كانت ومازالت «العرضة النجدية» أفضل الطقوس لاحتفالات أهالي الرياض، إذ إنها أصبحت من التقاليد الرسمية أوقات الأعياد والأفراح، بعد ما كانت سابقاً في أوقات الحروب. وتعد «العرضة النجدية» موروثاً ثقافياً لأهالي «نجد»، ويعتز بها أبناء المملكة، وهي تقليد رسمي للاحتفاء بالضيوف، بما تعكسه من جانب تاريخي لاستقبال الضيف، إضافة إلى تأديتها أوقات الأعياد، محمولاً بالعلم السعودي (البيرق) على الكتف، وملوحاً بالسيف، قارعاً الطبل. ويروي العم عبدالله المطرف عن العرضة السعودية وما لها من واقع جميل للنفس لدى من يؤديها أو يشاهدها، قائلاً: «في الوقت الحاضر لا يعتبر الفرح فرحاً إلا بتأدية العرضة، ونحاول أن نورثه لأبنائنا وأحفادنا، فالعادات والتقاليد والموروث الحضاري والتاريخي أصل من أصول العرب». ويضيف: «إذ كانت سابقاً تنافساً بين القبائل ومن يؤديها بالشكل المتكامل والصحيح على أكمل وجه، لجذب أنظار الباحثين عن هذا الفن الجميل، الذي أصبح الآن جزءاً لا يتجزأ من الموروث الثقافي الفني، ولا نستطيع أن ننسى واقعها لدى ملوك المملكة، بداية بالملك المؤسس عبدالعزيز إلى الملك سلمان، مروراً بالملك عبدالله، الذي اشتهر بحبه لها وبتأديتها والتفاعل معها بشكل كبير». وعن أبرز الأبيات الملقاة وقت العرضة يقول: «في الأصل لا يوجد نص أو بيت شعر محدد، ولكن بعض الشعراء اشتهروا بكتابة الشعر لتأدية هذه الرقصة، ومن أبرزهم الشاعر عبدالرحمن الصفيان الذي كتب (نحمد الله جت على ما تمنَّى.. من ولي العرش جزل الوهايب، خبّر اللي طامعٍ في وطنّا.. دونها نثنى إلي جا الطلايب، يا هبيل الراي وين أنت وحنا.. تحسب أن الحرب نهب القرايب)، والشاعر محمد العوني الذي كتب (منّي عليكم يا هل العوجا سلام.. واختص أبو تركي عَمَا عين الحريب)، والشاعر فهد بن دحيم الذي كتب (نجد شامت لأبو تركي وأخذها شيخنا.. واخرت عشّاقها عقب لطم خشومها)». واستطرد المطرف قائلاً: «كانت تسمى ب«العرضة البرية» سابقاً، كناية عن وقوع نجد وسط الصحراء، وهدفها تجميع مشاعر الجموع نحو هدف واحد، كالتشجيع على خوض الحروب سابقاً، وأيضاً تؤدى في الانتصارات، وفي الزمن المعاصر تقدم في الأعياد الرسمية والمناسبات الوطنية، بمشاركة الرقصات الشعبية التي يؤديها الجميع تلقائياً في المناسبات وأفراح الزواج، ودائماً لها واقع جميل، وجاذبة للجميع، فلا يمكن أن يقوم أي فولكلور شعبي في العالم إلا ويجتمع الناس حوله، لالتقاط الصور، والترديد بالأهازيج الشعرية، فلا أحد ينكر الموروث الثقافي لأرضه وجماعته، والدول المتقدمة تعتز بثقافتها، فمتى ما انسلخ المجتمع من ثقافته ضعف وانهزم». وأضاف: «نحاول اليوم أن نورث العرضة السعودية بجميع أشكالها في كل المناطق إلى أبنائنا وأحفادنا، إذ نعاني صعوبة في ذلك بسبب طغيان الثقافة الغربية عليهم، ولكن في الغالب ما إن يُعرف أحد مؤدياً للعرضة وممارساً ومحباً لها، إلا أن أصبح ابنه كذلك، وما إن يحب الملوك شيئاً إلا وسار عليه الناس، ومايزال ملوك السعودية جميعهم ملتزمين بها، وفي منطقة الخليج بشكل عام، الذي أصبح من البروتوكول الرسمي لاستقبال الضيوف». وختم المطرف قائلاً: «لا يسعني إلا أن أشكر أمانة مدينة الرياض على التزامها بالعرضة في عيد الفطر، والتأكيد على هذا الفن الثقافي، وتأدية أمير الرياض فيصل بن بندر لها فيه تأكيد على التزام الدولة بفنها وثقافتها، وأتمنى من أمانات المناطق تعليم الفنون الشعبية للشباب وزرعها فيهم، والافتخار بالقيم». قصر الحكم وحي البجيري يجذبان الأنظار الرياض - «الحياة» اختتمت مساء أمس (الجمعة) فعاليات الاحتفال بعيد الفطر المبارك لهذا العام، التي نظمتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في ساحات منطقة قصر الحكم وحي البجيري في الدرعية التاريخية، وسط حضور جماهيري كبير من سكان مدينة الرياض وزوارها. العرضة وخيمة الطفل جذبتا زوار منطقة قصر الحكم، وعبَّر عدد من الزوار عن سعادتهم وبهجتهم بالفعاليات التي شهدتها الاحتفالات هذا العام، وبخاصة الفعاليات الموجهة للأسرة والطفل، وأبدوا إعجابهم بخيم الأطفال الأربعة التي تدعم ثقافة الطفل في مجالات عدة تحاكي عدداً من المهن، ابتداء بخيمة الطبيب التي تحوي مجسماً يظهر أعضاء جسم الإنسان الداخلية ووظائفها، كما أتاحت الخيمة للأطفال ممارسة دور الطبيب بارتداء المعطف الأبيض، واستقبال مرضى افتراضيين في ركن العيادة، إضافة إلى اطلاعهم على أنواع الوجبات الصحية، وحفزهم للابتعاد عن المأكولات الضارة والمسببة للسمنة. أما خيمة الإعلامي الموجهة إلى الأطفال الراغبين في صقل مواهبهم في مجال الإعلام، وفَّرت مساحة لتقديم نشر أخبار افتراضية، التي يتزامن معها تصوير الطفل أثناء إلقائه للنشرة، إلى جانب توعيتهم بآلية التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي وطرق الاستفادة منها وتجنب سلبياتها. وأيضاً خيمة الفنان، إذ عايش الأطفال أجواء المرح باكتشافهم طريقة الرسم ثلاثية الأبعاد، والرسم على الوجه، واللعب بالصلصال وتشكيله بطرق إبداعية تنمي قدرات الطفل الفكرية، وأخيراً خيمة العالم التي قدمت فعاليات علمية عرضت بأسلوب مبسط. وأعرب عدد من الزوار عن سعادتهم بفعاليات ساحة المصمك، وبخاصة العرضة السعودية التي تفاعل معها الزوّار لما تمثله من عراقة تتصل بهوية المنطقة وتاريخها. وشهد ميدان العدل إقبالاً كبيراً على أكشاك الأسر المنتجة التي احتضنها الميدان، بواقع 48 أسرة سعوديّة منتجة وحرفيّة، ضمن برامج دعم الكفاءات الوطنيّة. تنوع فعاليات البجيري لاقت استحسان الزوار وشهد حي البجيري في الدرعية التاريخية إقبالاً كبيراً من الزوار للاستمتاع بالفعاليات المتنوعة والمناسبة لشرائح المجتمع كافة، إذ استقطب مسرح الطفل المقام في حديقة المطوية أعداداً كبيرة من الأطفال خلال فعاليات الاحتفال، وتفاعل الأطفال مع ما قدمه المسرح من عروض ترفيهية وتعليمية وتثقيفية للطفل والأسرة. وفي ساحة البجيري استمتع الزوار بمشاهدة عرض السيرك المصغر، وألعاب الخفة، والبالون، ومهارات كرة القدم، وفعالية بشر من زجاج، وغيرها من الفعاليات الشيقة التي لاقت استحسان الحضور، وشهدت الخيمة الشعبية بالحي إقبالاً كبيراً من الزوار للاستماع لمجموعة من أبرز الرواة والمنشدين والشعراء، وسط تفاعل الحضور. نقل «ترددي» أسهم في سلاسة الوصول إلى مواقع الفعاليات. عملت «الهيئة» جاهدة على تيسير وصول الأسر لمواقع الاحتفالات في كل من منطقة قصر الحكم وحي البجيري بالدرعية التاريخية، إذ أتاحت خلال أيام الاحتفالات الثلاثة عدداً من الأدوات والوسائل لهذا الغرض، منها تخصيص حافلات نقل «ترددي» مجانية، أسهمت في سلاسة دخول وخروج الأسر إلى مواقع الاحتفالات.