للمرة الأولى تفتح قلعة مدينة حلب التاريخية أبوابها أمام عمل فني حديث عنوانه «ذاكرة النيلة» من تصميم وإعداد التشكيلي الفلسطيني ناصر سومي، من 20 الى 22 من الشهر الجاري. وعلى مدى أمسيات ثلاث ستتحول القلعة الى ميدان يحيي فيه راقصون من فرنسا ولبنان وسورية ميزات لون النيلة، الغامض والمعروف منذ فجر البشرية. ويقول سومي ل «الحياة» إن هذا العمل الفني الذي سبق ان قدمه في مدينة حيدر آباد في الهند ينتقل اليوم الى حلب، «كونها من أهم المدن التي لها علاقة بالصباغة في شكل عام وبالنيلة في شكل خاص». وبخلاف النسخة الهندية من العمل التي طغى عليها الطابع الهندي، فإن النسخة الحلبية يطغى عليها الطابع الشرقي بالنسبة الى تصميم الرقصات وأيضاً الإيقاع الموسيقي. وكرس سومي أكثر من ثمانية أشهر لإعادة تكييف العرض بما يتلاءم مع البيئة الحلبية والمزاج الشرقي عموماً بالتعاون مع فنانين وراقصين من أبناء المدينة. ويلفت الى أن حلب مدينة لها مقومات تاريخية عمرانية متميزة في شكل مدهش وأن رئيس بلديتها والمجموعة التي تعمل الى جانبه، يعتمدان سياسة تهدف الى إغناء الطابع الثقافي للمدينة وعدم الاكتفاء بالطابع التراثي. وعلى غرار ما حصل خلال عرض العمل في حيدر آباد، فإن راقصين من جنسيات مختلفة سيلتقون ليعبروا عن ترابط الثقافات تماماً كالنيلة التي يقول سومي انها اقدم صبغة استخدمها الإنسان وأنها الوحيدة التي لا تتغير ويبقى لونها على ثباته بخلاف الألوان الأخرى. وعن أسباب اهتمامه بهذا اللون، يقول سومي ان هذا الاهتمام بدأ في شكل حدسي وأنه اكتشف تباعاً ان النيلة الموجودة في معظم دول العالم، باستثناء أوروبا حيث تعذر زراعة نبتة العلظم التي تستخرج منها هي اللون الأول لفلسطين. وكذلك اكتشف ان النيلة تربط ثقافات الإنسان على اختلاف مناطق تواجده في شكل جمالي وروحاني. والانطباع الذي يرغب في أن يولده عمله الفني لدى المشاهدين، هو تحديداً الشعور بروحانية هذا اللون الذي هو لون السماء والبحر والأشياء الأساسية الموجودة في الكون. وكانت منظمة «يونيسكو» في باريس منحت سومي جائزة القارات الخمس على العمل الذي قدمه في حيدر آباد.