التقى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لأكثر من ساعة في مقره ب «برج ترامب» في نيويورك أمس، قيادات أجهزة الاستخبارات، بعد أسبوع طغى عليه جدل علني بين الطرفين حول دور روسيا في قرصنة أجهزة كومبيوتر اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في ظل تأكيد الاستخبارات أن روسيا «كانت نقطة الوصل مع موقع ويكيليكس الذي نشر المعلومات المقرصنة، وأن مسؤوليها احتفلوا بفوز رجل الأعمال الأميركي، مدركين أن أعمال القرصنة ساعدت في تحقيقه». وحضر اللقاء مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، ورئيس وكالة الأمن القومي مايك روجرز، ورئيس مكتب التحقيقات الفيديرالية (أف بي آي) جيمس كومي، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) جون برينان. وجميعهم باستثناء كومي سيتقاعدون نهاية الشهر. جاء الاجتماع بعد تسريب وسائل إعلام مقتطفات من التقرير السري للاستخبارات الذي يقع في 50 صفحة ويتوقع أن تنشر أجزاء منه بعد تسليمه الى الكونغرس الأسبوع المقبل. وهو يعرض أدلة دامغة عن قرصنة روسيا أجهزة كومبيوتر وعناوين بريد الكترونية تابعة للحزب الديموقراطي وجون بوديستا مدير حملة المرشحة السابقة هيلاري كلينتون. وأهم ما أورده التقرير، وفق «واشنطن بوست، أن «الاستخبارات رصدت تسجيلات صوتية لمسؤولين روس رفيعي المستوى ليلة انتخابات الرئاسة الأميركية في 8 تشرين الثاني (نوفمبر)، وهم يحتفلون بفوز ترامب، ويقرّون بأن نشطات القرصنة ساعدت في ذلك». وأفادت الصحيفة أيضاً بأن «الاستخبارات تعرفت إلى صلات الوصل بين منفذي القرصنة وويكيليكس»، وربطتهم بروسيا بعكس مزاعم مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج. وقال الرئيس المنتهية ولايته بارك أوباما لشبكة «ان بي سي» أول من أمس: «آمل انه عندما يجري إطلاع الرئيس المنتخب على التقرير ويتمكن من دراسة المعلومات الاستخباراتية، وحين يتم تشكيل فريقه ويقتنع بحرفية وفاعلية هذه الأجهزة أن يزول التوتر الحالي». وتراجع ترامب بعض الشيء عن تصريحاته الأولى المشككة بالاستخبارات، وأعلن أن علاقته «جيدة جداً معهم، ويكن لهم الاحترام». لكنه أسف لتسريب بعض محتويات التقرير ب «هدف تسييس الموضوع، وضرب صدقية الانتخابات» قبل تنصيبه رئيساً في 20 الجاري. وصرح كلابر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أول من أمس، أن «ثقته عالية بالنتائج التي توصل التحقيق إليها»، مضيفاً أن «تدخل الروس في الانتخابات معروف سواء في تلك التي ينظمونها أنفسهم او انتخابات غيرهم، والقرصنة كانت أحد جوانب الانتخابات، الى جانب الدعاية الإعلامية الكلاسيكية والتضليل ونشر معلومات كاذبة». وقد يتم حل الأزمة من خلال وقف تشكيك ترامب بالاستخبارات ومن دون اتخاذ إجراءات إضافية ضد روسيا والسعي الى طي الصفحة مع تشديد إجراءات مكافحة القرصنة، وهو ما يطالب به الرئيس الجديد. وقد يتعزز ذلك باختيار ترامب السناتور الجمهوري السابق عن ولاية انديانا دان كوتس (73 سنة) والممنوع من السفر الى روسيا لتولي منصب مدير الاستخبارات الوطنية. ورأى محللون أن ترامب يحاول عبر خيار كوتس تهدئة مخاوف أولئك الذين يعتقدون بأنه قد يهادن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل رفضه الاتهامات التي وجهتها الاستخبارات الى موسكو بالوقوف خلف عمليات القرصنة. وسيحضر الملف الروسي بقوة الأسبوع المقبل مع بدء جلسات الاستماع للمصادقة على تعيين ريكس تيليرسون وزيراً للخارجية الأربعاء والخميس.