أعلنت الحكومة الأوكرانية أمس، سقوط قتلى وجرحى خلال «عملية لمكافحة الإرهاب» بدأتها ضد مسلحين موالين لروسيا شرق البلاد. وكان مسلحون بأسلحة آلية موالون لموسكو سيطروا السبت في شكل شبه كامل على مدينة سلافيانسك التي تبعد نحو 150 كيلومتراً من الحدود الروسية، وأقاموا متاريس على مشارفها. المسلحون المجهزون والمنظمون، رفعوا علم روسيا في سلافيانسك وتلقّوا دعم قسم كبير من السكان الذين احتشدوا أمام مبان حكومية وهم يهتفون «روسيا، روسيا». وأمام مقرّ الشرطة الذي سيطر عليه المسلحون، تجمّع حوالى مئة مدني مرديين شعارات تضامن مع المحتجين، بما في ذلك «استفتاء»، في إشارة إلى المطالب بتنظيم استفتاء لتحديد وضع المنطقة. وأعلن وزير الداخلية الأوكراني أرسين افاكوف سقوط «قتلى وجرحى من الجانبين» في «عملية مكافحة الإرهاب» التي شنّتها سلطات كييف ضد المسلحين الموالين لموسكو في سلافيانسك. وكتب على موقع «فايسبوك»: «من جانبنا قُتِل ضابط في أجهزة الأمن، وجُرح خمسة» بينهم «رئيس مركز مكافحة الإرهاب في أجهزة الأمن». وأضاف أن «عدداً غير مُحدد» من الضحايا سقط في جانب «الانفصاليين»، لافتاً إلى أن حوالى ألف شخص يدعمونهم. وأوردت وسائل إعلام روسية أن ناشطاً موالياً لموسكو قُتل وجُرح اثنان، في مواجهات سلافيانسك. وكان أفاكوف أعلن «بدء عملية لمكافحة الإرهاب في سلافيانسك»، تشارك فيها «وحدات من كل قوات البلاد، وليكن الله معنا». وأوصى السكان ب «مغادرة وسط البلدة والامتناع عن مغادرة منازلهم والبقاء بعيدين من النوافذ»، تحسباً لاشتباكات بين المسلحين الانفصاليين وقوات الأمن الأوكرانية. وذكر أفاكوف أن الرئيس الانتقالي أولكسندر تورتشينوف رأس مساء السبت اجتماعاً لمجلس الأمن القومي، درس خلاله «المشاركون المسائل والتدابير المرتبطة بتطبيع الوضع في شرق أوكرانيا». وتجمّع ناشطون قوميون قرب مكان الاجتماع، مطالبين بردّ قوي على الانفصاليين، ودعا ديمترو ياروش زعيم حزب «القطاع الأيمن» أنصاره إلى «الاستعداد للتحرّك». وكان أفاكوف تحدث عن «عدوان» روسي، بعد هجمات منسقة كما يبدو استهدفت السبت مباني عامة في شرق أوكرانيا، بينها دونيتسك حيث اقتحم حوالى مئتي متظاهر مقرّ الشرطة ولم يصادفوا أي مقاومة، كما بدا أن عناصر في قوة مكافحة الشغب انضموا إليهم. إلى ذلك، أوردت وسائل إعلام محلية أن انفصاليين سيطروا على مكتب رئيس بلدية مدينة ماريوبول شرق أوكرانيا، بعد تظاهرة شارك فيها حوالى ألف شخص، دعت إلى قيام جمهورية منفصلة في شرق البلاد. وأضافت أن الشرطة لم تحاول منع الانفصاليين الذين دخلوا المكتب وأنزلوا علم أوكرانيا وأقاموا حواجز أمام المبنى. في بروكسيل، أعرب الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن عن «قلق بالغ من التصعيد الجديد للتوتر والعنف المنسق في شرق أوكرانيا من انفصاليين مؤيدين لروسيا هدفهم زعزعة استقرار أوكرانيا وسيادتها»، مندداً ب «عودة الملثمين الذين يحملون أسلحة روسية ويرتدون بذات عسكرية روسية لا تحمل شارات، كما حصل لدى ضم القرم». ودعا روسيا إلى «تهدئة التوتر وسحب القوات الكثيفة، ولا سيما القوات الخاصة المنتشرة في المناطق القريبة من الحدود» مع أوكرانيا، محذراً من أن «أي تدخل عسكري جديد، أياً تكن ذريعته، سيفاقم عزلة روسيا على الساحة الدولية». في السياق ذاته، أعلن الوزير الفرنسي المكلف العلاقات مع البرلمان جان ماري لوغن أن بلاده «ستُضطر إلى فرض عقوبات جديدة، في حال حدث تصعيد عسكري» في أوكرانيا. وشدد على أن «لا حلّ عسكرياً للمشكلة»، داعياً طرفي النزاع إلى «الالتزام بسياسة تهدئة وعدم التصعيد». وكان مسؤول بارز في الخارجية الأميركية أعلن أن الوزير الأميركي جون كيري أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي «قلقاً عميقاً» لأن الهجمات التي شنّها موالون لموسكو السبت «مُدبرة ومتزامنة مثل هجمات سابقة في شرق أوكرانيا والقرم». ولفت إلى أن «المتشددين مزودون أسلحة روسية متخصصة والزي الذي كانت ترتديه القوات الروسية التي غزت القرم»، محذراً لافروف من «عواقب إضافية» إذا «لم يتخذ الروس خطوات لوقف التصعيد في شرق أوكرانيا وسحب قواتهم من حدودها». في المقابل، أعلنت الخارجية الروسية أن لافروف أبلغ كيري أن أوكرانيا «أظهرت عجزها عن تحمل مسؤولية مصير البلاد». تزامن ذلك مع إعلان البيت الأبيض أن جوزف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، سيزور أوكرانيا في 22 من الشهر الجاري. إلى ذلك، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قلقاً من «الأخطار المتزايدة لحدوث مواجهات عنيفة» في أوكرانيا، داعياً كل أطراف الأزمة إلى «إظهار أكبر مقدار من ضبط النفس». في غضون ذلك، وجّه رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو رسالة إلى القادة الأوروبيين، تدعو إلى «إيجاد مقاربة موحدة للرد» في شأن انعكاسات القرارات الروسية حول إمدادات الغاز إلى أوكرانيا.