يتوجه الناخبون المغاربة إلى صناديق الاقتراع اليوم، لاختيار أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، في الانتخابات الاشتراعية الثانية بعد تعديل الدستور المغربي في العام 2011، إثر موجة الحراك الشعبي التي قادتها حركة «20 فبراير» الشبابية التي واكبت أحداث «الربيع العربي». ويتنافس نحو 30 حزباً ممثَّلة ب 6992 مرشحاً يتوزعون على 92 دائرة في 12 جهة، لكسب أصوات الناخبين الذين يُقدّر تعدادهم بحوالى 16 مليوناً. ويتألف مجلس النواب من 395 مقعداً، وأبرز الأحزاب المشاركة في الانتخابات هي «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحكومي، و «الأصالة والمعاصرة» و «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» و«التقدم والاشتراكية» و«الحركة الشعبية» و«تجمع الأحرار»، إلى جانب «فيديرالية اليسار الديموقراطي»، وهي تجمع أُنشئ في العام 2007 من 3 أحزاب يسارية هي «الاشتراكي الموحد» و «الطليعة الديموقراطي الاشتراكي» و«المؤتمر الوطني الاتحادي». ويتوقع مراقبون أن ينحصر التنافس بين «العدالة والتنمية» و «الأصالة والمعاصرة» الليبرالي الذي يوصف بأنه «حزب القصر» ويأمل بمغادرة صفوف المعارضة وتشكيل الحكومة المقبلة، مستغلاً معاناة المواطنين مع حملة تقشف قاسية نتيجة إصلاحات أطلقتها حكومة رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران. ويحيي الدستور المعدل آمال المعارضة، إذ يفسح في المجال أمام الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات لقيادة الحكومة لسنوات خمس مقبلة، ولو لم يستحوذ على غالبية مقاعد البرلمان. وإدراكاً منه بأن الانتخابات تشكل اختباراً صعباً لشعبيته، دعا بن كيران إلى التصويت بكثافة، مؤكداً أن الاقتراع «ليس حدثاً عادياً، بل قضية مصير وطن»، وجدد اتهام منافسه زعيم «الأصالة والمعاصرة» الياس العماري ب «الرغبة في التحكم والابتزاز وحماية الفساد». وفي آخر مهرجان انتخابي في منطقة تاونات وسط البلاد، خاطب رئيس الوزراء المنتهية ولايته الناخبين أول من أمس، قائلاً: «صوتوا، لأن مستقبل الحكومة الذي هو جزء من مستقبل البلاد، أنتم مَن سيتخذ فيه القرار، وهذه هي الفرصة الوحيدة في 5 سنوات إذا أضعتموها أنتم من سيدفع الثمن». وأكد بن كيران في إطار التراشق الكلامي مع «الأصالة والتنمية» الذي واكب الحملة الانتخابية، أن «لا مشكلة لديه» في التنافس مع مرشحين «معقولين» ولو خسر الانتخابات، لكن ما يضايقه هو أن «يتعارك مع مَن يسعون إلى بسط نفوذهم على البلاد»، في إشارة إلى منافسيه في «الأصالة والمعاصرة»، معتبراً أن ما يهم هؤلاء «ليس مصلحة المواطنين بل التحكم في موازنة البلاد وفي صفقات الدولة». وزاد: «لذا يبتزون الأغنياء ويخيفونهم ويبعدونهم عن العدالة والتنمية». في المقابل، ركز زعيم «الأصالة والمعاصرة» على «تشبث» الحزب الإسلامي الحاكم ب «مواقفه الأيديولوجية». وعبّر العماري عن مخاوفه من «استخدام الأحزاب الدينية كافة الوسائل من أجل التمكن من السلطة». ورفع «الأصالة والمعاصرة» الذي تأسس عام 2008 وفاز بالانتخابات البلدية في 2009، شعارَ «التغيير الآن»، محذراً من أن التجديد ل «العدالة والتنمية» سيقود البلاد إلى «كارثة». وفاز «العدالة والتنمية» في أول انتخابات اشتراعية بعد تعديل الدستور في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، ب 107 مقاعد من أصل 395، ما أهّله لقيادة حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب هي «الاستقلال» و«التقدم والاشتراكية» و«الحركة الشعبية». لكن «الاستقلال» انسحب لاحقاً من الحكومة ليحل مكانه حزب «تجمع الأحرار». وتسعى فيديرالية اليسار بقيادة نبيلة منيب، إلى الفوز بموقع الخيار الثالث بين الإسلاميين والليبراليين، فيما يقاطع أنصار جماعات متشددة مثل «العدل والإحسان» (المحظورة) و «النهج الديموقراطي اليساري»، الانتخابات التي تجرى تحت إشراف أكثر من 4 آلاف مراقب، من بينهم 92 أجنبياً يمثلون 5 منظمات غير حكومية. وخفف وزير الداخلية المغربي محمد حصاد، من حدة الانتقادات الموجهة إلى بعض رجال السلطة بالتورط في التأثير في ميول الناخبين، مؤكداً «حياد الإدارة» و«استحالة التلاعب بالنتائج». وشدد حصاد على «شفافية» الاقتراع، مشيراً إلى أن بلاده تتقدم مع كل استحقاق انتخابي في اتجاه مناخ «أكثر إيجابية».