وجّهت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، انتقادات لبعض الأجهزة الحكومية في السعودية، وفي مقدمها مجلس الشورى، ووزارة العدل، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمديرية العامة للسجون، وذلك لأسباب عدة أهمها: عدم تأدية عملها على أكمل وجه، ونقص تعاونها. مشيرة إلى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في بعض الأجهزة المتخصصة. وذكرت الجمعية في التقرير الثاني لها، والذي حمل عنوان «أحوال حقوق الإنسان في السعودية» (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن مجلس الشورى مستمر في دوره التقليدي بدرس الأنظمة، ومراجعة الاتفاقات، وتقويم أداء الأجهزة الحكومية، لكنه لم يشهد أي تطور إيجابي باتجاه توسيع المشاركة، وتعزيز دوره الرقابي على أجهزة السلطة التنفيذية ومؤسساتها. وتابعت: «تحرك المجلس كان محدوداً، بسبب افتقاره الصلاحيات اللازمة لذلك». متحدثة عن ضعف دور المجلس في حل ومراقبة بعض المشكلات، التي ألحقت الضرر بالأوضاع المعيشية للمواطنين، ومنها انهيار سوق الأسهم، والارتفاع الذي شهدته أسعار السلع والخدمات. وطالبت بإعادة النظر في آلية تشكيل مجلس الشورى، وأن تكون بالانتخاب بدلاً من التعيين وتوسيع صلاحياته، لتشمل المراقبة وحق مساءلة الوزراء ومراقبة الموازنة، إضافة إلى شمول مراجعة أداء الأجهزة الحكومية الوزارات كافة من دون استثناء. وأكدت «الجمعية»، أن مجلس الشورى لا يزال يتمسك بالسرية في تعامله مع مشاريع الأنظمة، ويرفض اطلاع المجتمع عليها. وبشأن الجهاز القضائي، وصفت «الجمعية»، جهود وزارة العدل في سبيل تطوير مرفق القضاء، وإنشاء المحاكم وتأهيل القضاة، ووجودهم في المناطق والمحافظات بأنها «جهود تسير بشكل بطيء، وتحتاج لجهود مضاعفة من المجلس الأعلى للقضاء». ورصدت بعض الانتهاكات التي تحدث في المحاكم، ومنها عدم حصول المرأة في بعض الحالات على حقها في التقاضي بسهولة، وعدم الالتزام في بعض الحالات بحق المساواة في التقاضي من دون تمييز بين الخصوم في الجلسات، وعدم التقاضي العلني والتمييز، وعدم التزام بعض القضاة بمواعيد الجلسات، والمبالغة أحياناً في بعض الأحكام التعزيرية في عقوبتي السجن والجلد، مشيدةً بأخذ بعض قضاة محاكم الدرجة الأولى ببدائل عقوبة السجن. وطالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن تلتزم التعميم الذي صدر، وينص على أن دورها ينتهي بمجرد القبض على الشخص وتسليمه إلى المراكز الأمنية وعدم نقل المتهمين بسياراتهم الخاصة. ودعت هيئة حقوق الإنسان (الحكومية) إلى تفعيل التخصصات كافة التي أوكلت إليها ومنها زيارة السجون ودور التوقيف دون إذن مسبق وتكثيف مراقبة أداء الأجهزة الحكومية وكشف التجاوزات التي فيها، وأن تسعى لإقناع الجهات الحكومية المختلفة بأهمية احترام حقوق الإنسان في تعاملاتها وتصرفاتها. وعلقت «الجمعية» على وضع المرأة في السعودية بأن البلاد تعيش فترة انفتاح ملحوظ في ما يتعلق بحقوق الإنسان وأن تحسناً واضحاً لوحظ على وضع المرأة، مشيدة بحرص القيادة العليا على الالتقاء بالعنصر النسائي في مختلف المجالات. وأضافت: «موضوع السماح للمرأة بالترشح أو التصويت في الانتخابات البلدية أمر غير واضح على عكس انتخابات مجالس الغرف التجارية وبعض الجمعيات الأخرى». ودعت مؤسسة النقد العربي السعودي إلى إصدار قرار بإلغاء اشتراط موافقة ولي الأمر على حق المرأة الراشدة في فتح حساب باسمها، وإعادة النظر في نظام صندوق التنمية العقارية بخصوص منح الاقتراض للسكن الخاص للنساء. وفي مجال مكافحة الفساد، قالت «الجمعية» في تقريرها إن أهم أسباب زيادة حالات الفساد النمو الكبير في الدخل نتيجة لارتفاع أسعار النفط والقفزة في المشاريع الحكومية والمبالغ الطائلة التي تنفق عليها مع ضعف أعمال المراقبة والمحاسبة، إضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية وعدم قدرة كثير من موظفي الأجهزة الحكومية على الوفاء بحاجاتهم. وعبّرت الجمعية عن استيائها من الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع، وكذلك المشكلات الموجودة في الحقل التعليمي ومن ضمنها تظلمات المعلمين التي تصلها ضد وزارة التربية والتعليم بسبب تعيينهم في مستويات غير مستحقة. واعتبرت أن السجون لا تزال تعاني من الاكتظاظ بأعداد النزلاء، وطالبت بمزيد من الجهد والعمل للانتهاء من الإصلاحيات التي يجري العمل على إنشائها والإسراع في إنهاء توسعة الإصلاحيات، وتفعيل الإفراج الصحي بالشكل المطلوب والحاجة إلى تعديل النصوص التي تنظم ذلك. إشادة بشفافية وسائل الإعلام أشادت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمستوى الشفافية وحرية التعبير الذي وصلت له وسائل الإعلام في السعودية من خلال توجيهها النقد للأجهزة الحكومية، مؤكدة أن دور رؤساء التحرير كبير في تحديد سقف حرية التعبير في الصحف، ولاحظت تأثر المؤسسات الإعلامية الرسمية بروح الشفافية في معالجة قضايا المجتمع. وقالت الجمعية في تقريرها: «هذه التطورات الإيجابية قابلها بعض الإجراءات المتشددة تسببت في بعض القيود على حرية التعبير وأكدت أن الانفتاح الإعلامي يفتقد الاستمرارية» وضربت مثالاً على ذلك بإيقاف جريدة «الحياة» ثلاثة أيام بسبب رفضها إيقاف أحد كتابها الذي تتسم مقالاته بجراءة في نقد أداء الأجهزة الحكومية. وكررت الجمعية مطالبتها للجهات المسؤولة بعدم محاولة التضييق على العاملين في المؤسسات الإعلامية وعدم منعهم من الكتابة لقيامهم بتحقيقات صحافية تكشف بعض التجاوزات والإهمال الحاصل، مشددة على أن التضييق يعتبر تعدياً على حرية الصحفيين في أداء مهامهم والحد من مساهمتهم في الكشف عن التجاوزات.