استنفرت الأجهزة الحكومية والأمنية المختلفة التي تتولى «مهمة العيص» إمكاناتها لمجابهة التطور السريع في قوة درجات الزلازل التي تضرب المنطقة منذ 28 يوماً، واتساع دائرة نشاطها إلى مناطق تبعد مئات الكيلو مترات عن مركز النشاط الرئيس (حرة الشاقة)، في ظل ظهور مؤشرات أكثر خطورة لانفجار الحمم البركانية في المنطقة التي فر منها سكانها إلى المدن القريبة والمخيمات. ورافق ذلك إغلاق الأجهزة الأمنية جميع المنافذ المؤدية إلى العيص وإعلانها منطقة محظورة. وتواصلت الهزات أمس على مدينة العيص والقرى التابعة لها الخالية من سكانها إلا أن عدداً قليلاً من كبار السن رفضوا الخروج، إضافة إلى تأثر مدينتي ينبع وينبع النخل، مع توجيهات أجهزة الدفاع المدني وهيئة المساحة بتوخي الحذر والابتعاد عن العيص لمسافة 50 كيلو متراً. وفي الوقت الذي بات إجلاء معظم سكان العيص وقراها إلى المدن القريبة والمخيمات شبه مكتملة، بدأت في مدينة أملج بمنطقة تبوك استعدادات إجلاء سكان المناطق المتضررة من الهزات، بعد تجيهز مراكز الإيواء المخصصة لهم في الفنادق والشقق المفروشة والمخيمات، إنفاذاً لتوجيهات أمير المنطقة، الذي أكد أن مراكز الإيواء تستقبل الأسر موقتاً، ومن ثم سيتم نقلهم إلى السكن المناسب في إحدى المحافظات أو مدينة تبوك. وتواصل هيئة المساحة الجيولوجية رحلاتها الجوية فوق حرة الشاقة، التي كشفت وجود شقوق أرضية في منطقة النشاط الزلزالي، إضافة إلى تركيب محطة رصد زلزالي إضافية غرب حرة الشاقة، مع رصد متغيرات مصاحبة لمثل هذا النشاط من حيث الارتفاع في درجات الحرارة، وتركيز غاز الرادون. فيما باشرت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع الجهات المختصة، متابعة النشاطات الزلزالية في حرة الشاقة (لونير) عن كثب، إذ أرسلت عدداً من المراصد المتحركة وباحثين ميدانيين، للعمل على تلك المراصد ومتابعة الأحداث في المنطقة على مدار الساعة. وأكد مساعد المشرف العام على معهد بحوث الفلك والجيوفيزياء في المدينة الدكتور خالد الدامغ ل«الحياة» أن قوة الزلزال الليلة قبل الماضية فاقت خمس درجات ونصف على مقياس ريختر المفتوح، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يقل النشاط البركاني الأسبوع المقبل بعد أن يصل إلى سقف معين. وأشار الدكتور الدامغ إلى أن «من الأمور المطمئنة أن المنطقة من النوع التي يحدث بها طفوح وليست براكين منفجرة، بحيث تخرج الصهارة على الأرض بشكل طافح، ومن الممكن أن تظهر خلال الفترة المقبلة في حال استمر الوضع تصاعدياً»، مشيراً إلى أن الطفوح في أول ظهوره سيكون بطيئاً جداً، وهذا الأمر يعتمد أيضاً على مدى حجم الصهارة في باطن الأرض. وتزامناً مع عمليات الرصد في المنطقة تنفذ المديرية العامة للدفاع المدني خطة خاصة لمواجهة أخطار الزلازل والبراكين، بمشاركة طيران القوات الجوية، في نقل عدد من قوات الطوارئ الخاصة، لدعم قوات الدفاع المدني في «مهمة العيص». وأكد قائد قوات الطوارئ الخاصة في الدفاع المدني العقيد مستور الحارثي تكليف قوات الطوارئ الخاصة في الدفاع المدني بمنطقة تبوك بالتمركز في محافظة أملج، وكذلك تم تكليف قوات الطوارئ بالدفاع المدني بمنطقة مكة بالتمركز في محافظة ينبع، مع إبقاء قوات الطوارئ الخاصة بالدفاع المدني في منطقتي عسير والشرقية على أهبة الاستعداد. ووجه أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز بسرعة نقل الأسر التي ترغب إلى مراكز الإخلاء في الشقق السكنية أو الفنادق، التي سبق أن تم حجزها في محافظات أملج والوجه وحقل وتبوك، مؤكداً استنفار جميع الأجهزة الحكومية المعنية في المحافظة لمواجهة أي حدث، سواء فيها أو في المراكز التابعة لها. كما وقف وكيل إمارة منطقة المدينةالمنورة المكلف إبراهيم بن مزيد الخطاف أمس على الوضع في مركز العيص، للاطمئنان على أحوال المواطنين ومتابعة حاجاتهم، وتأمين كل ما يلزم، كما التقى خلالها المواطنين واطمأن على أحوالهم واستمع لمطالبهم. وأكد أن أمير المنطقة يتابع أحوالهم لحظة بلحظة، وأنه وجه بوضع الإمكانات لخدمة المواطنين المتضررين، وتأمين سكن لهم سواء في محافظة ينبع أو المدينةالمنورة.