هوت مؤشرات أسواق المال حول العالم أمس، إذ لم تكن تتوقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقدرت وكالتا «بلومبيرغ» و»رويترز» حجم خسائر الخسائر حول العالم بنحو تريليوني دولار. فيما تراجع الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ العام 1985، كما تأثر اليورو سلباً قبل استعادة بعض خسائره لاحقاً (1.23 يورو مقابل الاسترليني). وبعد خسائر جسيمة لبورصة لندن صباحاً، أغلق مؤشر «فايننشال تايمز» عند 6161.35 متراجعاً نحو 171 نقطة. وفتحت الأسهم الأميركية على هبوط حاد. وسجلت وول ستريت تراجعاً عند بدء التداول من غير ان تستحوذ عليها حالة هلع كالتي سيطرت على البورصات الاوروبية والاسيوية وتراجع مؤشر داو جونز 2.5 في المئة ومؤشر ناسداك 2.88 في المئة. وخسر مؤشر داو جونز الصناعي نحو 450,44 نقطة ليصل الى 17560,63 نقطة، فيما تراجع مؤشر ناسداك للشركات التكنولوجية 141,31 نقطة الى 4768,73 نقطة. اما مؤشر ستاندار اند بورز 500، فخسر 53,05 نقطة توازي 2,51% وصولاً الى 2060,27 نقطة. وتراجعت بورصة باريس بنحو 10 في المئة وفرانكفورت 10 في المئة ولندن بأكثر من سبعة في المئة. وكان وقْع الصدمة شبيه بالأضرار التي نجمت عن إفلاس مصرف «ليمان براذرز» الأميركي في العام 2008، مع تأثر القطاع المصرفي في شكل خاص. وسجل مصرف «دويتشه بنك» تراجعاً بأكثر من 16 في المئة مثل «بي ان بي باريبا» بينما تراجع «سوسيتيه جنرال» بأكثر من 25 في المئة. ومنذ بدء حملة الاستفتاء، كانت الأسواق تخشى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما يمكن ان يترتب عليه من انعكاسات كارثية على الاقتصاد الأوروبي والعالمي وأيضاً على عالم المال. وبعدما ارتفع الجنيه الاسترليني إلى نحو 1.50 دولار عند إغلاق مراكز الاقتراع، عاد وتراجع في البدء إلى ما دون 1.45 دولار ثم إلى 1.40 دولار قبل أن يواصل انهياره إلى مستويات غير مسبوقة منذ العام 1985 ليصل إلى 1.3229 دولار ليفقد أكثر من 10 في المئة من قيمته خلال النهار. وعند افتتاح الأسواق، كان سعر الجنيه يقارب 1.3686 دولار وأغلق عند 1.37 دولار عند الاقفال. في موازاة ذلك، سجلت القيم المرجعية مثل الين وأونصة الذهب ارتفاعاً كبيراً، بينما تهافت المستثمرون على سوق السندات. وارتفع الذهب إلى أعلى قيمة له منذ عامين. وسجلت سندات الدين الألمانية نتيجة سلبية كما كان معدل الاقتراض على عشر سنوات في فرنساوبريطانيا عند أدنى مستوى تاريخي له، بينما أهمل المتعاملون سندات ديون الدول الأكثر هشاشة. وأعلن «بنك انكلترا» (المركزي) استعداده ل «ضخ 250 بليون جنيه استرليني»، على غرار نظيره الياباني الذي أبدى في وقت سابق «استعداده لضخ السيولة» بالتشاور مع المصارف المركزية الأخرى للحد من الأضرار في الأسواق المالية. وحول الأسواق المالية الآسيوية، بدأت بورصة طوكيو بتحقيق أرباح معتدلة قبل ان يتغير هذا الميل في شكل مفاجئ بعد ساعة، لتتراجع بنحو ثمانية في المئة عند الإغلاق. كما خسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانيان «تويوتا» و «نيسان» اللذان لديهما مقرات في بريطانيا أكثر من 8 في المئة. أما بورصة هونغ كونغ فتراجعت بأكثر من خمسة في المئة في النصف الثاني من جلسة التداول. وكان مصرفا «اتش اس بي سي» و «ستاندرد تشارترد» الأكثر تضرراً مع تراجع بأكثر من 10 في المئة و11 في المئة تباعاً. وتأثر النفط أيضاً بالأجواء العامة، مع تراجع بأكثر من ستة في المئة. وقال محلل لدى «سي ام سي ماركتس» في سيدني لوكالة «بلومبرغ» ان «النفط يتأثر بالفوضى التي تسود الأسواق بعد التصويت». وسيشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي انتقالاً نحو المجهول لاقتصاد المملكة مع تباطؤ النمو وارتفاع نسبة البطالة. وعلاوة على الانعكاسات المباشرة على بريطانيا وسواها، فإن الخروج من الكتلة الأوروبية، يمكن ان يؤدي إلى عواقب سلبية على المدى الطويل، كما كانت حذرت المؤسسات الكبرى من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية قبل التصويت. وركز أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي حملتهم على أخطار انهيار الاقتصاد، غير ان تحذيراتهم لم تكن كافية، وباتت بريطانيا بعد الاستفتاء المدوي في مواجهة عاصفة أثارها قرار الخروج من الاتحاد. ويتوقع ان تتحمل الاسواق العربية بعض الخسائر عندما تفتح اليوم وغداً، علماً ان الخسائر الأكبر ستكون لأسهم الشركات المستثمرة في بريطانيا والأسواق الاوروبية.