يأتي تعيين توم دونيلون مستشاراً للأمن القومي خلفاً للجنرال المتقاعد جيمس جونز، ليعزز دور التيار السياسي القريب من جوزيف بايدن نائب الرئيس في البيت الأبيض وهو ما سينعكس مباشرة في مراجعة استراتيجية أفغانستان وسيزيد الشكوك حول أي زيادة عسكرية هناك، كما سيكون له تأثير مباشر في العلاقة بين وزارتي الخارجية والدفاع من جهة والبيت الأبيض من جهة ثانية، نظراً الى تحفظات لدى هيلاري كلينتون وروبرت غيتس عن تعيينه. دونيلون، المعروف بقربه من بايدن وكون زوجته كاتي راسل تدير فريق جيل بايدن زوجة نائب الرئيس، في حين ان أخاه مايكل دونيلون يعمل مستشاراً لنائب الرئيس أيضاً، هو من «التكنوقراط» في إدارة الرئيس باراك أوباما. كان دونيلون مديراً لفريق وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر، وأثبت خلال مشاركته في حملة أوباما وفي عمله كنائب سابق لجونز قدرة على إدارة الاجتماعات والمحافظة على شبكة تنسيق قوية بين كل عناصر مجلس الأمن القومي والمسؤولين الأبرز في البيت الأبيض. من هنا كان تنويه جونز بقدرة خلفه على «ضبط ساعة القطار»، وهو ما لم يبرع فيه جونز الذي فشل بحسب المراقبين على المستوى الإداري في مجلس الأمن القومي. غير أن جونز لم يكن من أشد المعجبين برصيد دونيلون السياسي ويروي بوب وودورد في كتابه «حروب أوباما» عن مواجهات ساخنة بين الرجلين، خاطب خلالها جونز دونيلون بالقول: «ليست لديك صدقية مع الجيش، يجب أن تسافر خارج الولاياتالمتحدة بدل أن تخرج بإعلانات حول أمكنة لم تزرها يوماً (العراق وأفغانستان) وقيادات لم تلتق بها». وبرز الخلاف بين جونز ودونيلون في ضوء مراجعة حرب أفغانستان اذ اعترض الأخير بشدة على زيادة عدد القوات هناك، وتبنى بذلك موقف بايدن في وجه توصيات القيادة العسكرية والوزيرين غيتس وكلينتون التي أيدت أيضاً الزيادة. وسرعت في خروج جونز التسريبات التي يشتبه بأنه أعطاها الى وودورد والتي تشمل تفاصيل عن خلافاته مع الدائرة الصغيرة المحيطة بأوباما بينها مدير الفريق السابق رام عمانوئيل والذي تجاهل جونز مرات عدة بالتعاطي مع دونيلون. وعلى رغم قدراته الإدارية وبراغماتيته السياسية المتجسدة بسعيه الى التركيز على التحديات الجديدة للولايات المتحدة ومن بينها ايران والصين والاسراع في الانسحاب من العراق، لا تجمع دونيلون علاقة جيدة بغيتس أو كلينتون. فالأول وصفه ب «الكارثة»، كما لدى فريق كلينتون تحفظات على تدخل مجلس الأمن القومي المستمر ودونيلون شخصياً في شؤون الخارجية، وهو ما سينذر بعلاقة متشنجة بين هؤلاء وفي ملفات خلافية مثل حرب أفغانستان وعملية السلام. وسيكون لهذه العلاقة انعكاساتها على التقويم الأميركي المرتقب لحرب أفغانستان والذي سيجرى الانتهاء منه قبل كانون الأول (ديسمبر) المقبل. ومن المتوقع خروج روبرت غيتس العام المقبل من ادارة أوباما.