كشفت السفارة الأميركية في الخرطوم أن الحكومة السودانية تعاونت مع واشنطن في شكل وثيق في محاربة تنظيم «داعش» في شمال أفريقيا ومنطقة الشام، كما تعاونت معها في محاربة جماعات أخرى في أفريقيا. وقال القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم ستيفن كوتسيس خلال مؤتمر صحافي إن الحكومة السودانية بذلت جهوداً لمكافحة الإرهاب في مناطق عدة، مضيفاً أن «السودان كان شريكاً في مكافحة تنظيم داعش وجماعات أفريقية. واجتهد السودان لتأمين المداخل التي يستغلها الإرهابيون على الحدود السودانية - الليبية». وأظهر الديبلوماسي الأميركي ارتياحه حيال بدء السودان بمكافحة الإرهاب على أراضيه، وقال إنه يعمل جاهداً لمنع الإرهابيين من إيجاد ملاذٍ آمنٍ في السودان، مستشهداً بتوقيف الحكومة القيادي بتنظيم داعش «معز الفزاني» الشهر الماضي وتسليمه إلى تونس. وأضاف أن الخطوة أظهرت قدرة الحكومة السودانية على المراقبة والتحرك ضد الإرهابيين، لكنه نفى بشدة أن يكون هناك تعاون عسكري مباشر بين السودان وأميركا في ليبيا أو نيجيريا. وأوضح كوتسيس أن قرار الرئيس باراك أوباما برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان سيكون فورياً وبدأ سريانه أمس، وبعد مضي 6 شهور ستُلغى العقوبات رسمياً إذا واصلت الحكومة السودانية التطور في المواضيع الخمسة محل التفاوض. وتابع: «فليكن واضحاً للجميع أن رفع العقوبات سيكون فورياً وشاملاً». وأشار إلى أن القرار في الوقت ذاته يعطي إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة فرصة التوسع أكثر في الأمر من خلال رفع العقوبات نهائياً. وزاد: «لذلك يتوجب على الحكومة السودانية مواصلة الطريق الذي بدأته مع أميركا، ومن ثم التوصل لإحلال السلام في السودان». وأعلن المسؤول الأميركي أن قرارات أوباما لا تؤثر في محكمة الجنايات الدولية والمتهمين أمامها بجرائم حرب في دارفور، وأن العقوبات الصادرة من الأممالمتحدة تظل في مكانها. وأضاف: «بهذا يمكننا مواصلة الضغط الديبلوماسي والسياسي لدعم التطور في النقاط التي ذكرت لمخاطبة قضايا حقوق الإنسان والعدالة والمحاسبة وفتح الفضاء السياسي ودعم الديموقراطية ومناقشة جذور الصراع في دارفور». إلى ذلك، عبّرت «الحركة الشعبية –الشمال» التي تقاتل الحكومة السودانية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عن مخاوفها من استخدام الحكومة، تخفيف العقوبات الأميركية لتحسين «اقتصاد الحرب»، وجددت تمسكها بنقل الإغاثة عبر معبر مدينة أصوصا الإثيوبية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتها. واجتمع وفد من الحركة بقيادة أمينها العام ياسر عرمان، في العاصمة الفرنسية باريس، بمبعوثي دول الترويكا (الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا والنروج). وقال الناطق باسم ملف السلام في الحركة مبارك اردول إن وفدهم أبلغ المبعوثين الدوليين بضرورة موافقة الحكومة السودانية على معبر خارجي لنقل الإغاثة. وأضاف أن «الميليشيات الجنوبية اعتدت على لاجئين سودانيين في الجنوب وقتلت وجرحت عشرات منهم، مشيراً إلى أن بعض المنظمات العاملة مع اللاجئين قدرت عدد الضحايا ب70 قتيلاً. من جهة أخرى، أفاد تقرير للأمم المتحدة، بأن حركتي «تحرير السودان» فصيل مني أركو مناوي و «العدل والمساواة» برئاسة جبريل ابراهيم المتمردتين في دارفور، انسحبتا من الإقليم إثر هجوم شنه الجيش، وأصبحتا تنشطان في شكل رئيسي في جنوب السودان وليبيا. وقال خبراء دوليون في تقريرهم، إن الحكومة السودانية أصبحت بعد انسحاب حركتي مناوي وابراهيم «تتمتع بهامش أكبر من المناورة لإملاء شروط اتفاق حول دارفور». ووفق التقرير الدولي الذي نُشر أول من أمس، فإن هاتين الحركتين «لم يعد لهما أي وجود يُذكر في دارفور بسبب استراتيجية مكافحة التمرد الحكومية الفعالة». وأضاف الخبراء في تقريرهم أن «حركة العدل والمساواة» باتت تنشط في شكل أساسي في جنوب السودان، في حين أن «حركة تحرير السودان» تنشط في شكل أساسي في ليبيا. هاتان المجموعتان تقومان بأنشطة مرتزقة، ووفقاً لمعلومات، وبأنشطة إجرامية أيضاً في هذين البلدين». وأكد التقرير أن الحركتين تتبعان «استراتيجية الانتظار» القائمة على إعادة تجميع قواتهما في ليبيا وجنوب السودان، بانتظار أن تسنح «فرص جديدة لاستئناف عملياتهما في دارفور بواسطة قدرات عسكرية معززة». وبانسحاب هاتين الحركتين لا يعود أمام القوات الحكومية إلا حركة تمرد واحدة تواجهها في الإقليم هي «حركة تحرير السودان» فصيل عبد الواحد نور. ويُفترض أن يبحث مجلس الأمن يوم الجمعة المقبل، الوضع في دارفور. في شأن آخر، قالت الأممالمتحدة إن انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان ارتُكبت، بما فيها القتل والاغتصاب الجماعي، فضلاً عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي في جوبا عاصمة جنوب السودان أثناء وبعد القتال الذي وقع بين 8 و25 تموز (يوليو) الماضي.