شهد تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أسواق الخليج تباطؤاً كبيراً في 2009 مع اتساع نطاق تداعيات أزمة المال العالمية على المنطقة، بعد 9 سنوات متتالية من النمو. ويشير تقرير الاستثمار العالمي لعام 2010، إلى تراجع إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المنطقة بنحو 15 في المئة إلى 50.8 بليون دولار، من ذروتها البالغة 60 بليوناً في 2008. ويرى «بنك الكويت الوطني» في نشرته الاقتصادية الأخيرة، أن الإمارات، ثاني أكبر مستقبِل للاستثمارات الأجنبية المباشرة تاريخياً بعد المملكة العربية السعودية، شهدت أكبر انخفاض فيها بنسبة 70 في المئة، بسبب التأثيرات السلبية لأزمة ديون دبي العالمية على الاستثمارات في الإمارة. وعلى رغم التراجع بنسبة 6.9 في المئة في الاستثمارات نحو السعودية، إلا أنها واصلت استقطاب الجزء الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى منطقة الخليج، وبلغت 35.5 بليون دولار. ولا تزال المملكة تتلقى رؤوس اموال أجنبية ضخمة من مستثمرين إقليميين وعالميين، فبلغت الكويتية 4.3 بليون دولار، والأميركية 5.8 بليون، والفرنسية 2.6 بليون، واليابانية بليونين. وتوفر قطاعات الطاقة والصناعة والمواصلات والمالي والعقار، التي تتميز بضخامة حجمها واتساع نطاقها في المملكة، عنصر جذب للمشاريع الاستثمارية. ورأى «الوطني» أن قطر والكويت، وبصورة مغايرة للاتجاه السائد في 2009، كانتا من ضمن الدول القليلة في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي سجلت زيادة في قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال 2009، فاستقطبت قطر، 8.7 بليون دولار، والكويت، 145 مليوناً بنمو 112 و145 في المئة على التوالي. وكان مشروع قطر للغاز الطبيعي المسال والخطط الصناعية المواكبة له، المزمع انطلاقها السنة المقبلة، المستفيد الأكبر من التدفقات الاستثمارية. وبلغت التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة إلى الكويت خلال العقد الفائت 733 مليون دولار، في مقابل 10.2 بليون للبحرين، و72.3 بليون للإمارات العربية المتحدة و129.7 بليون دولار للسعودية. أما من المنظور عالمي، فلحظ «الوطني» أن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الذي سجلته منطقة الخليج بواقع 15 في المئة، كان أدنى من التراجعات التي سجلتها الأسواق الناشئة الأخرى خلال فترة الركود الاقتصادي. واجتذبت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2009 استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 33 بليون دولار، متراجعة 30 في المئة. ونتيجة لذلك، ارتفعت بصورة مضطردة الحصة الإجمالية لمنطقة الخليج من إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية من 52 في المئة في 2007 إلى 60 في 2008. وشهدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصادات النامية تراجعات كبيرة، فانخفضت إلى آسيا 17.5 في المئة وإلى أميركا اللاتينية/ الكاريبي 36.4 في المئة، في حين تراجعت في جنوب شرق أوروبا 42.9 في المئة. وتبعاً لذلك، ارتفعت حصة دول الخليج من تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الأسواق الناشئة من 5.8 في المئة في 2007 إلى 7.7 في 2009. التدفقات من دول الخليج وفي المقابل فإن اقتصادات دول الخليج، التي تتمتع بعائدات نفط وتتطلع إلى تأمين مورد دخل لا يعتمد على سلعة واحدة، لعبت دور المقرض للعالم النامي خلال العقد الأخير. ومع اندلاع الأزمة المالية، تراجعت الاستثمارات الأجنبية الخارجة من دول الخليج في 2009 بنسبة 35.4 في المئة، من 34.3 بليون دولار إلى 22.1 بليون، فيما انخفض إجمالي الاستثمارات الأجنبية الخارجة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (باستثناء دول الخليج) بنحو 67.9 في المئة إلى 5.6 بليون دولار. وساهمت دول الخليج بنسبة 79.7 في المئة من الاستثمارت الأجنبية الخارجة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي، مرتفعة 66.1 في المئة مقارنة مع العام السابق. وكانت السعودية البلد الخليجي الوحيد الذي يسجل نمواً إيجابياً في حجم الاستثمارات الأجنبية الخارجة منه بنسبة 350 في المئة. وصدّرت الكويت 8.7 بليون دولار، فكانت أكبر مستثمر خارجي في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين فقدت الإمارات موقعها كأكبر مستثمر في المنطقة نتيجة لأزمة ديون دبي.