واشنطن، كابول - أ ف ب، رويترز - نشر موقع «ويكيليكس» المتخصص في الاستخبارات والذي يشجع تسريب المعلومات لمكافحة فساد الحكومات والشركات، اكثر من 90 الف وثيقة عن تفاصيل الحرب في افغانستان، كشفت اسراراً حول الضحايا المدنيين وعلاقات متمردي حركة «طالبان» بإيران وأجهزة الاستخبارات الباكستانية، ما يمكن ان يزيد من شكوك الكونغرس الأميركي في فاعلية استراتيجية الرئيس باراك أوباما في أفغانستان، مع تنامي عدد القتلى في صفوف الجنود الأميركيين. وأشارت «نيويورك تايمز»، احدى ثلاث صحف الى جانب «ذي غارديان» البريطانية و»دير شبيغل» الألمانية التي نشرت الوثائق المستندة الى ملفات تعود لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتقارير ميدانية وضعت بين العامين 2004 و 2010، الى أن «باكستان تخدع الولاياتالمتحدة، اذ يلتقي ممثلو جهاز استخباراتها، وبينهم رئيسه السابق حميد غول، قادة في طالبان لبحث تنظيم الشبكات المتشددة التي تقاتل الجنود الأميركيين في افغانستان، ووضع مخططات لاغتيال زعماء افغان». وقال جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» إن آلاف الوثائق العسكرية الأميركية المسربة من افغانستان تحتوي على أدلة تشير إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب، وشدد على وجوب التحقيق فيها في شكل عاجل. واتهم أسانج القوات الأميركية بالتستر على سقوط قتلى من المدنيين، وقال إن الوثائق السرية تدعم هذه الاتهامات. ورأت «ذي غارديان» ان الملفات التي تكشف تفاصيل حول تزايد عدد القتلى المدنيين «ترسم صورة مروعة للحرب الفاشلة في افغانستان». ونشر الموقع 76 ألف تقرير عسكري تغطي الحرب في أفغانستان ووعد بنشر آلاف أخرى في الأسابيع المقبلة. وندد البيت الأبيض بالتسريبات التي وصفها بأنها «غير مفاجئة، لكنها تضع حياة الأميركيين وحلفائنا في خطر وتهدد أمننا القومي»، بحسب مستشار الرئيس اوباما لشؤون الأمن القومي الجنرال جيمس جونز. وأكد السناتور جون كيري الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ان التسريبات «تشير الى مواجهة السياسة الأميركية في باكستانوأفغانستان مرحلة حرجة، وتحتم الإسراع في اجراء تعديلات لتحسينها»، علماً ان أوباما حدد تموز (يوليو) 2011 موعداً لبدء انسحاب القوات الأميركية من افغانستان. اما السفير الباكستاني لدى الولاياتالمتحدة حسين حقاني فوصف التسريبات بأنها «تصرف غير مسؤول، خصوصاً انها تستند الى تعليقات وشائعات يثبت غالباً انها خاطئة». ودعت الولاياتالمتحدةباكستان مراراً الى ملاحقة جماعات متشددة من بينها بعض الجماعات التي يعتقد ان الاستخبارات الباكستانية احتضنتها كأصول استراتيجية لها في أفغانستان في مواجهة نفوذ خصمها اللدود الهند. وتقول اسلام آباد انها تفعل كل ما بوسعها لمحاربة التشدد مشيرة الى انها أيضا ضحية للإرهاب. وتناولت الوثائق التي نشرتها صحيفة «ذي غارديان» مشاركة ايران سراً في الحملة ضد القوات الأجنبية في افغانستان عبر تزويد حركة «طالبان» بمال وسلاح وتدريب حددت موقعه في مدينة بيرجند شرق ايران المحاذية للحدود مع افغانستان. لكن الصحيفة أفادت بأن التقارير تستند الى معلومات قدمها جواسيس ومخبرون في مقابل أجر «ما يحول دون تأكيد صحتها»، علماً ان ايران رفضت دائماً اتهامها بدعم التمرد في افغانستان. على صعيد آخر، اعلنت «طالبان» ان تشكيل ميليشيات محلية (على غرار ميليشيات الصحوة في العراق) «محاولة من الولاياتالمتحدة لتقسيم أفغانستان قبل سحب قواتها، تمهيداً لتركها في حرب دائمة». ويشكل هذا الأمر حساسية للأفغان اذ يعيد الى الأذهان فترة الحروب بين تنظيمات المجاهدين التي ساهمت باكستان وأميركا في انشائها لمواجهة الغزو السوفياتي خلال ثمانينات القرن العشرين، والدور الذي لعبته هذه التنظيمات في الحرب الأهلية الدموية التي أعقبت انسحاب «الجيش الأحمر».