هل تود الانصراف إلى عالم الفن؟ عالم الأناقة والسحر وحسن المظهر في الملبس والفرش والمأكل؟ ومعها لوازمها وتوابعها من مجوهرات وأحذية وساعات وشنط وجوالات وسيارات؟ نصيحتي لك التي استقيتها من متابعتي المتواضعة للموضة أن العالم ابتدأ يبتعد عن التعقيد والفخامة إلى البساطة والسلاسة. تجد الغرفة شبه فارغة إلا من الأشياء الضرورية والتي يُسلّط الضوء عليها لبساطتها والأهم من كل ذلك لراحتها، والملابس تأخذ أشكالاً انسيابية متحركة مريحة وعملية. وعلى فكرة الأسعار في متناول الجميع، كل الأذواق متوافرة لكل الناس ومن مختلف الطبقات، طبعاً تختلف الخامات وتختلف أسعارها إلا أنّ الذوق واحد. ونحن كعادتنا نستورد كل شيء، فلست أفهم لماذا حين يأتي الموضوع إلى البساطة لا نقلدهم. صحيح أننا نشتري ما يصدرونه إلينا، لكننا نشتري الضعف. نريد من الخزانة خزانتين لتتسع لأشيائنا، ومن الكنبة الواحدة كنباً ليتسع لضيوفنا. ما عاد عندنا ضيوف! لكن علّ وعسى زارونا في السنة مرّة، نُؤيد الكثير ولا نرضى بالقليل علماً أنّ القليل هو الأكثر في عالم موضة اليوم. لكننا لا نُريد أن نبدو «حلوين» نُريد أن نبدو «أثرياء»، وغنى الحياة في البساطة. سأُعطيك مثالاً بسيطاً هو من تاريخ الموسيقى العربية التي كانت معقدة إلى حد كبير، حتى أدخل عليها سيد درويش يده السحرية فغيّر مجراها، فبعد أن كانت مثقلة كجميع أخواتها وإخوانها من الفنون الأخرى بأوضاع معقدة وتقليد وبديعيات لا صلة بينها وبين الحياة، جاء سيد درويش وأدخل عليها عنصر الحياة البسيطة اليومية في التلحين والغناء وأصبحت بعده عظيمة ببساطتها وقربها من الناس وعاشت عصرها الذهبي. وهكذا الحال مع كل الفنون الأخرى بما فيها من ملبس ومعيشة، فكلما عشت البساطة كلما ازددت أناقة وتألقاً، وكلما كنت على طبيعتك ازددت حلاوة وقرباً من الناس. فأيهما أجمل وأكثر فائدة للصحة، إن سبحت في مياه البحر أو في حمام سباحة فخم ولكنه مليء بالكلورين والمواد الكيماوية؟ إذا لامست قدماك رمال البحر أم إذا حشرتها في حذاء إيطالي فاخر؟ العالم يعود إلى البساطة ونحن ودعناها لنستقبل التضخيم والفخامة بدلاً عنها، وحتى الناس السعداء البسطاء من حولنا لم نعد نعرفهم، لا الجيران ولا البويجي ولا العربجي ولا السايس ولا الشيال ولا المراكبية ولا الصياد ولا حتى الخادم الذي يسكن معنا داخل جدران بيوتنا، فنحن لا نتكلم معه ولا نعرفه. لم نعد نرى، لا نتأمل الغيوم في السماء وهي تتشكل والثمار على الأغصان وأغصان الأشجار وهي تتورد، ولم نعد نسمع، لا نسمع زقزقة العصافير ولا حداء الجمّال، نبحث في كل شيء عن الفخامة، فهل نور القمر الفضي الناعم أجمل أم نجف الكهرباء؟ هل العشب أنعم أم مقاعد الخيزران؟ وهل الحب البسيط أريح أم المعقد؟ يا أخي ابحث عن البساطة. لن تكون أكثر ذوقاً فقط ولن تكون أكثر جمالاً فقط ستكون أكثر سعادة. خلف الزاوية هل ترضى مثلي يا حبيبي بالقليل؟ أم أنت تبحث في هروبك عن بديل أحسست منذ لقائنا بشقائنا وبأنني أبحث عن حب مستحيل [email protected]