أنقذ رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام جلسة مجلس الوزراء أمس من الغرق في سد جنة، وهدد برفع الجلسة لأنه لم يعد من الجائز الاستمرار في الجدل بين وزراء يؤيدون استكمال إنشائه وآخرين يشترطون إعداد دراسة مستفيضة حول آثاره البيئية وضرورة التعامل معها بجدية، بخاصة أنه أشبع درساً وبات استحضاره في كل جلسة يعيق الانتقال الى البنود الأخرى المدرجة على جدول أعمال مجلس الوزراء. وشدد سلام لدى تدخله لحسم الجدل البيزنطي بين طرفي النزاع على أن طرحه باستمرار على بساط النقاش يستنزف جلسة مجلس الوزراء، لا سيما أن المشروع أُشبع درساً ولم يعد من مبرر لاستهلاك الوقت في السجال حوله. وجاء تدخل سلام أثناء احتدام النقاش بين وزير الخارجية جبران باسيل الذي تولى الدفاع عن جدوى استكامل انجاز سد جنة في غياب الوزير الأصيل من «تكتل التغيير والإصلاح» ارتيور نظاريان وبين وزير البيئة محمد المشنوق. وعلمت «الحياة» أن باسيل أثار في الجلسة عدم السماح بتفجير الصخور من قبل محافظ جبل لبنان فؤاد فليفل، واتهم أيضاً، لدى البحث في ملف النفايات، المشنوق بالكيدية السياسية، لكن الأخير لم يعلق على اتهامه واضطر سلام الى التدخل لضبط ايقاع الجلسة مهدداً برفعها إذا كانت هناك من نية لمنع المجلس الانتقال الى البنود الأخرى لإقرارها. وهكذا، بقي سد جنة عالقاً ولم يتم التأكد ما ذا كان سيبحث في جلسة لاحقة لمجلس الوزراء أم يترك لمشاورات جانبية في ضوء مطالبة عدد من الوزراء بالاستعانة بالبنك الدولي لإجراء دراسة حول آثاره البيئية على المنطقة بغية حسم الجدل حول ما تضمنته الدراسات المحلية من تناقضات وتضارب في تحديد طبيعة هذه الآثار. إلا أن ترحيل بند سد جنة عن جدول أعمال الجلسة لم ينتهِ فصولاً، إذ ان مجلس الوزراء اصطدم بموقف وزراء «الكتائب» ألان حكيم وسجعان قزي ورمزي جريج الذين اعترضوا على بعض البنود المتعلقة بمعالجة النفايات والخاصة بالتلزيم ودفتر الشروط. وانسحب حكيم وقزي من الجلسة فيما بقي جريج بناء لرغبة سلام لتلاوة مقررات مجلس الوزراء في مقابل تحفظ الوزراء إلياس بوصعب، محمد فنيش وحسين الحاج حسن، إضافة الى باسيل على البندين 6 و7 الواردين في ملف النفايات. وهكذا تجاوز مجلس الوزراء السقوط في انتكاسة جديدة لأن انسحاب «الكتائب» لا يعني انسحابهم من الحكومة، وتوصل الى إقرار بنود جدول الأعمال باستثناء تلك المتعلقة بوزارتي العمل والاقتصاد لانسحاب الوزيرين قزي وحكيم من الجلسة. مجلس الوزراء وإثر انتهاء الجلسة، تلا جريج المقررات وقال إن سلام جدد، كما في كل جلسة، المطالبة ب «ضرورة انتخاب رئيس جمهورية بأسرع وقت لأن استمرار الشغور الرئاسي لفترة طويلة يؤثر سلباً في عمل سائر المؤسسات الدستورية من مجلس الوزراء والمجلس النيابي ويلحق ضرراً بالغاً بالمصلحة الوطنية في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد». وأضاف جريج: «بعد مناقشة عامة تناولت موضوع سد جنة الذي تقرر إرجاء البحث فيه إلى جلسة مقبلة وكذلك موضوع أزمة الصحافة الورقية والاقتراحات المقدمة من وزير الإعلام والتي تقرر تأجيل البحث فيها لغاية ورود رأي وزارة المالية بصددها، انتقل المجلس إلى مناقشة البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة، فأبدى الوزراء وجهات نظرهم في شأنها». ولفت إلى أنه بنتيجة التداول اتّخذ المجلس القرارات اللازمة وأبرز ما جاء فيها: الموافقة على مشروع مرسوم يرمي الى الترخيص بإشغال أملاك عامة بحرية لزوم إنشاء مركز موقت للمعالجة والطمر الصحي ومحطة لمعالجة المياه المبتذلة في محيط مصب نهر الغدير - قضاء عاليه، الموافقة على طلب مجلس الإنماء والإعمار الموافقة على دمج أشغال الحماية البحرية وأشغال معالجة جبل النفايات القائم وأشغال إنشاء وتشغيل خلايا الطمر الصحي العائدة لمشروع إنشاء مركز موقت للطمر الصحي في موقع برج حمود - الجديدة في ملف تلزيم واحد». وعن موقف سلام بعد انسحاب الوزيرين قزي وحكيم، اجاب: «هناك أكثر من وزيرين سجلوا اعتراضهم على البندين المتعلقين بمناقصات مطامر النفايات واللذين بسببهما انسحب الوزيران. كنت من جملة الوزراء الذين سجلوا اعتراضاً». وَأضاف: «الوزيران عبرا عن استيائهما لإقرار القرارين، لكننا كنا نفضل أن يتأجل الموضوع لدراسة معمّقة أكثر لأن في خطة النفايات، ولا أحد يريد الرجوع عنها، ثغرات ينبغي سدها». وعن سد جنة، لفت إلى أن «سلام تمنّى أن يبحث الموضوع في جلسة مقبلة علماً أن بعض الوزراء تطرقوا إلى الموضوع وأبدوا رأيهم». وكان قزي وحكيم انسحبا من الجلسة. وقال قزي: «خروجنا من الجلسة هو لتأكيد اعتراضنا على عدم معالجة موضوع النفايات كما يجب ولوجود ثغرات في مشروع تلزيم ومناقصة ودفتر شروط ومعالجة وفرزها المرشحة ان تتكدس في برج حمود والجديدة». وأضاف: «خروجنا من الجلسة لا يعني بالطبع مقاطعة مجلس الوزراء او الخروج من الحكومة». وأضاف: «سبق ان اعترضنا وتحفظنا وصرحنا وسجلنا اعتراضاً في مجلس الوزراء ولم يتغير شيء، نتمنى ان يكون هذا الخروج خطوة اولية وبداية لتصحيح المسار». وعن حضور الجلسة المقبلة، اجاب: «لا ارى مانعاً من ذلك لأن انسحابنا اليوم هو موقف اعتراضي وليس استقالة». وعن موقف سلام من الانسحاب اجاب: «كان يتمنى ان نعيد النظر في هذا الموقف، لكن لدينا معطيات وظروفاً ومبادئ وقناعات لا يمكن التراجع عنها في مثل هذه القضايا المهمة، موضوع النفايات موضوع حياتي وليس موضوع تزفيت طريق». سد جنة وكانت سبقت الجلسة تعليقات لبعض الوزراء حول سد جنة، فأكد الوزير نبيل دو فريج أن «البنك الدولي يمول اكبر سدود في العالم وطالما ان هناك جهتين كل جهة متمسكة برأيها لماذا لا نكلف البنك الدولي القيام بدراسة جديدة. أما النفايات فكل بلدية اذا كانت جاهزة تستطيع تقديم مشروع للتخلص من نفاياتها وإذا كان جيداً هناك لجنة توافق عليه». وسأل باسيل: «كيف يمكن لملف سد جنة ألا يكون سياسياً وهو يطرح كأول بند دائماً على جدول الأعمال؟». وجدد المطالبة ب «طرح قضية الاتصالات والإنترنت». وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «إصدار قرارات من خلال جدول الأعمال، والحماوة تعني حرارة وإنتاجاً». منع ادخال منتجات سورية وتناول وزير الصحة وائل ابو فاعور موضوع «الحملة السياسية القائمة على قرار وزير الزراعة في موضوع دخول الفواكه والخضر إضافة إلى أربع آلاف تنكة جبنة بيضاء تدخل يومياً الى البلد من سورية». وقال: «صرخة مربي الأبقار ومنتجي الحليب سببها اغراق السوق بالجبنة واللبنة السورية التي تدخل في شكل غير شرعي وكلفة الإنتاج في سورية للفواكه والخضر اقل بكثير من لبنان، واللبناني لا يستطيع تصريف انتاجه وقرار وزير الزراعة تقني هدفه حماية الإنتاج اللبناني من دون خلفيات سياسية». وأضاف: «اما اذا كان هناك من يريد تسييس الموضوع فأقول باسمي ان هذا النظام تعوّد تصدير الموت لا الفواكة والخضر». أما وزير الثقافة ريمون عريجي فأكد أن «سد جنة استراتيجي ومهم ويجب إبعاده عن التجاذب السياسي»، وقال: «نحن مع الاستعانة بخبراء دوليين». وطالب وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي ب «تشكيل لجنة محايدة لإعطاء رأيها ولبحث ملف سد جنة تقنياً ووضع دراسة استراتيجية للمياه». وقال وزير التربية الياس بو صعب: «لن نسمح باستعمال ملف سد جنة للتغطية على ملف الاتصالات وأتوقّع أن نسمع في الجلسة: انسوا ملف النفايات لننسى ملف السد».