تتزايد الشكاوى من تسيب المتنزهين والمصطافين، وتتوارد مقاطع مصورة تظهر جانباً من العبث الذي يطاول الحدائق العامة، من إلقاء المخلفات وإهمال النظافة، فضلاً عن التبذير في النعمة وترك كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات مكشوفة بعد تناول قليل منها. وكلما انضم مقطع جديد إلى شبكات التواصل الاجتماعي عادت دوامة الشكوى والتأوه من الحال التي تصل إليها بعض المساحات الترفيهية المفتوحة، من الإهمال وإلقاء القاذورات والمهملات، في أقل قدر من المسؤولية وأكبر مستوى من اللامبالاة، كما يصفها الناشطون في «تويتر». يعلق بعضهم بأن الأمر مرتبط بمسألة الوعي والثقافة المجتمعية، التي تربي على التسيب وضعف المسؤولية، ما ينتج مظاهر سلبية تجاه المرافق العامة والخدمية، إذ يتواطأ الجميع أحياناً على إفسادها وتخريبها، سواء عبر إتلافها والعبث بها أم تجاهل قيمة النظافة بإلقاء المخلفات وتركها وراءهم في طريق العودة إلى منازلهم وممتلكاتهم الخاصة، التي لا تحظى بالقدر نفسه من التعامل المتسيب والمهمل. في حين يرى بعضهم الأمر متوقفاً على قصور منظومة العقوبات، التي تردع وتمنع مثل هذه التصرفات غير السوية، ويستشهد في ذلك بحال السائح السعودي خارج البلاد، إذ يلتزم بقانون البلد الذي يصطاف فيه ويهتم بتجنب الوقوع في الحرج أو العقوبة بترك المهملات أو إتلاف جزء من المرافق، ويردفون أن الازدواجية التي يجدها الفرد تبدأ منذ يستخف بقيمة ما يملكه واقعه المحلي من فرص حقيقية للسياحة والاستثمار الواعي والجاد. ولا يبعد بعضهم بإلقاء المسؤولية على ضعف أداء الجهات الرسمية، التي تعاني جوانب من القصور في الاهتمام بالحدائق والمتنزهات العامة من جهة التنظيم والتهيئة، ورفع الجاهزية لاستقبال أعداد كبيرة من المرتادين تتطلب بنية إرشادية وخدماتية تستوعب مخلفاتهم ونفاياتهم، بحيث توزع الأوعية البلاستيكية والبراميل المجهزة والمتنقلة، فضلاً عن الانتشار البصير في مناطق الحاجة والتطلب. في مقابل الصور السلبية، التي لا تكاد تتوقف، تضيء بعض النماذج الإيجابية التي تحاول تبديد الفوضى ونقل الامتعاض الشعبي من مجرد الشكوى والاستياء وتعزيز النمط السلبي الخامل، إلى مبادرات إيجابية فاعلة ومؤثرة، انطلاقاً من حملات نشر الوعي والثقافة المجتمعية المعرفة بواجبات المتنزه وحقوق الأماكن العامة وآدابها، وصولاً إلى حملات على الأرض لمعالجة المشكلة القائمة والوقوف إلى جانب الجهات الرسمية المعنية لتدارك الحال وتلافي عواقبها. وكثيراً ما نظمت حملات تنظيف الشواطئ والحدائق والمتنزهات الباردة في عسيروالطائف وأبها، فضلاً عن مواقع المهرجانات الصيفية، التي لم تسلم هي الأخرى من أكوام القمامة المتخلفة من توافد الجماهير الغفيرة. يشارك في بعض تلك الحملات مشاهير في مجالات الكرة والإعلام الجديد، بغرض بث الوعي ونشر الرسالة المرجوة لعموم شرائح المجتمع وفئاته، على أمل بأن تؤثر هذه المساعي في تبديل النظرة السلبية ونقل الموقف إلى مرحلة أكثر وعياً ونضجاً وتأثيراً في واقعها، وتشارك في تنظيم مثل هذه الحملات إمارات المناطق ولجانها السياحية والتنشيطية، فضلاً عن مراكز الأحياء ولجان النشاط والتنمية الاجتماعية، ويقوم بالدور الأكثر فاعلية فرق تطوعية تنتشر في مناطق المملكة وتساعد في تغطية كثير من الفجوات القائمة. وكان 130 متطوعاً نجحوا في إطلاق حملة «سياحة نقية لبيئة آمنة»، إذ دشنها أمين عسير صالح القاضي، ومن المقرر استمرارها شهراً، بمعدل حملة أسبوعياً (كل يوم سبت)، كما انطلقت في محافظة الطائف حملة «كن صديقاً للبيئة»، التي ينظمها فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وتهدف إلى نظافة مواقع التنزه داخل الغابات والمتنزهات البرية في منطقتي الشفا والهدا. ونفذت أمانة المنطقة الشرقية في وقت سابق، وامتداداً لحملة برنامج التوعية بأهمية النظافة «ببساطة إماطة»، تنظيف شواطئ ومتنزهات شاطئ نصف القمر، بمشاركة جمعية مهندسي البترول السعودية، ممثلة بفريق الرحلات والخدمات الاجتماعية، وبمشاركة 150 متطوعاً ومتطوعة.