قال قيادي بارز في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم في المغرب أن المشاورات التي يقودها رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران مع الزعامات السياسية منذ تكليفه الإثنين الماضي من قبل الملك محمد السادس لا تبحث في طبيعة الحقائب بقدر ما تبحث في ماهية البرامج التي تحملها الأحزاب المرشحة للمشاركة في الحكومة الجديدة. ودشن بن كيران سلسلة مشاورات مع الأحزاب التي شاركته السلطة وهي «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» و «الاستقلال»، كما شملت أحزاباً معارِضة وعلى رأسها «الاتحاد الاشتراكي» و «الاتحاد الدستوري». وقال وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة المنتهية ولايتها مصطفى الخلفي ل «الحياة» أمس، أن الأولوية «اقتصادية» وأي تحالف «يجب أن يحترم التزام الحزب بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لمحاربة البطالة ورفع جودة الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وتصحيح الاختلالات المالية ودعم المقاولة». وأضاف: «نحن مصممون على تعزيز المكاسب التي حققت النموذج المغربي في المنطقة تحت قيادة الملك». وخفف من حدة الصعوبات التي يمكن أن تعترض مشاورات بن كيران، مؤكداً عزم حزبه إنجاح المفاوضات مع حلفائه، مضيفاً: «نحن متفائلون بتشكيل حكومة تواصل الإصلاحات». وشدد على أن حزبه «سيظل قريباً من الشعب» الذي منحه الصدارة في الاستحقاقات الانتخابية، معتبراً ترشح بن كيران وأعضاء الأمانة العامة لحزبه وفوزهم جميعاً بمقاعد برلمانية، أتيا بخيار حزبي بهدف وضع مسؤولي الحزب أمام المساءلة الشعبية. وحصل حزب «العدالة والتنمية» على صدارة نتائج الانتخابات الاشتراعية بحصوله على 125 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغ عددها 395، متقدماً على غريمه الأبرز «الأصالة والمعاصرة» بقيادة إلياس العماري. وعكس بن كيران الذي ترشح في دائرة انتخابية في مدينة سلا المحاذية للعاصمة، لم يترشح خصمه العماري. كذلك، ترشح زعيم حزب «الاستقلال» حميد شباط وفاز في دائرة انتخابية في مدينة فاس (وسط). وكان قياديون في حزب العدالة والتنمية تحدوا خصومهم بترشيح ذواتهم، معتبرين أن ذلك هو «المؤشر الوحيد لقياس شعبيتهم» ودفع التهم عنهم بتلقي دعم من السلطة. إلى ذلك، نوّه حزب «الاستقلال» ب «حرص جلالة الملك على المنهجية الديموقراطية في تعيين رئيس الحكومة»، مهنئاً حزب «العدالة والتنمية» على «تصدر النتائج وكل الأحزاب الوطنية الديموقراطية التي قادت حملة نظيفة ونزيهة». ودعا بيان صدر عن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عقب اجتماعها أول من أمس، إلى ممارسة نقد ذاتي بالنظر إلى التغييرات الجوهرية والبنيوية الحاصلة، في إشارة إلى الفوز المتلاحق ل «العدالة والتنمية». وطلب بالتحلي بالحكمة «التي يجب أن تظل أكبر من الخلافات السياسية» وهو ما فسر على أنه انفتاح للمشاركة في حكومة رئيس الوزراء المكلف. بيد أن «الاستقلال» أبدى عدم ارتياحه من «ممارسات تناقض أبسط المبادئ الديموقراطية ولا تعمل سوى على بث اليأس من جدوى السياسة والانتخابات بين المواطنين، وتشويه تراكم الإصلاحات السياسية والدستورية التي عرفتها بلادنا»، متهماً بعض رجال السلطة ومرشحين ب «الإساءة للجهد الجماعي الذي بُذل منذ عقود وقُدمت فيه تضحيات جسام». وطعن الحزب المحافظ الذي حصل على 46 مقعداً برلمانياً، نزولاً من 60 في انتخابات العام 2011، بنتائج بعض مرشحيه، مؤكداً لجوءه إلى القضاء نظراً إلى «التجاوزات الفاضحة التي شهدتها بعض الدوائر». وجدد المطالبة بإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات.