هل هي مصادفة أن تكون الفئران والجرذان التي تتسبب بمقتل ملايين البشر بسبب الطاعون أو «الموت الأسود» هي منقذتهم من الألغام الأرضية المضادة للأفراد في القرن الحادي والعشرين؟ كغيره من الناس العاديين، كان نيكو موشي يكره الفئران والجرذان، لكنه ظل كذلك إلى أن عرف أن للجرذان أنوفاً يمكنها أن تشم الألغام الأرضية، على رغم أنه كان في البداية يعتقد بأن الأمر ينطوي على خدعة. خلال السنوات الماضية، كان موشي (32 سنة) يعمل مع القوارض الأفريقية العملاقة، إلى حد بات معه يستمتع برفقتها، بل وأصبحت من «الأصدقاء المقربين» له. خلال تجربته الأولى مع الجرذان، شعر موشي بالذعر عندما اصطحب ذلك الحيوان ذي الذيل الطويل إلى حقل ألغام في موزامبيق، كان من مخلفات الحرب الأهلية التي انتهت في البلاد عام 1992. الذعر لم يكن بسبب الجرذ ولا الهياكل العظمية لعدد من الأشخاص في حقل الألغام، بل لأن جرذه عثر على 16 لغماً أرضياً، كانت كفيلة بإزهاق أرواح العديد من الناس الأبرياء. أما الشخصية التي تقف وراء هذا المشروع، أي تربية الجرذان على كشف الألغام ومكافحتها، فهو البلجيكي بارت فيتينز، الذي أشار إلى ثقافة كراهية الجرذان المتجذرة في الثقافات الشعبية منذ قرون طويلة، خصوصاً أنها كانت تقف وراء الطاعون أو «الموت الأسود» الذي أودى بحياة الملايين من البشر. وكان العلماء قد انطلقوا في البداية من فكرة تدريب الحيوانات الجرابية على استكشاف مواقع الألغام الأرضية، لكنهم كانوا يستخدمون نظاماً يشمل على «الأقطاب الكهربائية» للدماغ.