مارس اللبنانيون حبهم للفرح والاحتفال بحلول السنة الجديدة، على رغم الضائقة المالية والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه شرائح كثيرة منهم، واستقبلت مختلف المناطق السنة الجديدة باحتفالات سادتها أجواء عامرة بالألوان والأمان، وسط إجراءات أمنية مشددة نفَّذها عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لينعم اللبنانيون بليلة لم يسجل فيها أي حادث أمني يعكر أجواءهم الساهرة التي لم تشهد، وللمرة الأولى، سقوط ضحايا في حوادث سير وغيرها... وشكلت ليلة رأس السنة محطة للسهر في المطاعم والمقاهي والمرابع الليلية لأعداد من العائلات والشبان والشابات، في حين فضلت الأكثرية التلاقي والسهر في المنازل ومتابعة البرامج الفنية على شاشات التلفزة التي طغت عليها برامج الفكاهة والتوقعات الفلكية والتنبؤات وبعض اللمحات الإنسانية. لكن الفرحة لم تكتمل، إذ سقط خبر اعتداء إسطنبول الإرهابي الذي أدى إلى إصابة 12 لبنانياً كالصاعقة. وأمضى اللبنانيون ليلتهم بسلام حتى ساعات الصباح على وقع الغناء والموسيقى وإطلاق المفرقعات والأسهم النارية مع تسجيل خروق أمنية بسيطة في أحياء سكنية نتيجة إطلاق النار العشوائي، فأصيب العريف محمد زهران (أمن الدولة) والمواطن أحمد المصري والمواطن سيرجيو زغيب والفلسطيني خضر حمود برصاص طائش في مناطق متفرقة، وإيمان الشمالي في بعلبك. وكانت قيادة الجيش- مديرية التوجيه حذرت من إطلاق النار في المناسبات، مؤكدة أنها «ستقوم بالاستعلام والتحقق لمطاردة مطلقي النار وسوقهم إلى القضاء». نجاح التنسيق الأمني الاهتمام بالوضع الأمني عشية ليلة رأس السنة بدأ من رأس الهرم عندما أشرف رئيس الحكومة سعد الحريري مع وزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص على الاستعدادات الميدانية لقوى الأمن الداخلي وعناصر الجيش ومخابراته. وبرز التنسيق الأمني واضحاً على الأرض قبل 24 ساعة من الاحتفال برأس السنة بين الجيش والأمن الداخلي والأمن العام. ورفعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي نسبة الجاهزية في قطعاتها العملانية إلى مئة في المئة وجمدت المأذونيات واستدعي أكثر من 10 آلاف عنصر إضافي لتكثيف التواجد أمام دور العبادة والمطاعم والنوادي الليلية وغيرها من المرافق التي تتركّز فيها أماكن السهر وتشهد حضوراً كثيفاً للمواطنين. وسيرت عناصر قوى الأمن دوريات بهدف تخفيف السرعة على الأوتوسترادات، وتكثيف عمل رادارات السرعة الزائدة وحواجز فحص نسبة الكحول في الدم. كما وضع الصليب الأحمر فرق الإسعاف والطوارئ في حال من الجاهزية والاستنفار العام في جميع مراكزه المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانية. وتابع اللواء بصبوص ميدانياً الإجراءات على الأرض من خلال جولته في شوارع بيروت الرئيسية ومطاعمها التي سهر فيها سياح من الدول العربية ودول الخليج خصوصاً، في مقدمهم الرعايا السعوديون، شاركوا اللبنانيين فرحتهم. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية رفيعة أن «الإجراءت المكثفة والانتشار الأمني غير المسبوق على الأراضي اللبنانية كافة والتي بدأت تدريجياً مع اقتراب فترة الأعياد وبلغت ذروتها قبل ساعات من الاحتفال مردها مخاوف أمنية من إمكان اندساس إرهابيين بين المحتفلين، إلا أن تلك الإجراءات الاستثنائية والاستباقية قطعت الطريق أمام هدف المجموعات الإرهابية بتعكير الأمن». وأعلنت قوى الأمن الداخلي في بيان عن «نجاح عملية حفظ الأمن والنظام التي نفّذتها قوى الأمن الداخلي، إذ لم يسجل أي حادث أمني يذكر، فقامت بالتحقيق في 12 حادث سير نتج منها 18 جريحاً وذلك خلال 24 ساعة اعتباراً من 9 صباح أول من أمس ولغاية 9 صباح اليوم (أمس)». وأكدت أنه «وقعت 3 حوادث سير نجم عنها 6 جرحى وأدت حوادث إطلاق النار في الهواء إلى إصابة 5 أشخاص، اثنان منهما خرجا من المستشفى بعد معالجتهما». الحريري يتابع الإجراءات وهنأ بصبوص الضباط والرتباء والأفراد الذين شاركوا في التدابير الأمنية وتنفيذ خطة الانتشار لتنظيم السير على الجهود والإجراءات الميدانية التي بذلوها، وخصوصاً على الطرق لتسهيل أمور المواطنين والسهر على راحتهم والحفاظ على السلامة المرورية، الأمر الذي أشاع ارتياحاً لدى جميع اللبنانيين والمقيمين. وأعطى التعليمات «للبقاء على الجاهزية واليقظة الدائمة». كما شدد «على تكثيف الاستقصاءات لمعرفة هوية مطلقي النار في الهواء وتوقيفهم». وكان الحريري، زار مقر وزارة الدفاع في اليرزة، حيث اطلع على الإجراءات الأمنية التي تتخذها قيادة الجيش للحفاظ على الأمن والسهر على راحة المواطنين ليلة رأس السنة والتقى وزير الدفاع يعقوب الصراف وقهوجي، في غرفة العمليات في الوزارة، حيث استمع إلى شرح مفصل من مدير العمليات في الجيش العميد الركن زياد حمصي عن الإجراءات الأمنية التي ينفذها الجيش على مختلف الأراضي لضبط الأمن. وأثنى على الجهود المبذولة لحفظ الأمن، لافتاً إلى أن «هذه الإجراءات التي يقوم بها الجيش هي لحماية اللبنانيين، وتبث الطمأنينة في نفوسهم وتشعر الجميع بالراحة». وأكد «دعم الجيش والقوى العسكرية بكل الإمكانات المتاحة، لتستطيع القيام بواجباتها على أكمل وجه». ثم انتقل الحريري إلى مكتب قائد الجيش حيث عقد اجتماعاً حضره الصراف وقهوجي وعدد من كبار الضباط في الجيش ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري. وأشار الحريري إلى أن «هؤلاء الشباب والشابات تركوا عائلاتهم من أجل حفظ الأمن ونحن كحكومة سنكون دائماً إلى جانب الجيش، ومعالي وزير الدفاع يتابع هذا الموضوع بشكل حثيث». وانتقل الحريري إلى ثكنة الحلو، حيث التقى المشنوق وبصبوص، وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي في غرفة المراقبة والتحكم التابعة لشبكة كاميرات بيروت في الثكنة، حيث استمع إلى شرح حول آلية عمل الغرفة وجاهزيتها التامة لمتابعة الأمور على الأرض ومواكبة الاحتفالات بعيد رأس السنة. وأوضح أنه أراد أن يكون «في هذه الليلة إلى جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية الساهرة على الأمن، والتي هي على جاهزية كاملة ونحن كحكومة سنحاول أن نقوم بكل ما في وسعنا لكي يتم تجهيز القوى الأمنية بشكل أكبر ونسهل العمل الأمني في المستقبل». وأكد أن «واجبنا كحكومة أن نؤمن كل العتاد والتجهيزات التي يطلبها الجيش وقوى الأمن الداخلي، وهذا الأمر يجب أن يحصل بغض النظر عما يمكن أن يأتينا من مساعدات من الخارج». واعتبر أن «الاستثمار في الأمن هو استثمار مجد للغاية وأمر حيوي وله أولوية خاصة، لأنه يعطي المواطن الأمن والاستقرار الذي هو بحاجة إليه، ويمكننا من استباق أي محاولة لارتكاب الجرائم الداخلية». على صعيد آخر، قضى شاب في ال18 من عمره في منطقة بعبدا، انتحاراً بعدما كان تردد أنه سقط نتيجة رصاصة طائشة. توقيف لبناني ألقى قنابل في طرابلس قبضت قوة تابعة لمخابرات الجيش اللبناني أمس، على اللبناني ع.ب الذي ألقى 3 قنابل في أحياء متفرقة بطرابلس في ساعة مبكرة من ليلة الاحتفال برأس السنة بهدف تعكير الأمن وإثارة الخوف في نفوس الأهالي، وساقته إلى وزارة الدفاع في اليرزة للتحقيق معه لتحديد هوية الجهة التي يعمل لمصلحتها وأفراد المجموعة المشاركة معه.