عاد مجلس الوزراء اللبناني إلى الانعقاد امس، بنصف حضور لالتيار الوطني الحر»، لكنه شهد «زعلاً» كاد يطيحها بعد 3 ساعات على انعقادها، غير أن رئيس الحكومة تمام سلام الذي يجهد لضبط إيقاع عمل الحكومة، أعاد الأمور إلى نصابها، خصوصاً أنه، وكما قال وزير العمل سجعان قزي، «اتخذ قراراً سياسياً ووطنياً بأن مجلس الوزراء يكون منتجاً أو لا يكون». وكانت الجلسة عقدت في السراي الكبيرة برئاسة سلام وغياب وزير واحد (الخارجية جبران باسيل) من ثلاثة من «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يرأسه ميشال عون، والوزير ميشال فرعون (كان مرتبطاً، كما قال، بموعد سابق خارج لبنان) ووزير الإعلام رمزي جريج (بداعي المرض) إضافة إلى غياب وزير العدل المستقيل أشرف ريفي. وكان أمام الوزراء جدول أعمال سابق، عُلق البحث به 4 أسابيع بعد مقاطعة وزراء «تكتل التغيير» جلسات مجلس الوزراء احتجاجاً على مسألة التعيينات وموضوع الميثاقية. إلا أنه قرابة الواحدة والربع أعلن عن انتهاء الجلسة، لكن وبعد أقل من ربع ساعة أخرى، دعي الوزراء إلى الاجتماع مجدداً واستؤنفت الجلسة لتنتهي في الثالثة والنصف تقريباً. وجدد سلام في مستهل الجلسة «مطالبته بتسريع انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو حامي الدستور وحامي الوطن خصوصاً في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ويفترض تحمل المسؤولية بشجاعة ووعي لتوفير مصائب إضافية على البلاد وهي ليست بحاجة إلى مزيد منها». وهنأ سلام «الوزراء على العودة إلى الاجتماع بعد غياب قصير وقسري لإدارة شؤون الدولة والناس بعيداً عن الاحتدام السياسي المتفشي في البلاد». وقال أمامهم: «آليت على نفسي أن أحيد مجلس الوزراء عن التجاذبات السياسية لا عن القضايا السياسية والوطنية حرصاً على عمل المجلس وصوناً له بما يمثل من مربع باق من الشرعية اللبنانية». ثم أطلع سلام مجلس الوزراء على نتائج زيارته نيويورك حيث مثل الدولة اللبنانية في الأممالمتحدة. وقال: «طرحت قضية لبنان أمام كبار مسؤولي العالم ولمست أن الأوضاع في المنطقة معقدة ومتعثرة ولا نزال بعيدين عن الحلول النهائية ما يستدعي بالتالي أن نحصن وطننا وأن نبعد تداعيات الأحداث الخارجية عنه». وأنجزت الجلسة: تعيين اللواء حاتم ملاك رئيساً للأركان في الجيش وتعيين فؤاد أيوب رئيساً للجامعة اللبنانية والتمديد سنة إضافية لمعين حمزة أميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية، وتعيين القاضي عبدالله أحمد مديراً عاماً لوزارة الشؤون الاجتماعية. خلاف واعتذار على أنه خلال الجلسة حصل خلاف بين وزير النقل غازي زعيتر ووزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب خلال مناقشة بند يتعلق بالتعاقد الموقت مع 10 خبراء تقنيين لمدة وجيزة تحت عنوان «شراء خدمات»، وهم من الموظفين المتقاعدين في برج المراقبة في المطار، كي يقوموا بتدريب الموظفين الجدد في البرج، على ان ينتهي عقدهم بانتهاء فترة التدريب، وسأل بوصعب : «هل يمكن ان نعرف من هم لأننا نسمع بأن هناك تعيينات في الوزارة من لون واحد؟»، فغضب زعيتر وقال بصوت عال: «أنا لا أريد هذا البند ولا أقبل بهذا الكلام وسأخرج من الجلسة، وهنا تدخل سلام قائلاً: «طول بالك دعه يتكلم إنه يطرح سؤالاً ويمكن الاجابة بهدوء». لكن زعيتر خرج من الجلسة. ثم عاد واعتذر منه واستكملت الجلسة في شكل عادي. ومن المقررات التي اتخذت بحسب ما أعلنه قزي، تعويضات محددة لمزارعي القمح ولمزارعي التفاح. وقال قزي إن «مقررات مجلس الوزراء أتت بعد انقطاع لمدة لم تتجاوز الشهر، عاد المجلس مجتمعاً متآلفاً منتجاً ومقرراً». وعما إذا كانت هذه الجلسة يتيمة، قال: «لنكن إيجابيين طالما عدنا إلى الاجتماع وكان هناك شبه إجماع على الحضور، هذا يعني أن هناك أجواء جديدة لا بد من أن تستكمل». وعن موعد مقبل لجلسة لمجلس الوزراء، قال: «يمكن أن تحدد جلسات استثنائية أخرى لأنني أنا مثلاً طرحت أن تعقد جلسة استثنائية لموضوع النازحين السوريين في ضوء الموقف والطرح الوطني الذي أدلى به الرئيس سلام في نيويورك حول مشروع إعادة النازحين السوريين بأمان إلى سورية». وقال: «الأوضاع في المنطقة معقدة ولا نزال بعيدين عن الحلول النهائية، ما يستدعي أن نحصن وطننا بوجه التداعيات الخارجية. فكل الجهات السياسية لديها مصالح بانعقاد الحكومة». وشدد على أن «مشاركة بوصعب طبيعية». وأمل بأن «يتم انتخاب رئيس، لكن يبدو أننا يجب أن ننتظر بعد». وكان وزيرا «حزب الله» شاركا في الجلسة، وقال وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي محمد فنيش: «حضرنا حرصاً على عدم تعطيل مجلس الوزراء مع تأكيدنا ضرورة عدم تجاهل مكون أساسي ووطني». وتمنى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «حضور كل الوزراء، لا سيما أن هناك استباحة لمنطق الدولة وأدعو الإعلام إلى الترشيد. فالنصاب السياسي لمجلس الوزراء مهم قبل القانوني ونحن مؤتمنون على مصالح الناس». كما حضر وزير الثقافة ريمون عريجي (تيار المردة) الذي قال لدى دخوله: «في الموضوع الرئاسي فلم نتبلغ أي جديد وأنا كنت أعلنت أنني لن أشارك لجلسة واحدة فقط». واستبعد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن يكون هناك «إجماع على اتخاذ قرارات في مواضيع من ضمنها التعيينات». وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور: «لا مبرر لشل العمل الحكومي». وكان بو صعب أوضح أن باسيل «لن يحضر وللأمر دلالة بالنسبة إليه. شاركنا لأن هناك أجواء إيجابية في البلد والجلسة جلسة اختبار للمواقف وكيفية التعامل معنا في الجلسات الأخرى، ولا دلالات أخرى لها». وكان فرعون وفي تصريح صباحي، أوضح أن «موقفه لم يتغير لجهة ضرورة توافر الطابع الوفاقي في الجلسات، في ظل الفراغ الرئاسي، حتى لو كانت الجلسات دستورية وميثاقية، وهي الصيغة التي وضعها الرئيس سلام». وأمل بأن «تقتصر الجلسة على قرارات لا تتطلب تمثيل رئيس الجمهورية مثل المراسيم وأن تكون مناسبة للحوار حول الأزمة الحكومية».