أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب «سيظل مدافعاً عن سيادته ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه»، موجّهاً انتقادات صريحة لموقف الجزائر من نزاع الصحراء. وقال الملك محمد السادس في خطاب وجّهه إلى الشعب المغربي أمس لمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتوليه العرش خلفاً لوالده الراحل الحسن الثاني: «وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعاً شعبياً عميقاً، وضرورة استراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر التكتلات، فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق، لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة، وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، في شأن قضية الصحراء المغربية، وعن التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية». وستتواصل اليوم الاحد الاحتفالات في مدينة تطوان عبر اقامة مراسيم حفلة الولاء والبيعة وكذلك رئاسة الملك بصفته القائد الاعلى للقوات الملكية حفلة تخريج فوج جديد من الضباط. ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن الملك قوله في خطابه الذي ألقاه امس في تطوان ان «هذه المبادرة المقدامة تظل مقترحاً واقعياً، يتسم بروح الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي، في نطاق منظمة الأممالمتحدة، مؤكداً استعداد المغرب لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية وأمينها العام (بان كي مون) ومبعوثه الشخصي (كريستوفر روس)». وتابع: «سنمضي قدماً في تفعيل الرؤية الطموحة التي حددناها في الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء، سواء بجعل الصحراء المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة أو بمواصلة جهودنا الدؤوبة للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية، أو بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية». ولفت إلى أن المغرب «سيكثّف الجهود لرفع الحصار عن رعايانا بمخيمات تندوف، وتمكينهم من حقهم المشروع في العودة إلى الوطن الأم وجمع شملهم بعائلاتهم وذويهم». وشدد الملك على أن المغرب اعتمد في مساره التنموي على «اختيارات صائبة وناجعة تقوم على أربع دعامات أساسية» حددها في قيام الدولة «بدورها الاستراتيجي» في تحديد الاختيارات الأساسية، وتوطيد الصرح الديموقراطي، وجعل المواطن في صلب عملية التنمية، إضافة إلى «تمكين الاقتصاد الوطني من مقومات التأهيل والإقلاع». وشدد الملك أيضاً على أن «ترسيخ مكانة المغرب وإشعاعه الجهوي والدولي يقتضي تعميق التكامل بين السياستين الداخلية والخارجية ومواصلة انتهاج ديبلوماسية فعالة، لتمتين انفتاح المملكة على محيطها، خدمة لمصالحها العليا». وفي إشارة إلى المخاطر الناتجة من نشاط تنظيم «القاعدة»، دعا الملك محمد السادس إلى «التعاون مع بلدان الساحل والصحراء، ومع الدول الافريقية الأطلسية، لمواجهة المخاطر الأمنية المتعددة». وبخصوص قضية الشرق الأوسط، أكد الملك «أن المغرب ما فتئ يساهم بفعالية في نصرة القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية، وفي الجهود الهادفة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين». وقال: «نهوضاً بأمانة رئاسة جلالتنا للجنة القدس كرمز للضمير الجماعي الإسلامي في الدفاع عن الهوية الأصيلة لهذه المدينة السليبة، وحرمة مقدساتها، نؤكد ضرورة تضافر كل المبادرات والجهود ... وفق استراتيجية متكاملة ومتناسقة، وتحرك عالمي تضامني - إنطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية - للتصدي الحازم للانتهاكات والمخططات التوسعية الإسرائيلية المتمادية في سياسة فرض الأمر الواقع، ومحاولات الاستفراد الإسرائيلي بمصير القدس الشريف، ومن هنا، سنواصل الدفاع عن طابعها الروحي والحضاري والقانوني، كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة».