أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، اتصالات مع عدد من الزعماء لدعم الاتفاق الروسي – الأميركي للهدنة في سورية، في وقت أشارت روسيا للمرة الأولى رسمياً الى «اختلاف في وجهات النظر مع دمشق» يجري «حوار بشأنه». وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن بوتين ناقش ملف الهدنة مع الرئيس الايراني حسن روحاني بالإضافة الى مكالمة هاتفية مع الرئيس بشار الاسد، أكد خلالها الأخير التزامه بتنفيذ الاتفاق. وأوضح بيسكوف أن بوتين «سيجري سلسلة اتصالات اخرى والهدف الرئيسي لبحث الوضع في سورية، يبقى وقف إراقة الدماء وتمهيد الطريق أمام التسوية السياسية»، مضيفاً ان «هذا التفاعل (الالتزام بالهدنة) بدرجة أو بأخرى، سيؤدي بطبيعة الحال، لزيادة الثقة المتبادلة». وقال بيسكوف ان النقاش مع الأسد تطرق الى السبل العملية لتطبيق اتفاق الهدنة. كما أكد الطرفان «أهمية الاستمرار في محاربة تنظيمي «داعش» و «جبهة النصرة» وغيرهما من المجموعات الإرهابية بلا هوادة». وأضاف الناطق أنه «تم بحث مختلف جوانب الأزمة السورية في ضوء مسائل تطبيق البيان الروسي - الأميركي بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سورية». ولفت إلى أن «الأسد قيم مضمون البيان المذكور كخطوة مهمة باتجاه التسوية السياسية، وأكد استعداد الحكومة السورية للمساهمة في تطبيق الهدنة». وفي اشارة تعد سابقة، قال بيسكوف ان «موسكوودمشق تجريان حواراً في شكل دائم حول تسوية النزاع المسلح، ومواقفهما في هذا المجال متشابهة لكنها ليست متطابقة تماماً»، موضحاً ان لدى الطرفين «وجهات نظر متشابهة إزاء التطورات وآفاق التوصل إلى التسوية السياسية، لكن وجهات النظر ليست متطابقة. ولا شك في أن لدينا اختلافات». وقال إن دمشق لا تشارك في المشاورات الروسية - الأميركية حول ترتيبات الهدنة، و «الحديث هنا يدور عن مفاوضات روسية - أميركية مغلقة». ولمح الى مساع تقوم بها موسكو للضغط على الاسد الذي وصفه بأنه «الرئيس الشرعي الوحيد لسورية»، مضيفاً: «من الطبيعي أن تكون له آراء خاصة به بشأن مختلف ترتيبات التسوية السورية، لكن في هذه الحال بالذات تستخدم روسياوالولاياتالمتحدة نفوذهما وقدراتهما من أجل تقريب مواقف الدول التي لها وجهات نظر متضاربة على الإطلاق في ما يخص التسوية وإحراز هذا الهدف يتطلب عملاً دقيقاً جداً». الى ذلك، أكد الكرملين انه تم خلال الاتصال الهاتفي مع روحاني «التأكيد على أهمية عمل روسيا وإيران المشترك، في قضايا الحل في سورية، بما في ذلك، الاستمرار بحزم في محاربة «داعش» و «جبهة النصرة» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، الواردة في قائمة مجلس الأمن الدولي». الى ذلك، أعرب بيسكوف عن استغراب لتصريح وزير الخارجية الاميركي جون كيري عن «خطة بديلة حول سورية» في حال فشلت الجهود الجارية للتهدئة، وقال ان «موسكو تركز على خطة «أ» وتعتبر ان البحث والعمل على تنفيذ الخطة من أولوياتنا». وزاد ان المطلوب العمل على «المهمات التي قام بصياغتها الرئيسان بصفتيهما رئيسين مشاركين للمجموعة المعروفة»، مذكراً بأن بوتين قال في كلمته عند اعلان الاتفاق إن روسيا تعتزم العمل في شكل وطيد مع دمشق والسلطات الشرعية في سورية، «لكنها تأمل في أن يقوم شركاؤنا الأميركيون بالجزء الخاص بهم من الجهد وان يستخدموا تأثيرهم على المجموعات التي يدعمونها». وكانت الخارجية الروسية قالت ان موسكو «لا تعرف شيئاً عن الخطة «ب» التي تتكلم عنها الولاياتالمتحدة». وأفادت الناطقة باسمها ماريا زاخاروفا: «بذلنا جهوداً مكثفة لصياغة البيان، وعلينا أن نبذل كل ما بوسعنا من أجل تطبيقه عملياً ولا يجوز للجانب الأميركي أن يفقد الأمل مسبقاً». وفي وقت لاحق امس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن «ما يصدر عن الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من شكوك في إمكانية استمرار الاتفاق مع روسيا في شأن سورية، نسمع فيها دعوات للحرب وليس للسلام». وقال خلال لقاء مع عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق سام نان، ان «كثيرين يرغبون في منع التطور الطبيعي للتعاون بين موسكو وواشنطن، وثمة من يحاول تقويض أي إمكانية لتعزيز الاتفاقات الروسية الأميركية، وتعزيز التعاون في ما بيننا حول القضايا الأكثر إلحاحاً في عصرنا». على صعيد آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن روسيا دعت مجلس الأمن لاتخاذ قرار يدعم الاتفاق الروسي - الأميركي حول سورية. وقال غاتيلوف: «اقترحنا أن يتخذ مجلس الأمن قراراً يعبر عن دعم المجلس للبيان المشترك (حول الهدنة) ويدعو إلى تطبيقها». وأضاف أن «من مصلحة الجميع أن يتخذ القرار بأسرع ما يمكن». وأوضح غاتيلوف أن المشاورات مع الأميركيين تتناول تفاصيل مضمون القرار المقترح، مضيفاً أن نص المشروع لم يوزع بعد على أعضاء المجلس. وفي طهران، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن بلاده تؤيد وقف إطلاق النار في سورية. وقال عبداللهيان كما نقلت عنه وكالة الأنباء الايرانية الرسمية (ايرنا): «منذ بداية الأزمة في سورية، شددت ايران دائماً على وقف لإطلاق النار. نحن نثق بالتزام الحكومة السورية احترام وقف إطلاق النار، لكن ليس واضحاً ما اذا كانت المجموعات المسلحة المرتبطة بالمجموعات الارهابية المعروفة ستحترمه». وأضاف ان «طهران بذلت على الدوام جهوداً لمكافحة الارهاب وإرساء وقف لإطلاق النار وتسهيل (ايصال) المساعدة الانسانية وإقامة حوار بين السوريين».