على مسافة غير بعيدة من كارثة مائية وبيئية ضخمة ألمت بباكستان مُخلّفة مآسي طاحنة، استضافت تونس المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة. وتركّزت اهتماماته بالطاقة والمياه ومكافحة التصحّر والتغير المناخي وإدارة مخاطر الكوارث والتنمية المستدامة. رعت المؤتمر «منظمة المؤتمر الإسلامي» و «المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» (إيسسكو) و«الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة» في المملكة العربية السعودية. وافتتح المؤتمر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي قدّم مقترحات شملت إنشاء مجلس إسلامي للمياه ليكون مؤسسة علمية مرجعية واستشارية متخصصة في دراسة مصادر المياه في العالم الإسلامي، وبناء نظام معلوماتي عنها. تفاعل البيئة مع التنمية تداول المؤتمِرون اقتراحاً بإرساء آلية تنسيقية بين دوله بهدف تعزيز البرامج المحلية في مقاومة التصحّر. ودعا لإيلاء اهتمام واسع لقضايا التغيّر مناخياً والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. وتبنى المؤتمر هذه المقترحات في إعلانه الختامي. وترأس المؤتمر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة في السعودية الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز بوصفه رئيس المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة، ورئيس المكتب التنفيذي الإسلامي للبيئة. وأكّد ضرورة تكثيف العمل الجماعي للتغلّب على الصعوبات التي تعترض الدول الإسلامية في حماية البيئة. وأشار الأمير تركي بن ناصر إلى أن المؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة بات أداة فعّالة للعمل الإسلامي المشترك. وأكّد المدير العام ل «المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري أن هياكل العمل الإسلامي المشترك بيئياً، دُعّمت في هذه الدورة بمجموعة المشاريع التي نوقِشَت فيها. وأوضح أن «إيسسكو» حريصة على تفعيل التعاون الإسلامي بيئياً، مع ربطه بالجهود المبذولة في الاقتصاد والاجتماع والعلم والثقافة، مُشدّداً على أن لا فصل بين البيئة والتنمية. ونوّه التويجري بوعي «إيسسكو» بالتحديات التي تواجه العالم الإسلامي بيئياً. يذكر أن المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء البيئة عقد في جدّة في حزيران (يونيو) 2002، وأصدر «الإعلان الإسلامي حول التنمية المستدامة». وكذلك استضافت جدّة الدورة الثانية، في كانون الأول (ديسمبر) 2006، التي أصدرت وثيقة تعهدات جدة حول التنمية المستدامة. وعُقِدت الدورة الثالثة (2008) في الرباط، تحت عنوان «التنمية المستدامة في العالم الإسلامي». وتقدّمت تونس باقتراح لصياغة إعلان حول الشباب والتنوّع بيولوجياً، علماً أن تونس كانت قد تقدمت باقتراح إلى الأممالمتحدة ليكون عام 2010 مكرّساً للشباب، مع الإشارة إلى ان المنظمة الدولية خصصت هذا العام للتنوّع البيولوجي. وبذا، أصدر المؤتمر نداء تونس حول الشباب والتنوّع بيولوجياً. واعتبر النداء أن حماية الطبيعة تمثل قيمة إسلامية أصيلة، داعياً لإعطاء الشباب دوراً أساسياً فيها. الشباب والموجة الخضراء وحضّ المؤتمر على تنفيذ الخطة الاستراتيجية لاتفاقية الأممالمتحدة حول التنوّع البيولوجي. ودعا الى زيادة التعاون بين المؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة والأممالمتحدة، في حماية التنوّع البيولوجي، ورفع الوعي بمبادرة «الموجة الخضراء» Green Wave الرامية إلى توعية الأطفال والشباب بحماية التنوّع البيولوجي وترسيخ حبّ الطبيعة في عقولهم. وذكّر بأن المؤتمر يدعم المقترح الرامي إلى إعلان السنوات من 2011 إلى 2020 بوصفها عشرية دولية للتنوّع البيولوجي، ويلتزم بالعمل على ضمان سبل نجاحها، ويكلف رئيس المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء البيئة بتقديم «نداء تونس» إلى أمانة المؤتمر العاشر للأطراف المتعاقدة في اتفاقية الأممالمتحدة للتنوّع البيولوجي، وكذلك تقديمه إلى الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناسبة دراسة تقرير عن الاحتفال بالسنة الدولية للتنوّع البيولوجي. وفي لقاء مع «الحياة»، أوضح الأمين العام للاتحاد العربي للشباب والبيئة الدكتور ممدوح رشوان أن الاتحاد لديه بروتوكول تعاون مع «إيسسكو»، كما نفّذ ما يزيد على 15 برنامجاً معها هذا العام. وبيّن أن هذا الاتحاد ملتزم تفعيل نداء تونس، وأنه سيبدأ مجموعة من النشاطات والمعسكرات الشبابية، في سياق المشاركة في مبادرة الموجة الخضراء التي أطلقها برنامج الأممالمتحدة. وأشار رشوان الى ان الاتحاد شارك في «حملة البليون شجرة» العالمية، عِبر زرعه عشرة ملايين شجرة في العالم العربي. وأضاف: «نظّمنا برامج لإعادة تكثير الأشجار العتيقة المعرضة للاندثار. وسنبدأ برنامجاً لتعريف الشباب والأطفال بأهمية المحميات الطبيعية. وتقدّمنا بمشروع إلى المؤتمر الإسلامي الرابع لتنظيم معسكر لشباب العالم الإسلامي والعربي والأفريقي، لمناقشة قضايا المياه والتنوّع البيولوجي. ونعتزم عقد هذا اللقاء في الأقصر (جنوب مصر) في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقبيل اختتامه، تبنى المؤتمر مشروع برنامج العمل الإسلامي للاستفادة من صناديق التكيّف مع التغيّر بيئياً وآليات التنمية النظيفة، وقدّم توصيات عن مشاريع التكيّف مع التغيّر بيئياً في البلدان الإسلامية. مركز إسلامي ولاحظ المؤتمر أيضاً ضرورة إنشاء مركز إسلامي للمعلومات البيئية، بهدف المساعدة على تطبيق الأسس العلمية أثناء وضع استراتيجيات لتقليل الآثار السلبية على البيئة، وصون الموارد الطبيعية، وتحقيق مبدأ التنمية المستدامة في الدول الإسلامية. ولاحظ ضرورة أن يعتمد هذا المركز على تقنيات متطوّرة في صنع قواعد البيانات، إضافة الى اتصاله مع المراكز المعلوماتية المُشابهة ومحطات الاستشعار من بُعد والأقمار الاصطناعية وغيرها. وعُلِم أن السعودية ستكون مقراً لهذا المركز. ودعا المؤتمر الى تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتشجيع استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في العالم الإسلامي. وطرح مشروعاً للنهوض باستخدامات تكنولوجيا الطاقة المتجددة في العالم الإسلامي. وحضّ على التعاون بين الدول الإسلامية في الصناعة والبحث والتطوير، مُشدّداً على أهمية إنشاء مراكز للتميز بهدف تبادل المعرفة وتوفير التدريب والخدمات الاستشارية في مجالات طاقات الرياح والكتلة الحيوية والبحار والأنهار والهيدروجين وخلايا الوقود وغيرها. واعتمد المؤتمر أيضاً استراتيجية لإدارة مخاطر الكوارث وانعكاسات التغيّر في المناخ، مُشدّداً على أهمية الوقاية في سياق مواجهة كوارث الطبيعة والبيئة، مثل إجراءات القياس والمراقبة والرصد والإنذار المبكر وغيرها.