صعدت موسكو لهجتها حيال العملية العسكرية التركية في سورية، وطالبت انقرة بالامتناع عن خطوات «تزيد في زعزعة الموقف» وسط مؤشرات روسية الى اقتراب اعلان اتفاق مع واشنطن حول سورية. وللمرة الأولى منذ انطلاق العملية العسكرية التركية في شمال سورية، حمل بيان اصدرته الخارجية الروسية لهجة تصعيدية قوية وغير مألوفة نظراً للتقارب الكبير مع انقرة اخيراً، وأعربت موسكو عن «قلق بالغ بسبب توغل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة في عمق الأراضي السورية». وزادت ان «العمليات التركية قد تؤدي إلى تعقيد الوضع العسكري السياسي الصعب في سورية». ولفت البيان الى ان «هذه العمليات العسكرية تجري من دون تنسيق مع السلطات السورية الشرعية ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي»، معتبراً ان التوغل التركي «يضع في دائرة الشك المسائل المتعلقة بسيادة سورية ووحدة اراضيها». وأضافت الخارجية الروسية ان «موقف دمشق الرافض للعمليات العسكرية التركية في الأراضي السورية، يعتبر عادلاً ومبرراً من وجهة نظر القانون الدولي». وزادت موسكو ان «العمليات التركية قد تؤدي إلى تعقيد الوضع العسكري السياسي الصعب في سورية، إضافة إلى تأثيرها السلبي المحتمل في الجهود الدولية الرامية إلى وضع قاعدة للتسوية السورية تضفي طابعاً أكثر استقراراً على نظام وقف الأعمال القتالية، وإيصال المساعدات الإنسانية بلا انقطاع، باعتبار أن ذلك كله يؤسس لمصالحة متينة وتجاوز الأزمة في هذه البلاد». ودعا البيان أنقرة إلى «وضع هذه الأهداف من دون غيرها في مقدمة الاهتمام وقبل التفكير بتحقيق أهداف عسكرية تكتيكية آنية»، كما حضت موسكو الجانب التركي على «الامتناع عن أي خطوات تزعزع الاستقرار اكثر». تزامن هذا التطور مع اعلان موسكو اقترابها من التوصل الى اتفاق مع واشنطن حول سورية، ولفتت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الى ان «الخبراء من الجانبين يعكفون على صياغة آلية ستسمح بالشروع في محاربة الخطر الإرهابي. والانتقال الى الهدف النهائي لهذه الآلية، وهو تحقيق تسوية متكاملة للأزمة السورية على أساس أحكام القانون الدولي المتفق عليها». واعتبرت زاخاروفا أن التسريبات الصحافية حول نية واشنطن مقاطعة العمل المشترك هي «مجرد تلفيقات او محاولات من بعض ممثلي النخبة السياسية الأميركية لاستخدام وسائل الإعلام لتحقيق أهداف سياسية «. ولم يستبعد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن ينضم المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى لقاء يجمع الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف «في القريب العاجل»، من دون ان يحدد موعداً له. وأوضح ان اتصالات ديبلوماسية نشطة تجري حالياً بين روسيا والولايات المتحدة، و»في حال التوصل إلى نتائج إيجابية خلال تلك المفاوضات، سيساهم ذلك كثيراً في تسريع عملية اتخاذ القرار في شأن إجراء الجولة الجديدة من المفاوضات السورية». لكن غاتيلوف شكك في الوقت ذاته في إمكانية استئناف المفاوضات السورية قبل المناقشات المقررة في مجلس الأمن حول سورية أواخر الشهر الجاري. الى ذلك، قال نائب الوزير سيرغي ريابكوف ان «الفرق بين مواقف موسكووواشنطن بات بسيطاً، ويمكننا تجاوزه في حال توافرت الإرادة السياسية». وشدد على ان موسكو «لا ترى ما يهدد بإفشال جهود التوصل الى اتفاق بين موسكووواشنطن قريباً» لكنه اشار الى ان «أهمية وحساسية الموضوع لا تسمحان بالتنبؤ بدقة حول الجهود التي يتطلبها التوصل إلى الاتفاق».