعودي.