غرقت مدينة غرداية الجزائرية (600 كيلومتر جنوب العاصمة) مجدداً في مواجهات عرقية عنيفة اندلعت مساء الأحد واستمرت أمس وخلفت عشرات الجرحى من السكان ورجال الشرطة، وذلك في وقت تلاشى اهتمام الحكومة بتقديم الحلول الناجعة لتلك المنطقة المضطربة بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 الشهر الجاري. ولم يزر غرداية أي من المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية، ما عدا علي بن فليس، الذي تعهد بفتح حوار جاد بين أطراف الأزمة المشتعلة منذ نحو 4 شهور، إلا أن المجموعة المساندة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة قررت أيضاً معالجة الملف. وكان متوقعاً أن يزور مدير حملة الرئيس الانتخابية عبد المالك سلال غرداية أمس، لمخاطبة الأهالي وعرض برنامج الولاية الرابعة لبوتفليقة، علماً أن سلال فشل في حل الأزمة في غرداية بين العرب والميزابيين (أمازيغ) عندما كان رئيساً للوزراء. وأعلنت السلطات الجزائرية إصابة 38 شخصاً بجروح، بينهم 17 شرطياً خلال مواجهات عنيفة اندلعت بين مجموعات من الشباب أمس، في أحياء عدة في مدينتي غرداية وبونورة المجاورة. كما تسببت المواجهات، التي تخللها تراشق بالحجارة والزجاجات الحارقة ومواد مشتعلة أخرى في أحياء القورطي وبلغنم والعين وبلعديس، بنشوب 19 حريقاً أتت على 10 محلات تجارية، كانت تعرضت للتخريب قبل إضرام النار فيها. واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتقاتلين وإنهاء المواجهات وتجنب امتدادها إلى أحياء أخرى. وكانت مجموعة من الشبان رشقت سيارة تابعة لقوات الأمن بالحجارة قبل تخريبها وإحراقها على مدخل حي بن اسمارة في ضاحية غرداية الشمالية. وانتشرت قوات حفظ النظام بكثافة مدعومةً بوحدات مكافحة الشغب التابعة للدرك، في النقاط الساخنة لوضع حد للمواجهات وحماية الناس والممتلكات. وفي سياق آخر، أكد نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، أن الجزائر تنتظر من الجميع المزيد في مجال مكافحة الإرهاب واستتباب الأمن. وأضاف: «إنني بقدر ما أثمّن وأقدّر لأفراد الجيش والأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الإجرام، تفانيهم الكبير وتضحياتهم وشجاعتهم وصبرهم وإصرارهم على قلع جذور الإرهاب من بلادنا، أحيي عالياً هذه الروح الوطنية». على صعيد آخر، قرر نواب يمثلون تكتلاً إسلامياً يحمل اسم «التكتل الأخضر» مؤلّف من 3 أحزاب (حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح) استدعاء وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز لاستجوابه حول استغلال جمعيات ومنظمات ونقابات في الحملة الانتخابية الرئاسية، الأمر الذي يُعتبر «انتهاكاً صارخاً للقوانين المعمول بها والتي تنص على أن الجمعيات لا يمكن أن تكون لها أي علاقة بالأحزاب، سواء كانت تنظيمية أم هيكلية». وانتقد «التكتل الأخضر» اعتماد الرئيس المرشح على قواعد الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهو أكبر تنظيم نقابي في البلاد ويضم حوالى مليون عامل. وأضاف أن «النظام الداخلي للاتحاد يمنع تحويل النشاط النقابي إلى نشاط سياسي، عكس ما يحصل اليوم، إذ تحول عدد من مكاتبه إلى مقار انتخابية لمرشح معين»، فيما «انخرط أمينه العام في حملة انتخابية لصالح أحد المرشحين عوض وقوفه على مسافة واحدة من الجميع». إلى ذلك، اقتحم عشرات من دعاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية قاعة كانت تستضيف مهرجاناً انتخابياً لأنصار المرشح بن فليس في القويرة (منطقة قبلية تبعد 120 كلم جنوب شرقي العاصمة)، ما أدى إلى تفريق الحضور.