تحدث الرئيس الأوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف في البرلمان أمس، عن امكان تنظيم «استفتاء وطني» حول نظام البلاد، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أيار (مايو) المقبل. وقال: «لسنا ضد تنظيم استفتاء في اوكرانيا كلها، قد يتزامن اذا وافق البرلمان مع الانتخابات الرئاسية، وانا أكيد من ان غالبية الأوكرانيين سيؤيدون بلداً مستقلاً وديموقراطياً وموحداً وغير قابل للتقسيم». ولم يشر تورتشينوف الى المشروع الذي سيتضمنه الاستفتاء. لكن السلطات المؤيدة لأوروبا في كييف، والتي تسلمت الحكم بعد اطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في 22 شباط (فبراير) الماضي، ترفض فكرة الفيديرالية التي تطالب بها موسكو وانفصاليون موالون لها، بحجة انها تفكك البلاد. وكانت كييف وعدت بإجراء اصلاحات دستورية لإنشاء نظام لا مركزي يسمح بانتخاب السلطات المحلية بدلاً من تعيينها من قبل السلطة المركزية. ورد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن المناطق الشرقية الناطقة بالروسية شرق اوكرانيا يجب أن تشارك في صوغ الدستور الذي سيطرح على الاستفتاء الذي قد تجريه كييف حول شكل اوكرانيا التي اكد ان تقسيمها لا يخدم مصلحة روسيا التي تريد أن تعامل كييف جميع مواطنيها على قدم المساواة. ميدانياً، هاجم حوالى مئة انفصالي على الأقل من الموالين لروسيا مركزاً للشرطة في مدينة فورليفكا بإقليم دونيتسك شرق اوكرانيا، وأضرموا النار في مكاتبه، ما أسفر عن جرحى، فيما تواصلت لليوم الثالث سيطرة مسلحين موالين على مقار حكومية في سلافيانسك بدونيتسك ايضاً، في غياب قوات السلطات. وأعلن سيرغي تاروتا، محافظ اقليم دونيتسك الذي تضم سلافيانسك، ان «عملية مكافحة الارهاب التي تشمل وحدات عسكرية تتواصل في المنطقة لنزع سلاح قطاع الطرق وتحرير المباني التي يحتلونها». لكن اي مؤشرات للعملية لم تظهر على الارض رغم انقضاء مهلة أعطتها الحكومة لشنها، إذ تستمر سيطرة انفصاليين وقوات موالية لروسية على مبنى الادارة المحلية ومركزي الشرطة وجهاز أمن الدول، وضعوا المتاريس حولها. ويزيد عدد المتاريس والحواجز عند مدخل سلافيانسك التي قتل فيها عنصر أمنٍ موالٍ لكييف بعد اصابته بعيار ناري. ويقف امام مقر الادارة المحلية عشرات المسلحين الذين يرتدون زياً موحداً. وفي شوارع محاذية، اعتصم حوالى ألف شخص اكدوا انهم لن يغادروا حتى اجراء استفتاء حول ضم المنطقة الى روسيا. وقال المدرس الكسندر بلوخوتسكي (46 سنة): «نريد اجراء استفتاء شبيه بالذي سمح بانضمام القرم الى روسيا. كنا نفضل حكماً ذاتياً في اوكرانيا، لكن الوضع الحالي يحتم طلبنا الانضمام الى روسيا». وفي مؤتمر صحافي بمقر إدارة سلافيانسك، ناشد زعيم الانفصاليين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المساعدة في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة القوات الحكومية، «اتمنى ان تتنبهوا شخصياً الى الوضع، ومساعدتنا بقدر ما تستطيع». «ضلوع موسكو» وقد يثير استخدام السلطات الموالية لأوروبا في كييف للقوة مواجهة جديدة مع روسيا، علماً ان مارك ليال غرانت السفير البريطاني في الأممالمتحدة قال إن «روسيا حشدت بين 35 و40 ألف جندي مجهزين بطائرات قتالية ودبابات ومدفعية ووحدات للدعم اللوجيستي على الحدود مع اوكرانيا اضافة الى 25 ألف جندي نقلتهم الى القرم اخيراً». وصرحت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سامنثا باور بأن «الأحداث الأخيرة في اوكرانيا تحمل أدلة واضحة على ضلوع موسكو». وكان اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي ليل الاحد تحول الى حوار طرشان بين الروس والغربيين الذين اتهموا موسكو بالوقوف وراء التوتر في شرق اوكرانيا، في حين انذرت موسكو كييف «بوقف استعمال القوة ضد الشعب الاوكراني»، وقال سفيرها فيتالي تشوركين: «سيحدد إذا كان يمكن تفادي حرب اهلية في اوكرانيا». وطلبت روسيا عقد الاجتماع، بعد إعلان كييف انها ستطلق «عملية واسعة ضد الارهاب» تستهدف المتمردين المسلحين الموالين للروس شرق اوكرانيا. وعلى هامش اجتماع مقرر لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ لمناقشة أزمة اوكرانيا، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان روسيا «تحرض بوضوح على زعزعة الاستقرار شرق أوكرانيا»، داعياً الى فرض مزيد من العقوبات على موسكو. وقد تشمل «المرحلة الثالثة» من عقوبات الاتحاد الأوروبي قيوداً على التجارة والتمويل مع روسيا، لكن وزراء خارجية كثيرين ابدوا لدى وصولهم الى لوكسمبورغ تحفظهم على تشديد العقوبات في انتظار اجتماع سيعقد في جنيف الخميس المقبل بين اوكرانياوروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. في برلين، قالت كريستيان فيرتز، مساعدة الناطق باسم الحكومة، ان «هناك مؤشرات عدة لدعم موسكو المجموعات المسلحة التي تنشط في اوكرانيا»، بينما حذر زيغمار غابرييل، نائب المستشارة الألمانية، من «استعداد روسيا للسماح لدباباتها بعبور حدود اوروبا». وإثر لقائه نظيره الصيني في بكين، صرح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بأن البلدين يحرصان على ألا تشكل قضية القرم سابقة، مع اقتراب دخول موسكو وكييف مواجهة عسكرية. وأعقب ذلك دعوة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون والمستشارة الألمانية انغيلا مركل، إثر اتصال هاتفي، روسيا الى إدانة احتلال مبانٍ حكومية شرق اوكرانيا.