وسط حضور كثيف من الجنسين احتفت إثنينية عبدالمقصود خوجة بمدينة جدة مساء الاثنين الماضي بالفنانة التشكيلية السعودية الرائدة صفية بن زقر. وبدأ الحفل بكلمة ترحيبية أبرز خلالها الشيخ عبدالمقصود خوجة أهم محطات وانجازات الضيفة الكريمة، مشيدا بريادتها الفنية، واحتضانها التراث "الجداوي والحجازي" عبر دارتها، إضافة إلى اهتمامها غير المسبوق بتوثيق الحياة والعادات بالحجاز، وكشف أنه كان من أوائل الذين باركوا انطلاقة الفنانة صفية مستعرضا مقالا نشره بصحيفة عكاظ عام 1420ه - 2000م بمناسبة افتتاح دارة صفية بن زقر، عتب فيه على الوسط الصحفي والثقافي تجاهل إبراز ذلك الحدث الفني الجمالي رغم وجود عدد من الصحفيين الذين حضروا الافتتاح، مؤكدا على دور الفنانة المحتفى بها في إثراء الواقع الجمالي للمملكة عبر مبادرتها التي اعتبرها -في وقتها- تستحق الإشادة والتشجيع لا النقد السلبي. ودافع الشيخ عبد المقصود خوجة في كلمته عن المدرسة الواقعية التي انتهجتها الفنانة صفية بن زقر في فنها معتبرا أن المنهج التعبيري ينقل بصدق إيقاع الحياة وحركتها ويحفظ للأجيال الحاضرة صورة واقعية عن الماضي، والواقعية تتطلب أن ينقل الفنان كل ما يراه ويصوغ منه عالمه الفني دون تدخل أو حذف، مشيرا إلى إسهام دارة الاثنينية في قيام بيت التشكيليين عبر جمع المهتمين بالفن التشكيلي بجدة بدارة الشيخ عبدالمقصود خوجة عام 1412ه لتبدأ منها الانطلاقة الحقيقية لبيت التشكيليين، معتبرا ذلك واجباً تمليه رسالة الأدب والثقافة التي نذر نفسه لها. تحدثت بعد ذلك الدكتورة لمياء باعشن التي أبرزت علاقتها الوثيقة بالمحتفى بها من خلال عملها مستشارة لدارة صفية بن زقر، مما أتاح لها التعرف على الفنانة والإنسانة التي تسكن دواخل صفية، معتبرة الضيفة صاحبة مشروع جمالي ورسالة حضارية تسهم في تشكيل الوجدان الجمالي لإنسان جدة وتراث المملكة. وأشاد الفنان القدير هشام بنجابي رئيس بيت التشكيليين بمبادرات الفنانة صفية بن زقر في إثراء الواقع الفني بالمملكة عبر الورش والتدريب والمعارض التي تتبناها، مثمنا إخلاصها لرسالتها وبذلها الوقت والمال والجهد في سبيل مشروعها الفني الذي رعت نبتته طوال العقود الماضية وطرحت ثماره دون مقابل لمتذوقي الفن والجمال، جاعلة من دارتها ملتقى للأسر والمهتمين. واعتبر الدكتور عبدالله مناع أن تكريم صفية بن زقر قد تأخر كثيرا، مبرزا نضوج تجربة الضيفة ونجاحها في نقل الإحساس بالأمكنة والمناسبات عبر تصوير الجو وتأكيد المكان في توليف فني جمالي حقيق بالاحتفاء. مؤكدا أن بروز صفية بن زقر شكل صدمة (إيجابية) للمجتمع الفني، فقد كان الناس يتوقعون شاعرة أو كاتبة أو أديبة، ولكن أن تبرز في ذلك الوقت فنانة ورسامة فهذا لم يتعوده المجتمع، ولذلك شكل دعم أسرتها لها عاملا حاسما في فتح الباب أمام عشرات الفنانات السعوديات. بدورها أكدت فريدة فارسي أن الفنانة صفية بن زقر نجحت في التوثيق لمدينتها عبر ذاكرة الانسانة العاشقة لوطنها ومدينتها عبر 25 معرضا فنيا داخل وخارج المملكة. مما يشكل فخرا للمرأة السعودية ويفتح الأبواب أمام المبدعات في مجالات الحياة المختلفة. من جانبه، أكد فاروق باسلامة أن المحتفى بها صاحبة مشروع تأصيلي تمثل في انفتاحها على الماضي وإعادة دمجه في الحياة المعاصرة عبر مبادراتها في الزي التقليدي والتشكيل ونشر الوعي الفني بين فئات المجتمع المختلفة عبر الورش والمسابقات والملتقيات. عقب ذلك، أتيحت الفرصة لضيفة الحفل الفنانة صفية بن زقر التي عرجت على محطات حياتها المختلفة بين مصر ولندن والمملكة، ومشوار صداقتها الممتدة مع رفيقتها الفنانة منيرة موصلي، مرجعة الفضل في انطلاقتها إلى دعم أسرتها وتشجيعها لموهبتها الفنية. مذكرة بتأخر الاهتمام بالفن في المناهج التعليمية بالمملكة مقارنة ببقية الدول، لذلك كانت رسالتها أن تسد النقص الذي خلفه التعليم في الفن، فكان مشروعها الذي حلمت به كثيرا في إنشاء دارة للفنون تشجع وتجمع وتتيح للراغبين التعرف على الرسم والتشكيل. كاشفة في ردها على مداخلات الضيوف عن أهم لوحاتها وأقربها إلى نفسها (لوحة الزبونة)، التي عرضت في باريس وعلقت على برج ايفل، حيث أطلقت عليها الصحافة الباريسية اسم موناليزا السعودية، معتبرة أن لوحاتها مثل الأبناء تحبهم جميعا ولكنها تدلل لوحة الزبونة. معتبرة أن الحركة الفنية في المملكة موعودة بنهضة واسعة رغم الصعوبات والتأخر النسبي الذي تعاني منه، مؤكدة أن مشروع جمع الزي التقليدي كان أصعب مشروعاتها واخذ منها جهدا جبارا حتى وصلت إلى اقتناء أزياء يتجاوز عمرها 200 عام بدارتها تمثل التراث والموروث الثقافي، كاشفة أن الزي الحجازي يعتبر من أجمل الأزياء بالمملكة؛ لما يحويه من زخارف وتطريز وتنوع جمالي. خوجة يكرم بن زقر