رسالة قوية وواضحة يبعث بها العاملون في مشروع مدينة جازان الاقتصادية ومشروع مصفاة وفرضة جازان، اللذين تنفذهما أرامكو السعودية، مفادها «جازان المخلاف السليماني بخير، وأهلها وضيوفها بخير»، مجسِّدة أسمى معاني قيمة المواطنة للارتقاء بهذا الجزء من وطننا الغالي وتحويله إلى قلعة من قلاع التنمية الصناعية والاقتصادية التي تجلب الخير للمنطقة، وفقًا للسياسات الوطنية الطموحة، مستحدثة مجموعة من المشاريع والتقنيات والبرامج المتطورة، والتي من بينها ما يتم تنفيذه لأول مرة على مستوى الشرق الأوسط، ويقودها حماس الشباب وخبرة الكبار. «اليوم» تجوَّلت في مدينة جازان الاقتصادية وخرجت بالتقرير التالي: البداية قوية تعتبر مدينة جازان الاقتصادية إحدى أهم المدن الاقتصادية بالمملكة، والتي دُشِّنت من قبل المغفور له، بإذن الله، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في 22 شوال 1427ه الموافق 14 نوفمبر 2006م. وستكون هذه المدينة إحدى ثمار التعاون المشترك بين الهيئة العامة للاستثمار وإمارة جازان ومجلس الاستثمار. وفي 29 من ذي الحجة 1433ه، الموافق 14 نوفمبر 2012م، وفي احتفالٍ تاريخي، وقَّع ممثلون لثمانٍ من شركات المقاولات السعودية والدولية مع أرامكو السعودية، عقود الإنشاءات والتوريد لمصفاة وفرضة جازان. ويتم تشييد مدينة جازان الاقتصادية على شاطئ البحر الأحمر وعلى بُعد 66 كم من مدينة جازان شمالًا، و20 كيلو مترًا من محافظة بيش غربًا، على مساحة تقدَّر ب 103 كم مربعة، ولها ساحل بطول 11.5 كم. ويتميّز الموقع بتوافر المواد الخام، وبمحاذاة أهم طرق الشحن على البحر الأحمر. ومما لاشك فيه أن قرب مدينة جازان الاقتصادية من المطار الدولي الجديد الذي يقع على بعد 66 كلم جنوبًا، سيزيد من سهولة الوصول إليها، بالإضافة إلى الطريق الجديد المقترح الذي يمتد شرقًا، وكذلك خط السكك الحديدية المخطط لإقامته لربط المدينة الاقتصادية مع مدينة جدة، والتي تقع على بُعد حوالي 600 كلم شمالًا. وتمّ تكريس ثلثي المدينة الاقتصادية لإقامة منطقة صناعية متطورة مجهّزة بأكثر الشبكات تفوقًا، وأحدث مرافق البنى الأساسية تطورًا، خاصة المشاريع الصناعية الثقيلة والثانوية، بما في ذلك الطرق وشبكات المياه والمياه المحلاة وتصريف المياه الصناعية والصرف الصحي وشبكات الكهرباء، وغيرها من المرافق والخدمات. وبالإضافة إلى الميناء والمدينة الصناعية، ستشمل مدينة جازان الاقتصادية الأقسام التالية: مركز الخدمات اللوجستية. المركز الثقافي. مصنع تحلية المياه والتبريد. الكورنيش. المنطقة السكنية. منطقة الخدمات الصحية. جزيرة مركز الأعمال. المنطقة التعليمية. ومن المتوقع أن تحتل جازان مكانًا بالغ الأهمية في اقتصاد إقليمي سريع النمو، عندما يتضاعف تقريبًا عدد السكان في شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي على مدى العشرين عامًا القادمة. سباق الزمن يقوم العاملون في مشروع مصفاة جازان حاليًا بجهود كبيرة ليسابقوا الزمن وينجزوا المطلوب منهم، في وقت قصير. يقول سلطان حسن كاملي، من منطقة الكواملة: «نحن موظفي أرامكو السعودية معروفون بمقارعة التحديات مهما كانت الظروف، وبالفعل في كل مرة ننجز مشاريعنا ونسلمها غالبًا قبل المواعيد المحدَّدة سواء المشاريع العادية أم المشاريع العملاقة. وهنا في جازان سيكون العام 2018م شاهدًا على التزام الشركة بتنفيذ وعودها بإنجاز وتحقيق طموحات المملكة في الوقت المحدَّد، إن لم يكن قبله، إن شاء الله». بصمة أرامكو السعودية ويقول أحمد سعد القحطاني، مدير مشروع في إدارة مشروع مدينة جازان الاقتصادية: «يوجد هنا الكثير من الموظفين والعمال، الذين ينتمون لأكثر من 15 جنسية، وجميعهم سعداء بوجودهم هنا للعمل في مشروع مدينة جازان الاقتصادية ومشروع مصفاة وفرضة جازان. ويؤكد القحطاني حرص أرامكو السعودية على تطوير جميع المقاولين الأكفاء ليكونوا مؤهّلين للعمل معها ومن أجل ذلك تعقد الشركة ورش عمل تجمع فيها المقاولين وتقدّم فيها بعض العروض المهمة والضرورية لكي يفهم المقاولون أهمية معايير السلامة والجودة التي تؤدي بها أرامكو السعودية أعمالها. منافسات في الإنجاز والرياضة يقول كمال سالم، الناظر في قسم خدمات أحياء السكن في المشروع، يوجد موظفون من مختلف الجنسيات، حيث لدينا الآن 600 موظف وسيبلغ عددهم 2220 موظفًا مع نهاية العام 2015م.. لهذا فإننا نعمل على قدم وساق لإنشاء مرافق رياضية وترفيهية لكي يكون المكان مهيأً أكثر من السابق لحياة طبيعية وعادية مثل إنشاء 6 ملاعب تنس، وملعبين لكرة السلة، وملعب كرة طائرة، وملعبين لكرة القدم وسوبر ماركت يجد فيه الموظف كل ما يحتاجه، حيث لا يضطر للخروج من الحي. كما يجري توفير عيادة بها طبيب وممرض وصيدلية وسيارة إسعاف وكذلك طائرة إخلاء طبي والاستعداد للاستجابة لجميع أنواع الطوارئ. الأتربة الناعمة الصديقة لا يمكن لك إلا أن تصادق الطقس في جازان لكي تستطيع التعايش معه وفيه، فعندما تزور موقع بناء مشروع المدينة الاقتصادية أو مشروع بناء مصفاة جازان والفرضة، ستجد نفسك محاطاً بعدد من الأصدقاء الذين فرضتهم طبيعة المنطقة، هؤلاء الأصدقاء هم الأتربة الناعمة «الطعوس» وحرارة الطقس، والرطوبة، فلابد من التكيف معهم لتستطيع تأدية عملك على أكمل وجه. في ساحة العمل، عدد من موظفي أرامكو السعودية وموظفي شركات المقاولات، قبلوا كل هذه التحديات الطبيعية التي فرضتها بيئة المكان، وصارت جزءاً منهم وصاروا هم جزءاً منها. لهذا فهم يؤدون أعمالهم دون انقطاع حيث يعملون صباحاً من الساعة السادسة حتى العاشرة، ثم يرتاحون لفترة ليعودوا إلى العمل من الساعة الثانية ظهراً حتى السادسة مساءً. وفي فترة استراحتهم هذه، تنشط عادة موجات العواصف الترابية وترتفع درجات الحرارة. رؤوف معوض مهندس الإنشاء، والمسؤول عن بناء الخزانات الضخمة في ساحة مشروع مصفاة جازان، يقول: "إنه بالرغم من أننا نعيش وقتاً صعباً بسبب ظروف الطقس الصعبة، إلا أننا في النهاية يجب أن ننجز أعمالنا بكل احترافية ودقة، فهذه الخزانات تلعب دوراً استراتيجياً ومهماً لأعمال المصفاة مستقبلاً". ويضيف رؤوف أن الخزان الواحد يستوعب مليون برميل من النفط الخام، ويبلغ ارتفاعه 23 متراً وقطره 126 متراً، ويستغرق بناء الخزان الواحد سبعة أشهر، ومن ثم يتم اختباره على مدى ستة أشهر أخرى. وعند ملء أحد هذه الخزانات السبعة المبنية بنفس الحجم الضخم فإن تدفق النفط للخزان يكون بمعدل 500 متر مكعب في الساعة، وتفريغه من الزيت الخام يستغرق نفس المدة الزمنية. ويبلغ مجموع الخزانات التابعة للمشروع 88 خزاناً بأحجام مختلفة. «مهارات» يدرب 5000 شاب يلعب معهد (مهارات) دورًا فاعلًا وحيويًا في تهيئة جيل من الشباب لسوق العمل، وهنا 77 من الشباب الجازاني قد أنهوا برامج مهارات خلال مدة لا تتجاوز 6-9 شهور تعززت خلالها قدراتهم المعرفية والمهنية.. ومعلوم أن معهد مهارات هو نتاج التحالف الذي يضم أرامكو السعودية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وعددًا من مقاولي مشروع مصفاة جازان، حيث يهدف هذا التحالف إلى العمل ضمن إطار شراكة إستراتيجية لتدريب وتوظيف 5000 شاب سعودي من أبناء جازان على مهن وحرف صناعية إنشائية متنوّعة على مدى أربع سنوات. وقد تنوّعت تخصصات الخريجين بين النجارة، واللحام، وتشكيل المعادن، والسباكة. وقول فارس محمد ناصري، من «صبيا» «تخصص في تشكيل المعادن»: «إن العمل متعب نوعًا ما خاصة مع حرارة الطقس الشديدة. لكننا على قدر كامل من المسؤولية، لذا فنحن نؤدي جميع أعمالنا بكل أريحية». وكذلك هو الحال مع زميله خالد عبدو المطني الذي تخصص في تشكيل المعادن أيضًا، يقول: «إننا تعلمنا في (مهارات) كثيرًا من الوسائل التي عززت مهاراتنا».. وزميلاهما إبراهيم عيسى أحمد خضير من بيش، وجابر يحيى الفارس من مسلية، يقولان: «إن الجميع يشعرون بالامتنان لكل من أسهم في تكوين معهد (مهارات) الذي تعلموا فيه ثم انتقلوا لإنجاز الأعمال كما تعلموها على أرض الواقع». الأمن والحماية لا يمكن بالطبع أن تسير أعمال أرامكو السعودية دون المساندة والدعم من واحدة من أهم إدارات الشركة، ألا وهي إدارة أعمال الأمن الصناعي التي توفر الأمن والحماية للإنسان ولمنشآت الشركة عموماً. ففي جازان تقوم دوريات أعمال الأمن الصناعي بأداء مسؤولياتها وواجباتها تجاه الوطن والشركة. فعبدالله علي الطميحي، وعلي محمد مسرحي، وفيصل علي السلمي، وماجد حظيظ الجهني كلهم موظفون في إدارة أعمال الأمن الصناعي حيث يؤدون واجبهم في أجواء مفعمة بالنشاط والحيوية فيشتغلون في نوبات عمل تستغرق كل نوبة 12 ساعة. وينصح هؤلاء الرجال جميع موظفي الشركة بعدم التأثر بالشائعات التي تبثها وسائل التواصل الاجتماعي قبل التحقق من صحتها. تسود جازان الآن روح مفعمة بالنشاط والحيوية والإصرار على التميز في إنجاز مشاريع أرامكو السعودية العملاقة في الجزء الجنوبي الغربي من مناطق أعمالها العزيزة من المملكة. استقرار في الرأي وعزيمة على المضي قُدماً بخطى ثابتة يلمسها كل من يزور موقع المشروع في حياة الموظفين الذين كرسوا جهودهم وأوقاتهم ومعارفهم وخبراتهم ليتجسَّد عزم حكومتنا الرشيدة في تألق هذه المنطقة اقتصادياً لتُسهم في دفع عجلة البلاد نحو التقدم والرقي. طموح وإنجازات أحمد عبدالواسع سعيد، وحسام عريشي، وأحمد جابر مهنا، ثلاثة شُبّان مهندسين احتفلوا بتخرجهم في باحة الهندسة الميكانيكية في جامعة جازان. لا يعملون في أرامكو السعودية، ولكنهم تأثروا كغيرهم من الطامحين بمنجزاتها وأعمالها كمشروع المدينة الاقتصادية والمصفاة والميناء في جازان، فدخلوا معترك البحث عن الوظيفة حتى ضمّتهم شركة تكنيكاس ريونيداس الإسبانية، إحدى الشركات العاملة في المشروع. الشركة الإسبانية أخضعت الشبان الثلاثة لاختبارات في الهندسة لتقيس مدى الطموح لديهم، فوجدت فيهم المثابرة في العمل، والهِمم العالية، فقبلت أوراقهم وأرسلتهم إلى إسبانيا للحاق بفريق التخطيط والتصميم للمشروع من جانبها. لم تكتفِ الشركة بهذا الحد، بل وفّرت لهم فرص إكمال دراسة الماجستير، وقد حقق أولئك الشُبّان هذه الدرجة العلمية في سنتين وعادوا إلى المملكة متسلحين بالعلم واللغة، ولهم خبرة مقدارها سنتان وشهران في شركتهم. يقول أحمد: «أشعر بأن ماجستير تطوير الأعمال يمثّلني ويروي تعطشي في التطوير والتحسين، هكذا أحب أن أعمل. فأوجُه الحياة لن تتوقف على نموذج واحد، بل سيجري التغيير عليها وسيطولنا نحن بني البشر. ولكن حتى يكون التغيير مناسبًا ومميزًا وذا لمسة حيوية، فلا بد أن يتحرك التفكير لدينا بالإلهام». وبينما يقوم أحمد بمراجعة عمل المقاول والتأكد من تطبيق المواصفات المطلوبة، ينظر إلى جهة البحر ويقول: «بإذن الله، أتوقع مستقبلاً عظيماً لهذه المنطقة، انظر هناك، هل ترى تلك الجهة؟ هناك ميناء سيكون له شأن عظيم، ولو كان الاقتصاد رجلاً لتحدث عن تأثيره الإيجابي الكبير أيامًا وأيامًا». ويشاطره الشعور زميله حسام، الذي يُبدع في عمله على المعدات الدوارة والكمبروسرات والمضخات الصغيرة. يبتسم تحت شمس الساعة التاسعة صباحاً ويقول: «قد لا ترون هذا شيئًا كبيرًا، ولكنه على العكس بالنسبة لنا، فأنا عندما أتحدث مع رئيسي الإسباني بلغته وبطلاقة، وعلى أرضي الحبيبة، وفي مشروع طالما سأمضي عقوداً أتحدث عنه؛ فإنها تصنع فارقًا كبيرًا إذا ما تحدثنا عن هضم الخبرة. نعم، هكذا استطعنا أن نثبت أقدامنا وأن يكون لنا قرارنا الجماعي في كل خطوة يظهر فيها مارد التحدي أمامنا». ولا يبتعد زميلهما أحمد مهنا كثيراً، فهو متخصص في قسم (الحاويات المتفاعلة)، وهو تخصص فيه من الميكانيكية والكيميائية ما يستوجب الدقة أثناء العمل. وكما أن للعمل رمزيته، فإن للمكان رمزيته أيضاً كما يراه أحمد، فهو «مزيج من البشر، في منطقة قاحلة، جاءوا ليحولوها إلى منتجعٍ اقتصاديٍ لا مثيل له". ويستطرد أحمد: «الحقيقة لن يكون هناك شيء يشبه هذا المشروع سوى شيء مشترك واحد هو الروح الوثابة للفريق». المشروع يجري تنفيذه على قدم وساق في ظل ظروف الطقس الصعبة أحد العاملين خلال قيامه بمهمة لحام المعادن أحمد القحطاني مدير مشروع في إدارة مشروع مدينة جازان الاقتصادية رؤوف معوض وعادل آل داوود أمام أحد الخزانات الضخمة التي يجري بناؤها ستؤسس عجلة أرامكو السعودية العملاقة لصناعات وطنية وتنمية موارد بشرية وتطوير مدينة اقتصادية في جازان