تشكّل القمة اللبنانية - السورية - السعودية التي عقدت في القصر الجمهوري في بيروت، مظلة عربية متجددة لحماية لبنان، وتجنيبه المخاطر المحدقة به، ورسالة تضامن مع الشعب اللبناني في وجه التهديدات الإسرائيلية التي يتعرض لها. وقال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان علي بن سعيد بن عواض عسيري، إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مرحبٌ به في كل أرض تطأها قدماه، ويتضاعف الترحيب في لبنان الذي أحب خادم الحرمين الشريفين قائداً عربياً وصديقاً مخلصاً للبنان وشعبه. وأوضح السفير عسيري في تصريح إلى «وكالة الأنباء السعودية» بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين للبنان، أن الزيارة تعبّر عن عمق العلاقات السعودية - اللبنانية ومتانتها، وحرص القيادة السعودية على الوقوف الدائم إلى جانب لبنان دولة ومؤسسات وشعباً ومؤازرته لمواجهة التحديات التي تواجهه، ولتمكين هذا البلد الشقيق من تحقيق الأهداف التي يصبو إليها على الصُعد كافة، وهي زيارة من أخٍ لإخوته في سياق جولة عربية يقوم بها خادم الحرمين الشريفين بهدف تعزيز التنسيق بين القادة العرب، وتوحيد الصف العربي للتصدي للأخطار المحدقة بالمنطقة. ولفت إلى أن للبنان الشقيق وشعبه بكل طوائفه مكانة مميزة لدى القيادة السعودية حافظ عليها ملوك المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يبدي اهتماماً شخصياً بكل ما يتعلق بلبنان، وهو أول من يسارع إلى نصرته، وتقديم ما يحتاجه هذا البلد الشقيق، انطلاقاً من قناعة راسخة لديه هي أن الجسم العربي واحد وما يصيب بلداً يتأثر به المجموع. وتابع: «ان العلاقات الأخوية التي بنيت بين المملكة العربية السعودية ولبنان منذ تاريخ بعيد لم تقتصر على كونها علاقات سياسية أو ديبلوماسية مميزة، بل اتسمت ببعدها الأخوي العميق الذي توطدت في ثناياه الوشائج التي ربطت الشعبين السعودي واللبناني بروابط أخوية يشعر معها المواطن اللبناني الذي يعمل أو يعيش في المملكة بأنه في وطنه الثاني، ويشعر معها المواطن السعودي الذي يأتي للسياحة أو الاستثمار في لبنان بأنه بين أهله». وأضاف: «ان مواقف خادم الحرمين الشريفين مشهورة وبارزة، فهو في طليعة من ناضلوا عن القضية الفلسطينية وسعى إلى توحيد الصف الفلسطيني واستعادة حقوق الفلسطينيين، وإيمانه بالسلام تجلى في إعلانه مبادرة السلام العربية في بيروت لدفع عملية السلام قدماً، وليضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته». وأشار السفير عسيري إلى أن الجولة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين حالياً لعدد من الدول العربية، ومن بينها لبنان، هي تحرك يؤكد حرصه على لقاء أشقائه القادة، ويعكس اهتمام المملكة العربية السعودية برعاية علاقاتها مع أشقائها العرب، وهي زيارات يتاح خلالها للزعماء العرب التشاور حول كل القضايا وتدارس أوضاع الأمة، وتعهّد المصالح العربية بالرعاية والعناية في ضوء الحركة الدولية والإقليمية، بما يحفظ للمنطقة العربية الأمن والاستقرار، ويؤكد أن المصالح العربية مترابطة. وأكد أن زيارة خادم الحرمين الشريفين للبنان في هذه المرحلة تمثل عمق العلاقات الأخوية بين البلدين وهي علاقات تقودها الثقة وترعاها حنكة قيادتي البلدين، وستشكل معلماً في مسيرة هذه العلاقات التي ظلت حافلة بمواقف مشرفة اتخذتها المملكة تجاه لبنان، بدءاً من اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب، مروراً بالدعم الاقتصادي، والمبادرات الأخوية الرامية إلى تشجيع الأخوة في لبنان على انتهاج الحوار وإجراء مصالحات داخلية كمدخل لتجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة يزدهر فيها العمل الاقتصادي والتنموي الذي يعود على لبنان وشعبه بالتقدم والازدهار. من جهته، أكد السفير اللبناني لدى المملكة اللواء مروان زين أهمية الزيارة التي سيقوم بها خادم الحرمين إلى بلاده، مشيراً إلى أن الزيارة تؤكد مجدداً استمرار اهتمام المملكة الكبير بلبنان وشعبه وقضاياه. وقال السفير اللبناني في تصريح صحافي إن زيارة خادم الحرمين الشريفين للبنان ولقاءه الرئيس ميشال سليمان في هذا التوقيت بالذات يقدم دليلاً جديداً على اهتمام المملكة العربية السعودية بالتطورات على الساحة اللبنانية. وأوضح أن هناك ارتباطاً كبيراً بين لبنان ومحيطه العربي واصفاً الوضع في بلاده بالممتاز بدليل أن بلاده تشهد حالياً توافد آلاف السياح من الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. وكان وزير الخارجية اللبناني علي الشامي أكد في تصريح ل «وكالة الأنباء الكويتية»، أهمية انعقاد القمة اللبنانية السعودية السورية، لافتاً إلى انها «تشكل رسالة دعم قوية للبنان لتجنيبه المخاطر المحدقة به وتجسد معاني التضامن العربي معه». وقال الشامي إن «لبنان الذي يتعرض لحملات إسرائيلية متكررة تارة عبر اختراق إسرائيل شبه اليومي للسيادة اللبنانية وتارة أخرى عبر شبكات التجسس، إضافة إلى التهديدات المستمرة التي تطلق على لسان المسؤولين فيها هو بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تضامن أبنائه ودعم أشقائه العرب للجم هذه الهجمة الإسرائيلية». وبين الشامي نوايا إسرائيل العدوانية المستمرة في زعزعة استقرار لبنان و»التشويش» على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري، هذا إضافة إلى تهربها المستمر من عملية السلام في المنطقة وعدم تنفيذها القرارات الدولية. وقال الشامي انه بعد «البلبلة التي أثيرت حول المحكمة الدولية الخاصة في بلبنان، فان تواجد القادة العرب، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هو بمثابة رسالة مفادها بأن المس بالوحدة الوطنية اللبنانية والاستقرار في لبنان خط احمر». وأشار إلى أن الزيارة التي يقوم بها أمير قطر إلى لبنان التي تستمر على مدى ثلاثة أيام يقوم خلالها بزيارة إلى الجنوب اللبناني حيث سيكون في استقباله هناك الرئيس ميشال سليمان ستكون أيضاً رسالة دعم لأهالي الجنوب ورفض للتهديدات الإسرائيلية. ورأى الشامي ان زيارة القادة العرب إلى لبنان «من شأنها أن تفعل عمل الديبلوماسية العربية ووضع السياسة الدولية على المحك لتجنيب الساحة اللبنانية أي اضطرابات وتشكل رسالة بان لا تلاعب بأمن لبنان واستقراره». من جهة أخرى، أكد مصدر لبناني رسمي أن الوضع في لبنان يستحوذ على حيز مهم من المحادثات إذ «سيتم التأكيد على الحرص العربي على استمرار الاستقرار والهدوء في لبنان على الصعد كافة وتجنيب لبنان أي تداعيات مستقبلية تتصل بوضعه الداخلي أو بالتطورات في المنطقة. وأشار إلى انه «سيعقب القمة الثلاثية اجتماع موسع يحضره بري والحريري وممثلون لمختلف القوى السياسية الفاعلة والشخصيات الدينية مرجحاً أن يكون هذا الاجتماع «بمثابة مصالحة وطنية لبنانية برعاية سورية سعودية». وتوقع المصدر أن تحمل «نتائج القمة الثلاثية كل الايجابيات التي من شأنها أن تنعكس سلاماً على الوضع الداخلي بما يعيد تشكيل مظلة عربية تحمي لبنان».