بحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس مع نظيره المصري المستشار عدلي منصور آخر التطورات على الساحة الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة، إضافة إلى آفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وكان عباس شارك أمس في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة، وهو الاجتماع الذي طلبت دولة فلسطين عقده للبحث في فشل المفاوضات الحالية مع الجانب الإسرائيلي والتي ترعاها الولاياتالمتحدة. وقبيل انطلاق الاجتماع الطارئ بحث رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار في اجتماعين منفصلين مشروع البيان المعروض على الاجتماع مع كل من الرئيس عباس والأمين العام للجامعة نبيل العربي، حيث جرى التشاور في شأن الخطوات الواجب اتخاذها عربياً لدعم المفاوض الفلسطيني. وفي بداية الاجتماع الطارئ تحدث مزوار متهماً إسرائيل بالإخلال بالتزامات السلام وتحريف المفاوضات بابتداع شروط تعجيزية إضافية، معتبراً أن ذلك يمثل برهاناً آخر على أن إرادة السلام لا تزال غائبة لديها. وقال مزوار: «إن مجمل الحيثيات الأخيرة تجعلنا نتفهم القرار الفلسطيني بالانضمام إلى 15 اتفاقية دولية، وهو قرار عبرت فلسطين من خلاله عن حقها في ممارسة سيادتها كدولة، خصوصاً بعد قبولها في الأممالمتحدة بصفتها دولة مراقب غير عضو». ونوّه مزوار بالجهود الحثيثة للولايات المتحدة لإنجاح المفاوضات، «وهذا ما لمسناه في خطوات وزير الخارجية الأميركي جون كيري وتحركاته وهو أكد لنا، خلال زيارته الرباط منذ أربعة أيام، حرصه على ألا يفوت الطرفان هذه الفرصة التاريخية، وأن تتواصل المفاوضات لبلوغ تسوية شاملة وعادلة لهذا النزاع». وأشار مزوار إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، بصفته رئيساً للجنة القدس، سلم كيري يوم الجمعة الماضي ملفاً تضمن إحصاء بالانتهاكات الإسرائيلية للقدس الشريف. وأكد مزوار أنه على رغم الموقف الشجاع للرئيس عباس بتشبثه بالسلام العادل من خلال خيار المفاوضات، والالتزام الأميركي الواضح، ما زال الطرف الآخر يصر على المناورة والإخلال بالالتزامات مع الاستمرار في سياسة مصادرة الأراضي وسلب الممتلكات ومحاصرة المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكثيف وتيرة الاستيطان والانتهاكات المتتالية في القدس الشريف وحول المسجد الأقصى المبارك. وشدد مزوار على الدعم العربي لخيار المفاوضات، ولكنه قال: «إن أي تمديد لأمد هذه المفاوضات لن يكون ذا جدوى إلا بتجسيد الالتزام عملياً بالسير نحو الرفع النهائي للاحتلال، وإيجاد حلول توافقية لجميع القضايا العالقة». وأشار إلى أنه أمام المعطيات الواقعية، يبدو واضحاً أن تحقيق هذا الالتزام رهن بالدور الضاغط للولايات المتحدة على الجانب الإسرائيلي من أجل ثنيه على الاستمرار في تعويم المفاوضات والتنصل من العهود ومواصلة سياسة الاستيطان بهدف تغيير الوضع على الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع. وعقب الجلسة الافتتاحية عقدت جلسة مغلقة في حضور الرئيس عباس وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي قدم عرضاً مفصلاً حول ما آلت إليه الاجتماعات الثلاثية الفلسطينية - الإسرائيلية - الأميركية الأخيرة في القدس. واعتبر كاتب الدولة للشؤون الخارجية التونسية فيصل وقعية ما آلت إليه المفاوضات من تعثر، إنما هو نتاج حتمي لسياسة إسرائيل القائمة على المناورة، وربح الوقت وخلط الأوراق والاستمرار في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية، وتكثيف عمليات بناء الوحدات السكنية وتوسيعها ومصادرة الأراضي وفرض واقع جديد على الأرض. وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي بحث مع أبو مازن مساء الثلثاء التطورات الأخيرة التي شهدتها المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية والعقبات التي تواجهها، وأكد فهمي للرئيس الفلسطيني استمرار الدعم المصري الكامل للقيادة الفلسطينية ولتمسكها بالتوصل إلى تسوية سلمية تقوم على المبادئ والقرارات الدولية وعلى المبادرة العربية للسلام، باعتبار أن هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم وعادل وشامل. كما جدد فهمي حرص مصر على مواصلة دورها ودعمها لإنهاء الانقسام الفلسطيني من خلال الاتفاقات الموقعة في هذا الصدد، والتي يوفر تنفيذها الأساس اللازم لنجاح المصالحة الوطنية الفلسطينية التي رعتها منذ بدايتها، وثمن استعداد عباس لاتخاذ خطوات عملية لتوفيق الأوضاع الفلسطينية. وكان عباس استقبل في مقر إقامته بالقاهرة مساء الثلثاء رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء محمد فريد التهامي لبحث آخر التطورات على الأرض الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني. وأشاد عباس خلال اللقاء بالدور الريادي الذي تقوم به مصر لخدمة القضية الفلسطينية، وإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية.