إذا أرادت المنظمات الدولية المتخصصة في العمل الإنساني حول العالم التحدث بلغة الأرقام والحقائق، فإنها سوف تضع المملكة العربية السعودية في مقدم دول العالم في تقديم العون والإغاثة للدول المنكوبة من دون تمييز بين جنس أو عرق ودين، وإنما جعلت الحاجة هي المعيار لتقديم المساعدة وتبني مشاريع البناء وإعادة الإعمار للنهوض بخدمات البنية التحتية في جميع المجالات، إذ بذلت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود جهوداً حثيثة للحد من آثار وتداعيات الكوارث والأزمات الإنسانية التي شهدتها الكثير من دول العالم، وقد أكد ذلك التقرير الصادر عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن المملكة تصدرت دول العالم في مجال التبرعات لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية عام 2008. وتواصل المملكة التزامها الأخلاقي تجاه شعوب المناطق المنكوبة حين كانت الدولة الأولى في العالم التي سارعت بتقديم يد العون إلى الشعب الباكستاني الشقيق المتضرر جراء الفيضانات الكارثية، وسارعت منذ اللحظة الأولى في تسيير جسر جوي إغاثي إلى باكستان لنقل المساعدات العاجلة، ولقد بلغ إجمالي التبرعات النقدية المقدمة لحملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب الباكستاني في يومها الأول أكثر من 77 مليون ريال، ولا تزال مسيرة التبرعات جارية على قدم وساق لها ولأي دولة تتعرض لكارثة، بهدف إعادة إعمار بعض منشآت البنية الأساسية في تلك الدول التي تتعرض للكوارث، خصوصاً المدارس والمباني والطرق والمستشفيات لتقديم المساعدات العاجلة من أطباء وأدوية وخيام وبطانيات ومواد غذائية... إلخ. لم تختلف مواقف الشعب السعودي السخي والإنساني عن مواقف قيادته النبيلة، إذ تدافع السعوديون في مراكز جمع التبرعات في الملاعب الرياضية للجود بكل ما هو نفيس في صناديق التبرعات، متمثلين قول الله عز وجل: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين). لقد شهدت مواقف نادرة لتبرع أحد المواطنين بسيارته الوحيدة التي يمتلكها، وتبرع أحد ذوي الاحتياجات الخاصة بكراسٍ متحركة، وإسهام الأطفال بمصروفهم ومدخراتهم، وتبرع النساء بذهبهن ومدخراتهن، ناهيك عن المساعدات العينية والنقدية المتنوعة، ولعلنا أمام نماذج أكثر نبلاً وأخلاقاً لحالات لم تستطع عدسات وسائل الإعلام رصدها وتسجيلها وبقيت تحت مسمى «فاعل خير». وفي السياق ذاته لم تغفل المملكة، التي تتولى رئاسة اللجنة الاستشارية ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى» (اونروا)، التي تتكون من 23 دولة، وتنشط في دعم 4.7 مليون لاجئ فلسطيني موجودين في 58 مخيماً داخل فلسطين وخارجها وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني. لقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على استضافة 2000 حاج فلسطيني من ذوي السجناء المحكوم عليهم بالمؤبد، ومن أفرج عنه منهم، وذوي الشهداء لحج هذا العام 1431ه، إضافة إلى موافقة مجلس الوزراء على استمرار العمل بالسماح باستيراد السلع والمنتجات الفلسطينية، واستمرار تحمل الدولة الرسوم الجمركية الخاصة بها. إننا نقف وقفة احترام وإجلال أمام هذه القيادة وشعبها الطيب، ونجدد الشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين، وإلى النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي حاز على جائزة المانح المميز لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «الأنوروا»، إذ إنه أول شخصية عالمية تحصل على هذه الجائزة. [email protected]