أوضح الرئيس السابق لشركة أرامكو السعودية عبدالله بن جمعة أن الوضع الاقتصادي الحالي أفضل من السابق، مبيناً أن أرامكو عايشت تفاوتاً في أسعار النفط وقت إدارته من 10 إلى 160 دولاراً للبرميل، مؤكداً أن الدورة الاقتصادية تأخذ مجراها الطبيعي، وأن الوضع الاقتصادي الحالي ليس بذلك السوء كما في دول أخرى. وأشار ابن جمعة في افتتاح منتدى الثلثاء الثقافي موسمه ال17، إلى أن شركة أرامكو السعودية الحالية هي 15 مرة أكبر مما كانت عليه وقتما كانت أميركية. ونقل تجربة مرت بها شركة أرامكو السعودية إبان حرب الخليج الأولى التي فرضت على الشركة ظروفاً غير متوقعة، وبالتالي تعاملت معها بصورة استثنائية، ووصف حال الشركة وموظفيها وعائلاتهم وقت الحرب، إذ أصيبوا بالهلع والخوف في الوقت الذي كان على الشركة العمل على تعويض النقص في سوق النفط العالمية بزيادة الإنتاج. وأوضح أن إدارة الشركة نجحت تقنياً في إدارة الأزمة بصورة باهرة وأنجزت ذلك بصورة رائعة، مشيداً بدور وزير النفط السابق المهندس علي النعيمي، مبيناً أن إدارة الشركة اكتشفت أن الموظفين كانوا قادرين على تشغيل كل المعامل بصورة جيدة، إلا أنهم اكتشفوا أيضاً أن الإدارة لم تتمكن من التعامل مع حال الخوف والهلع لدى موظفي الشركة بصورة فعالة، وهو درس مهم في ضرورة استخدام ما أطلق عليه «المهارات الناعمة» وهي التعامل مع البشر والوصول إليهم، كي يستوعبوا اهتمام وظروف وأهداف الإدارة، وهي من أصعب المهمات في المؤسسات الكبرى. واستعرض بعض أساليب «المهارات الناعمة» مستشهداً بالعديد من الأمثلة الواقعية والمحلية، منها قدرة القيادة على صناعة فريق متوافق وإعطائهم ثقة بقدراتهم، وخصوصاً في البيئات المتعددة الثقافات والتفاعل بينها، وأهمية التواضع لدى القائد والاستماع لمنسوبي المؤسسة والفريق العامل معه لتشكيل رأي مشترك، إذ إن مهارة الاستماع هي من أهم المهارات المطلوبة. كما أشار أيضاً إلى أهمية إبداء الاهتمام بكل موظف باعتباره عنصراً مهماً في منظومة العمل وإشعاره بدوره في إنجاح المؤسسة، وكذلك أهمية إعطاء الحرية للموظف كي يبدي رأيه فهناك ثراء في الآراء والأفكار عندما تتاح الفرصة للتعبير عنها، مستشهداً بمشروع حملة الابتكار الذي أطلق في شركة أرامكو في 2002، ونتج عنه نحو 10 آلاف فكرة جديدة كل عام في مختلف المجالات، والكثير منها تم تطبيقه أو حصلت على براءات اختراع أو تحولت إلى مشاريع تجارية، وأعرب عن تطلعه حينها إلى أن يكون الشخص الذي يخرج المارد من القمقم. وأضاف حول «المهارات الناعمة» أسلوب الاستمرارية وعدم الاسترخاء، موضحاً أن الاطمئنان يقود إلى وقوع كوراث وهو ينطبق على كل شيء بما في ذلك مباريات كرة القدم، إذ ينبغي أن تكون هناك يقظة وانتباه طول الوقت مهما كانت الظروف مؤاتية. ولفت أيضاً إلى ضرورة التعلم من الأخطاء وتحويلها إلى دروس في النجاح مستشهداً بالعديد من الأمثلة التي وقعت في شركة أرامكو، كحال الانشغال عن المشاريع القائمة بمشاريع جديدة، موضحاً أن القرارات الجيدة هي نتيجة قرارات سيئة اتخذت سابقاً. وأشار إلى أن من أهم أساليب «المهارات الناعمة» استشراف وقراءة المستقبل، فالقيادة ينبغي أن تدرك وتستوعب المتغيرات، وأن تكون لديها القدرة على فهم الظروف المستقبلية واستيعابها، مستشهداً بالتوجه مبكراً لدى الشركة للانفتاح والعمل في الصين وشرق آسيا منذ فترة طويلة.